بالأمس تطرقت إلى فكرة المجازفة لرواية ثلاثية (في اليوم السابع) للروائي البرازيلي باولو كويلهو..

الأمر الذي لفت نظري أيضًا أن كويلهو استوحى روايته من تجاربه التي عاشها حين كان في مستشفى الأمراض العقلية ليضع تجربته في رواية (فيرونيكا تقرر أن تموت).

فيرونيكا -بطلة الرواية- صبية حسناء لم تتجاوز الرابعة والعشرين من العمر، تملك الجمال والمال والعائلة المحبّة، لكنّها تعاني صراعاً مع نفسها الخاوية التي لم تعرف الشغف لذلك لم تقدّر قيمة الحياة، حينها تقرّر فيرونيكا الانتحار من خلال تناول كمية كبيرة من الحبوب المنوّمة على أمل أن لا تفيق بعدها!!.

المفاجأة كانت حين فتحت عيناها لتجد نفسها في مستشفى للأمراض العقلية، حيث يخبرها طبيبها بأنها نجت بأعجوبة من جرعة الحبوب القاتلة لكنها آذت قلبها الذي لن يعيش إلا لأيام معدودة لا تتجاوز الأسبوع.

أسبوع فقط منحته الحياة لفيرونيكا التي لم تكن تجد في الحياة ما يستحق البقاء، أسبوع سمحت الفتاة فيه لنفسها اكتشاف الحياة حولها فلم يعد لديها ما تخشى خسارته، لتسمح لقلبها أن يعيش مغامرة المشاعر التي لم تكن تسمح له سابقاً أن يجرّبها لتتعرف على نفسها من جديد وتختبر مشاعرها من جديد، فتكتشف أن كلّ لحظة من لحظات وجودها عبارة عن خيار وعليها الاختيار!!.

في أيامها الأخيرة تكتشف فيرونيكا حقيقة وجودها لتصبح أكثر رغبة بالحياة وأكثر إقبالاً عليها!!، لأنها أدركت –كما يقول كويلهو- (بأنّ الحياة لعبة) وبأنّ معضلة الناس تكمن –على حدّ تعبيرها- (البشر لهم نفس النظرة الخاوية، لكنهم يتظاهرون باستغراقهم الشديد في أمور مهمة).

ما رأيكم في مقولة كويلهو؟ بأننا نتظاهر بانشغالنا في أمور هامة لنهرب من واقع ما نعايشه؟.

هل حقاً لا نعرف قيمة الحياة إلا حين نشعر بأننا سنفقدها؟؟ لأننا سمحنا لأنفسنا الاستغراق في التفاصيل كي لا ننتبه لجمال الحياة ونتشاركه معاً؟.

ماذا نحتاج لندخل لعبة الحياة ونستمتع بالتجارب الخاسرة كما نفعل بالرابحة أيضاً؟.

في هذه الرواية يعيش كويلهو مع بطلته صراع الأسئلة الجوهرية التي نسألها لذواتنا كلّ يوم، مثل: ماذا أفعل في حياتي؟ ولماذا أستمر في العيش؟ ما الجديد الذي يمكنني انتظاره؟ ولماذا أنا؟ لتجد فيرونيكا الإجابة بعد أن عرفت الشغف وفقدت الحياة، فهل يمكننا ذلك ونحن ما نزال نصارع الحياة؟