اللغة بين نيتشه وهيدغر: صراع التأويل والكشف

يختلف نيتشه جذريًا عن هيدغر في تصورهما لدور اللغة في تشكيل المعرفة والوجود:

يرى نيتشه أن اللغة أداة تأويلية يتم استخدامها لإعادة تشكيل الواقع وفق إرادة القوة.  والحقيقة عنده، ليست سوى استعارات لغوية مُتَكَلِّسة فُرضت اجتماعيًا، وبالتالي فهي خطابات مُقَنَّعة وقابلة للتلاعب.

وأما هيدغر، فيعتبر اللغة مأوى الوجود، حيث تُستخدم للكشف عن المعاني المتخفية في الواقع. وبالنسبة له، فاللغة ليست أداة خادعة، بل هي وسيلة للكشف التدريجي عن الحقيقة عبر زمانية الكائن المُتواجِد (ترجمتي للدّازاين) وسياق تجربته الوجودية.

ففي حين يرى نيتشه أن اللغة تُشوّه الحقيقة، يُؤمن هيدغر بأنها تُنير الطريق إليها. بيد أنهما يتفقان في تمثل مفهوم الحقيقة من خلال رفض النظرة الإطلاقية، وفتح الباب أمام رؤية تنسيبية تنظر إلى الحقيقة كعملية مستمرة من الكشف والتأويل.