من الزمن الغابرِ.. بدأ الإنسانُ يتنازل شيئا فشيئا عن الأخلاقِ، والفطرة الأولى التي فطر الله الناس عليها، ولم يقف هذا التنازل عندَ أي حد؛ بل هو مستمر، ويفرضه الزمنْ.
يمكن أن نصف ما نحن بصدده "صراعا": طرفاهُ: الزمن والإنسانُ. فكلما وصل الإنسان -على مر التاريخ- مرحلة ما من التطور، نجدهُ في خضم تلك "الحداثة" يقدم التطور على حساب الأخلاقِ.
في القديم: كان العربي مفضالا له من الأخلاقِ ما يكاد الشعر (باعتباره الحاضنة الثقافة) يضيق عن احتوائه، كالجود والكرم والغيرة... ومع كل عصر يشهد فيه واقعه الاجتماعي تطورا "وانفتاحا" نجده يقدم مساومة غير مباشرة تفضي في آخرها إلى التنازل عن "أخلاقياتٍ"، وليس هذا خاصا بالعرب، وإنما هم مثال فقس على ذلك.
في عالم المدينة بدأ المتغير (الزمن) يفرض أخلاقا وسلوكا جديدا، يرْغم المرء على التحلي به، ولا يجد عن ذلك سبيلا، وإن تكلف ذلك فإنه يجد نفسه خارج سياق "العصر".
في أروبا كان يعاقب "المثليُّ" بالإعدام، ثم خففت عبر مرور الزمن إلى السجن المؤبد، وهكذا... حتى وصلت إلى الاعتبار، وحتى التشريع لها على أنها حق يجب احترامه.
في الحقيقةِ.. نحن أمامَ انسلاخٍ متدرجٍ -أو ممنهج إن صح الورود- من الأخلاق، يواكبُ الزمنَ، ولا يجد الإنسان -وهو في خضم السباق مع الزمن- إلا تجاوز الأخلاقياتِ حلا، وتجنبا لعوائقَ يمكن أن تؤخره.
التعليقات