يحكى أن سيزيف كان ملك إحدى المدن الإغريقية، لكنه قام بالعديد من الخدع والحيل التي أغضبت الآلهة ما آل به في نهاية المطاف إلى العقاب عن طريق حمل حجر ضخم إلى قمة جبل، وما إن يصل بالحجر للقمة، يعود الحجر للأسفل مجددا ليعاود سيزيف الكرة مجددا ومجددا للأبد. ما شعورك نحو سيزيف؟ هل تشعر أنه يمكن أن يكون سعيدا بما يفعله؟

في الواقع أجل!!!

في كتابه “The myth of Sisyphus” يناقش الفيلسوف الفرنسي ألبرت كامو أسطورة سيزيف بعين الفلسفة العبثية، وهي التوجه الفلسفي المعتقد بأن الحياة ليس لها هدف معين أو غاية واضحة. الشئ المثير للاهتمام للغاية في الكتاب هو المقارنة العبقرية بين كل من حال سيزيف الذي يدور في حلقة مفرغة للأبد دون هدف، فهو لا يعرف لماذا يحمل تلك الصخرة لقمة الجبل مرارا وتكرارا، ولا يعرف هل سينتهي من فعل هذا يوما ما، إلا أنه على الرغم من ذلك يفعله، بل وربما يكون سعيدا بذلك أيضا، بالإنسان المعاصر الذي يتشابه مع سيزيف في جوانب عديدة. فأغلبنا إن لم يكن جميعنا نقوم ببعض الأعمال الروتينية التي أصبحت جزءا أساسيا من حياتنا، وقلما نسأل أنفسنا عن سبب قيامنا بتلك الأعمال، وإذا كان لها عائد إيجابي علينا. ومثال آخر مشابه هو الوقوع في فخ العلامات التجارية وشراء العديد من المنتجات التي رغم تأكدنا أنها لن تعود علينا بأي نفع حقيقي، إلا أننا نسارع لشرائها بل وقد ننفق كل ما في جيوبنا في سبيل اقتناء تلك الأشياء لمجرد شعار العلامة التجارية الشهيرة عليها.

لكن، أتعرفون ما هو الفارق الرئيسي بيننا وبين سيزيف؟

الفارق بيننا هو أن سيزيف، حسب الأسطورة، معاقب بواسطة الآلهة، أي أن هناك مؤثر خارجي يمنعه من الهروب من ذلك السجن الأبدي، بينما نحن فنمتلك الإرادة الكاملة للخروج من السجن متى نشاء، بل نحن من أنشأناه وحبسنا به أنفسنا.

هل تعتقدون بصحة هذه المقارنة أم أن بها بعض القصور؟ وهل الإنسان حر للهروب من دائرة التكرار الأعمى أم أن هناك قوى كبرى تمنعه؟