اقرأ الصفحة 69. كانت هذه الجملة مشتركة بين عدة أشخاص قرأوا مقالي قبل الأخير (سدة القراءة) وقد جذبتني صراحة وآثارت فضولي كثيرًا خاصة أنها المرة الأولى التي اسمع فيها عن هذه القاعدة. بالبحث والسؤال عرفت أن هذه كانت احدى نصائح كتاب (كيف تقرأ كتابًا؟) للكاتبين «مورتيمر أدلر» و «تشارلز فان دورين» مع العلم أن دور الثاني كان في المشاركة في تأليف الطبعة المنقحة لعام 1972م. 

وتتلخص القاعدة باختصار في أن الكاتب يدعو إلى قراءة الصفحة رقم 69 في أي كتاب أو رواية قبل الشراء ، أو قبل البدء في القراءة؛ لمعرفة تطور الموضوع أو الأحداث، وإن كان هذا التطور يجذبه أم لا. هي طريقة مناسبة بشكل أكثر مع الروايات من رأيي. 

يبدو أن الرقم 69 لا يمثل أي شيء بتاتًا، هو مجرد رقم وفقط. ربما قصد به الكاتب أن يكون الكتاب قد تجاوز الربع تقريبًا مما يجعل الحديث أكثر تعمقًا وبالتالي أكثر جذبًا للشخص. ويمكن تعديل النصيحة إلى أن تقوم بفتح منتصف الكتاب مثلًا، أو قراءة الصفحة التي تفتح أمامك بمجرد فتح الكتاب، ورؤية إذا كان الحديث جذاب لك أم لا. 

وحقيقة لقد جعلتني هذه النصيحة أفكر في الأساليب التي يجب على القارئ اتباعها ليس للبدء في قراءة كتاب جديد وفقط، بل وحين الشراء. كيف يمكن للمرء إن لم تكن لديه خطة واضحة للكتب التي يود شرائها أن يجزم بأن هذا الكتاب يناسبه، أم ذلك فلا يروقه اطلاقًا؟ وقد بدأت فعلًا في البحث والقراءة المتعمقة لعدة مقالات في هذا الصدد، وعدة مقالات، ومنشورات لأشخاص متميزين في هذا الباع وتوصلت لعدة نصائح من رأيي أنها الطريقة الأنسب لتخير ما نقتنيه من كتب. 

1- اسم الكاتب 

أحد الأمور التي تحسم الجدل حول الشراء من عدمه هو اسم الكاتب، فإن كان مشهورًا أو معروفًا بجودة أو سوء أفكاره وكتاباته، إن كان لك تجربة سابقة أو تجارب عدة في القراءة له، كل هذا سيساعدك على اتخاذ القرار سريعًا حول الشراء من عدمه. وبالتالي فأول ما يجب أن تقع عليه عينك اسم الكاتب، تعرفه، تحب أسلوبه، تعشق كلماته، تثق في أفكاره توكل على الله واشتري، وإلا فتفضل معي بالانتقال إلى النقطة التالية. 

2- العنوان 

قد يظن البعض أن العناوين غير مهمة بدرجة كبيرة، فهي في النهاية مجرد كلمات بسيطة قد لا تحمل بين طياتها أي شيء سوى اسم أو كلمة ترددت مرة أو اثنتين في الكتاب. وحقيقة هذا الظن غير صحيح، فالكلمة وإن كانت ذكرت مرة أو اثنتين في الكتاب، ولا تعبر عن مضمون الكتاب ككل فهي قادر على جذب انتباه القارئ ولو من على بعد أميال. أذكر في بدايات النشر الورقي للكاتبات دعاء عبد الرحمن، ومنى سلامة. نشر لكليهما عمل باسم غريب (ايماجو) لدعاء عبد الرحمن، و (كيغار) لمنى سلامة. وكانت الإجابة على كل من سأل عن المعنى ستعرف بمجرد قراءتك للكتاب سواء بشرائه، أو حتى اقتناء نسخة الpdf، وهذا جعل الكثيرين وخاصة من لم يقرأوا سابقًا لهاتين الكاتبتين يقرأون العملين فقط لمعرفة معنى الكلمات. من جهة أخرى كتب إبراهيم السكران (مسلكيات - مجريات) هي أسماء غير مشهورة أو دارجة وبالتالي تجذب المشتري بدرجة. 

