لا شك أن الجمال يحتل جزءاً كبيراً من وقتنا وتفكيرنا، فلكل شخص نظرته للجمال التي يستمتع بها دوناً عن غيره، البعض يشعر بالجمال في السينما وله نظرة في الأفلام.. يدرك مدى جمالها من حيث الحبكة والموسيقى التصويرية وزوايا التصوير وأداء الممثلين، والبعض يرى الجمال في الكتب والروايات ويفيض قلبه بالراحة حين يجد كاتباً يفهمه، أو رواية ما تلامس شغاف روحه، والبعض يجده في أبسط الأشياء مثل تجميع الطوابع أو التقاط الصور.

ألم تسأل نفسك من قبل: ماذا يعني لي الجمال ؟ وهل أنا مستعد للإستغناء عنه كونه مكمل بسيط لحياتي ولن بحدث فارق أم أنه شئ أساسي بدونه لن أقوى على العيش؟

لا تتعجل في الإجابة يا عزيزي... فهل تتخيل أن تتخلى عن مصدر شغفك؟ .. قبل أن تجيب على السؤال عليك أن تقرأ ما قاله الظاهرة العجيبة ديستويفسكي عن هذا الأمر.. فربما تغير نظرتك أو تسخر منه!

في رواية الشياطين للكاتب الروسي فيدور ديستويفسكي يتحدث بمنطقه الغريب الذي يفتح لك سيلاً آخر من الأسئلة عن الجمال وقيمته فيقول:

"أقول لكم أن شكسبير ورافائال أجل شأناً من تحرير الفلاحين وأرفع قدراً من القومية، وأعظم قيمة من الإشتراكية وأسمى منزلة من الجيل الجديد، وأهم خطراً من الكيمياء، وأنهما فوق الإنسانية بكاملها تقريباً، لأنهما ثمرة الإنسانية"

عجيبة المقارنة أليس كذلك؟! فهذا هو الأدب الذي يظنه البعض شيئاً للترفيه يقول عنه ديستويفسكي صراحة

"أنه أهم من أساسيات حياتي" بل يقول كذلك في نفس الصدد أنه أهم من أشياء لا يقام هذا العالم إلا بها، أهم من "العلم والخبز"!

فيقول:

"هل تعلمون أن الإنسانية تستطيع أن تستغني عن الإنجليز إذا لزم الأمر، وأن تستغني عن ألمانيا، وأنها تستطيع جدا أن تستغني عن الروس وعن الخبز وعن العلم، ولكنها لا تستطيع أن تستغني عن الجمال، إن الجمال وحده لا غنى لها عنه، إذ بدون الجمال لا يبقى لنا على الأرض ما نعمله، العلم نفسه لا يمكن أن يعيش لحظة بعد زوال الجمال..نعم إن العلم بدون الجمال يتدهور إلى تفاهة فتصبحون عاجزون ساعتئذ عن اختراع مسمار!"

وسؤالي لك هنا عزيزي القارئ : ما هي قيمة الجمال في حياتك؟ وهل يرتقي الجمال لتلك المكانة التي وضعه فيها ديستويفسكي؟