عزيزي القارئ من أنت؟ من نحن؟ كيف لنا أن نكون كائنات غرائبية إلى هذه الدرجة؟ كائنات تستطيع أن تخلق الحب والألوان والبهجة، كما تستطيع أن تدمر كل شيء حولها ببرود وعبثية شديدين؟

عزيزي القارئ من أنت؟ من نحن حقا؟ أمام أحبتنا حجولا وديعة، أمام أعدائنا ذئابا جائعة؟ في الحلم نحن مالسنا عليه في اليقضة، في السلم ما نحن بما نحن عليه في الحرب، أمام الله ما نحن على مانحن أمام الناس، فمن نحن حقا؟ من هو الأنسان ؟ وهل كلنا إنسان أصلا؟

اسمحلي عزيزي أن إذهب أبعد من ألكسيس كاريل بقوله الانسان ذلك المجهول، وأقول الإنسان ذلك المعضلة، فهو في نظر البيولوجيا أرقى الكائنات الحية تطورا، وفي علم الاجتماع هو الكائن الاجتماعي صانع الحضارة والمدنية، وفي الفلسفة هو كل شيء قد تتخيله، فهو الكائن الناطق عند أرسطو والعاقل عند سبكتاتوس امبيركوس، وهو الرمز عند ارنست كاسيرر، وهو الحرية عند سارتر، وهو الفكر عند ديكارت، وهو مقياس كل شيء عند جورجياس، والكينونة عند هايدغر، وهو الحيوان الليبدي عند فرويد، وهو الاناني والذئب عند عند هوبر وميكيافيلي، وهو الحمل والخير عند كانط، وقد قال دوستويفسكي ذات يوم عبارة أبلغ من كل شيء وهي في رأيي المعنى الحقيقي للإنسان يقول:

" لم أستطع أن أصبح أي شيء، لم أستطع أن أصبح شريرا ولا خبيثا ولا طيبا ولا دنيئا ولا شريفا ولا بطلا ولا حتـــــــــــــى حشرة.... الرجل الذكي لا يفلح في أن يصبح شيئا وأن الغبي وحده من يصل الى ذلك"

معنى لذلك أن الإنسان لا يمكن أن يكون شيء واحد في المطلق، فلا يمكن أن يكون شريرا تماما او طيبا تماما، كلها نسبة وتناسب من شخص لأخر، ولا يمكن لشخص أن يكون على صورة واحدة، فكل عبقري فيه نسب غباء، وكل قاس فيه نسبة حنان وكل أنثى فيها نسبة رجولة، وكل خير فيه نسبة شر ولو ادعى عكس ذلك، ومن يستطيع أن يصل للتوحد في صفة مطلقة يكون حينها خرج من صفة الإنسانية فيكون بذلك إما ملاكا أو شيطانا.

مازال الإنسان شيء غير قابل للتعريف حتى تعرفه، فما تعريفك للإنسان؟ ولماذا يصعب علينا فعلا الاتفاق على تعريف ما؟ وماهو التعريف الأقرب للمنطق والواقع في رأيك ؟