نصيحتي لك ألا تعمد على هذه النقطة كثيرًا؛ لأنها قد تكون خادعة. والمحتوى يكون ساذجًا تافهًا على عكس الاسم الذي يبدو براقًا رائعًا وعميقًا. 

3- النبذة المختصرة في غلاف الظهر 

في بعض الأحيان تكون النبذة في ظهر الكتاب معلومات عن الكاتب، ولكن في أكثر الأوقات تكون مقتطفات من داخل الكتاب، أو ربما توضيح لهيكل الكتاب أو موضوعه وفكرته الرئيسية. في كلا الحالتين هذه النقطة ستفيدك بدرجة سواء بمعرفة أشياء أكثر عن الكاتب إن لم تكن تعرفه، أو فهم الفكرة الرئيسية للكتاب. ولكن الفائدة لا تكن كافية لتحديد شراء الكتاب أم لا، ولذا وجب أن تراجع باقي الخطوات والنصائح. 

4- افتح الصفحة 69 

أو الصفحة 80، أو الـ 100، ربما الـ 50 لا يهم كثيرًا رقم الصفحة، كن حريصًا فقط على أن تكون قد وصلت النصف أقل أو أكثر بنسبة بسيطة، اقرأ الصفحة قراءة سريعة متفحصة، هل أنت مهتم بالمحتوى؟ لا ... فلنجرب مرة أخرى تخطى الصفحة بعشر صفحات مثلًا أو عشرين، اقرأ سريعًا، مهتم؟ لا ... كرر الأمر للمرة الثالثة والأخيرة، فالتالتة تبتة كما يقولون، فإن كانت إجابتك لا أعد الكتاب لمكانه وغادر من فورك من أمام هذا الكتاب، إلا إذا كنت فضوليًا كثيرًا وتبتغي معرفة بقية الكتاب. 

هذه النصيحة من رأيي من أفضل النصائح على الإطلاق، حيث من المعروف أن البدايات ليست جذابة على الدوام، على عكس ما بعد البداية بقليل تبدأ الحماسة في الاشتعال قليلًا، لتلتهب في المنتصف لأعلى درجة ثم تبدأ في الخمود رويدًا رويدًا وصولًا للنهاية. ولكن لا تظن أن هذه هي المرحلة الأخيرة من تفحص الكتاب ما زالت أمامنا عدة خطوات فلا تتعجل. 

5- موقع جودريدز

لا يوجد كتاب تقريبًا الآن ليس له صفحة على هذا الموقع الجبار، وبمجرد فتح الصفحة ستجد الكثير من التعليقات، والتقييمات والآراء عليه، حاول قراءة بعضها ستكون مؤثرة على اختيارك ربما، وخاصة إن كانت من أشخاص تثق برأيهم. 

6- استعن بصديق

هذه من عندي صراحة، حيث أن أحد الخطوات التي اعمد إليها في شرائي للكتب سؤال أحد الأصدقاء الذين لهم باع طويل في القراءة، حول كتاب بعينه، أو حول ترشيحات حول موضوع ما، لا اكتفي بصديق واحد بل اسأل عدة اصدقاء على حسب متسع الوقت عندي. يمكنك فعل هذا سيفيدك بإذن الله. 

هذا كل ما توصلت إليه فيما يتعلق بالبدء في قراءة كتاب جديد، أو اقتناء آخر. 

ما هي طرقكم إذا يا اصدقاء في اقتناء كتاب جديد؟