في مناقشة ساخنة بيني وبين صديق من ديانة أخرى، تعرضنا لبعض النقاط جوهرية حول العقل والوعي الإنساني وكيفية تطوره، ثم أخد النقاش منحى أخر غير محسوب، وهو ان كل الديانات المخالفة لمعتقدته، هي مجرد اساطير الأولين مع أن هذه الديانات نفسها ترفض معتقدات الديانات الأخرى وتعتبرها هي الـأخرى أساطير أولين واستشهد ببعض الآيات القرآنية، وقتذاك لمعت بارقة في ذهني ، أن لماذا يعتقد الناس أن كلمة أساطير هي لفظ مسيء ويقل من شأن معتقد ما؟

دعونا نناقش اليوم هذه المسألة من زاوية فلسفية أنثروبولوجية، لنعرف مالمقصود من كلمة اساطير، وهل هي معيبة فعلا؟

يجادل الفيلسوف الروماني مرسيا الياد بأن الأسطورة هي قصة حقيقة أي أنها حقيقة في معتقد حاملها، لذلك هي رواية لا تحتمل الشك فهي مقدسة، انها يقينة تماما بيقينة المقدس، في حين الخرافة هي مجرد حكاية اختلقها شعب معين لغاية معينة، اما للترفيه او التباهي أو العزاء ..الخ، وهي من وحي الخيال ولا تحمل أي حقيقة ولا يؤمن بها قائلوها كحكاية مقدسة، لذلك تجد في كل الثقافات روايات مقدسة لا يشك فيها أحد هي الاساطير وحكايات شعبية غير مقدسة هي الخرافات.

لذلك عندما نجد شعبا ما يتحدث عن حدث ما بشكل هزلي أو تراجيدي دون تقديس، نعلم أنها مجرد خرافة اي انه هو اصلا لا يؤمن بها بل يتناقلها فقط مثل خرافة الغول ، في حين عندما نجد قصة ذات رهبة وهيبة وقداسة ؛ نعلم أنها أسطورة مقدسة، أي حقيقة ايمانية، واذا قرأنا آيات القران بطريقة فلسفية نجد ان المعنى في قالوا اساطير الاولين لا تعني النكران والتهكم بل تعني قالوا حقائق الأولين ومقداستهم التي يعتقدون بها، في إشارة لتطور واختلاف الأفكار من زمن لزمن، اي كما نقول نحن الان عن اسطورة الخلق الفرعونية انها معتقد يؤمن به الفراعة في زمانهم وهنا يحدث الصدام الأديان عندما يعتبر شخص ما أن ما يؤمن به الاخر خرافة أي كذبة وليس اسطورة أي قصة حقيقة.

اعرف أن الموضوع يبدوا ذو بعد ديني ولكن لست هنا لعرض الفكرة من جانب ديني بل من جانب فلسفي اثروبولوجي بحث أي من جابن فلسفة الدين، لذلك أتمنى أن تحدثني عن رأيك بنقاش مؤسس، عن أهمية التفريق بين الأسطورة والخرافة، وهل تعرف تفسيرات فلسفية أو انثروسويولوجية لباحثين مختلفين حول هذه المسألة ؟