دائما ما أحاول النظر في التاريخ من جهة ما هو كائن يتحرك ويخطو في زمن ومكان، آثار أقدامه هي أحداث التاريخ، وغايته هي سعادة الإنسان. أضع هذه العلاقة دائما بين الإنسان والتاريخ في فهم هذا الكائن، الذي أحار الفلاسفة/التاريخانيين في فهمه، وفهم طبيعة تلك الجدلية القائمة بين صناعة التاريخ وتطور/تقدم الإنسان فيه، بمعنى هل نحن من يصنع التاريخ أم هو من يصنعنا؟ وطبعا لكل فيلسوف رأي ونظر في السؤال.

لكن حينما نضيف كلمة عنف إلى مفهومي "التاريخ" و "الإنسان"، ماذا نفهم؟ أي حينما نضعها (أي كلمة عنف) في سياق وسطي بين التاريخ والإنسان، ماذا يفترض أن نفهم من هذا التركيب؟

تلزمنا فكرة واحدة وهي أن الإنسان بطبعه كائن عنيف، بمعنى يميل إلى العنف، وهذا يقودنا مباشرة إلى التساؤل عن التاريخ، وتجليات العنف فيه. وهذه التجليات هي التي تكشف لنا على الأقل أن هناك دورا للإنسان في صناعة الحدث التاريخي، لا انطلاقا من ظروف فرضتها الطبيعة الخارجية، وإنما من ظرفية متأصلة في الإنسان، أي فرضتها طبيعته الداخلية.

يقودنا هذا القول مباشرة إلى أثر الحرب (باعتبارها شكلا متعينا من أشكال العنف) على السيرورة التاريخية/التطورية للإنسان. فإن كان الإنسان قد أودى بحياته والطبيعة وكائناتها بسبب هذه الحرب (الحروب) فهذا يطرح لنا إشكالا أنطولوجيا حول مدى قيمة الإنسان ووجوده صراحة، وإن كان هذا الحدث العنيف يقودنا إلى إعادة النظر في منظوماتنا الثقافية والمجتمعية والسياسية بغية التجديد الجذري للإنسانية فهذا بدوره يشكل سوء فهم للحرب/للعنف!

بمعنى هل العنف مشروع؟