هل تساءلت يوماً عن درجة تطابق تصرفات الشخصية المفضلّة لديك مع ما يتم بثّه في أعمالهم ومقابلاتهم؟

وهل تظن بأنّ الاضطراب النفسي يؤثر على سلوكيات المؤثّرين، فتتولد ثغرة بين ما يدّعونه وما هم عليه؟

هذا ما كان يدور حوله النقاش في كتاب (جنون الفلاسفة) للكاتبين (نايجل رودجرز، وميل ثومبثون)، اللذان قاما بطرح حياة ثمانية من الفلاسفة ومناقشة حياتهم، جاعلين من الفلسفة بوابة للأسئلة التي يمكن عكسها على مجالات أخرى كالأدب والفن والعلم والفكر والسياسة، ..إلخ.

تناول الكتاب حياة كلّ من جان جاك روسو، وآرثر شوبنهاور، وفريدريك نيتشه، وبيرتراند راسل، ولودفيج وتغنشتاين، ومارتن هيدجر، وجان بول سارتر، وميشال فوكو، انطلاقاً من أنّ حياة العقل لا تقود بالضرورة إلى حياة عقلانية.

 في الكتاب محاولة لإنصاف هذه الشخصيات باعتبار أن أخطاء حياتهم الشخصية التي تتعارض مع ما يدعونه في كتاباتهم عبارة عن تصرفات ناتجة دون إرادتهم فقد يكونون ضحية المجتمع مثل العديد من الأشخاص، لأيّ حدّ توافقون على ذلك؟.

يطرح الكتاب العديد من التناقضات والسلوكيات التي يمكن وصفها باللاأخلاقية، فمثلاً هل يمكنك تخيّل بأنّ روسو أنجب خمسة أطفال دون زواج، قام بوضعهم جميعاً في مستشفى اللقطاء؟، لماذا؟ لأنّ أولوياته كانت الشهرة، حيث استغل الدعم الأروستقراطي ليبرز على منافسيه، كان يقبل الهدايا الباذخة من الأثرياء والشخصيات الهامة، عكس المثالية التي سلّط الضوء عليها.

هل يمكنك أن تتصوّر بأنّ آرثر شوبنهاور يكره البشر دون استثناء!؟، والسبب –حسب الكتاب- والدته جوهانا كاتبة الروايات والشعر، تلك التي كانت تخجل من ابنها ولا تجعله يحضر صالوناتها الأدبية، الأم الفقيرة للعاطفة والحنان والتي أثرّت على نظرة الشاب للمرأة، واختياره العزلة، رغم ما برز من انتاجه الأكاديمي وشهرته التي حققها لتكون كتبه المعتمدة في المناهج الدراسية الجامعية.

ماذا أيضاً حول البقيّة؟ بالتأكيد للراغبين في ذلك يمكنكم الاطلاع على الكثير وأنتم تطالعون الكتاب، لكنني هنا أقف بمحطة الاستفسار معكم، وأنا أطالع تاريخ هؤلاء الفلاسفة، وأقرأ الأخبار من هنا وهناك تلك التي يتم نشرها عن كبار الفنانين أو الكتّاب أو العلماء أو حتى كبار السياسيين، لأتسائل بحضوركم:

ماذا سيكون رأيك لو تبيّن لك بأنّ الشخصيّة المفضّلة لديك مضطربة نفسياً، أو متناقضة مع مبادئها ورسالتها التي جعلتك تؤمن بها وتدافع عنها؟، هل ستقف موقف المدافع عنها أم ستكون عقلانياً في مدى تأثرك ودفاعك عن رسائل المؤثرين حولنا؟

وأنت كشخص، لأيّ حدٍ تتوافق وتتصالح تصرفاتك مع أفكارك ومبادئك التي تحادث العموم بها؟