يؤرق بعضنا الانتماء، لنتساءل عن ماهيته وكيف نصل إليه؟ لأننا حين نذكر الكلمة يتبادر لعقولنا الانتماء لوطن أو لفكرة أو لحزب أو جماعة، لكن كولن ولسون أراد أن يفكر بالأمر بكلّ المعاني التي تشتملها الحياة، فكتب وهو ابن الرابعة والعشرين كتاباً أثار الجدل وأسماه (اللامنتمي) حيث ارتكز في كتابه على ذلك الإنسان الذي يحرّر عقله من كلّ انتماء موجود، في محاولة منه لإيجاد الإجابات والنهوض بالحياة الانسانية.

يظن ولسون بأنّ المشكلة الأساسية في اللامنتمي هي أنه يري أعمق مما يجب، لذلك يريد فهم نفسه وفهم الحياة والغرض منها، لأنه يرفض أن يكون تابعاً للقطيع، وذلك بتسليط الضوء على (اللامنتمي) من خلال تحليل وتشريح كتابات كبار الأدباء العالميين والفلاسفة والفنانين، مثل من (ت.س. إليوت)، (همنغواي)، (كافكا)، (ألبرت كامو)، (نتشه)، (جان بول سارتر)، (ديستوفسكي)، (فان كوخ)، (هنري باريوس)، (بنجنسكي)، وغيرهم الكثير.

وفق ولسون فإنك قد تسأل اللامنتمي: ماذا يريد؟! فيجيبك بأنه لا يدري، لأنّ أفكاره وقيمه ومشاعره تتصارع مع واقعه الاجتماعي وعلاقته مع الآخرين فينتهي ببعضهم المطاف بفقدان عقله أو بالجنون أو بالانتحار العقلي، حيث ارتكز الكتاب في نقاش الأنا، والوجودية، والعبثية، والصدفة، والموت، والدين.

يلخّص ولسون الكتاب فيقول: "دعنا إذن نلخص ما توصلنا إليه:

 -  يريد اللامنتمي أن يكف عن كونه لا منتمياً.

-  إنه يريد أن يكون "متعادلاً".

 -  إنه يريد أن يحصل على إدراك حسي حر.

 -  يريد أيضاً أن يفهم الروح الإنسانية وأعمالها.

 -  يريد أن ينجو من التفاهة إلى الأبد، وأن تتملكه "إرادة القوة" من أجل حياة أكثر وفرة.

 -  وفوق كل شيء فإنه يريد أن يعرف كيف يعبر عن ذاته، لأنه يستطيع بواسطة ذلك فقط أن يعرف نفسه وإمكانياته المجهولة.

 -  إن كل مأساة لا انتمائية درسناها حتى الآن لم تتعد مأساة التعبير الذاتي.

 -  ولدينا اكتشافان عن طريق اللامنتمي، يمكنهما أن يقودانا في بحثنا هذا:

  1. إن الخلاص كامن في التطرف.
  2. إن فكرة الخروج إنما تأتيه على شكل رؤى، ولحظات من الشدة.

الكتاب مثير للجدل، لكنه بوابة كبيرة للاطلاع على الفلسفة الوجودية لعصر سابق من الأدباء، ولكن ما يعنيني هنا هو:

كيف ترون الشخص اللامنتمي؟

هل شعرتم ذات مرة بعدم الانتماء للمكان والزمان والأشخاص والمعتقدات والأفكار والجماعات؟ وهل تظنون حقاً بأنّ اللامنتمي أصبح لا منتمٍ لأنه يريد الوصول للحقيقة؟