لم يكن سقراط راضياً عن الحكم الديمقراطي في وقته. بل انتقدها بشدة فانتهت حياته على يد محكمة انبثقت عن تلك الديمقراطية التي هاجمها! كان يسود في أثينا أيام الفيلسوف شكل الحكم الديمقراطي المباشر؛ ذلك لطبيعة الدولة المدينة وانحصار اختيار الحاكم على مجموعة قليلة من المواطنين. لم يكن كل من سكن في أثينا آنذاك يدعى مواطنا.

هاجم سقراط الحكم الديمقراطي لسببين: أولاهما أن الأغلبية قد تفتقد الصواب في الاختيار واصدار الأحكام. فمن يضمن صوابية اختيار الأغلبية لمجرد أنها أغلبية؟! فألف من العميان قد يقودهم مبصر واحد! ليس شرطا أن يكون حقاً أو صواباً ما تجتمع عليه الأغلبية.

ثاني السببين أن سقراط كان يخشى قفز الديماجوجيين ( الديماجوجي شخصية سياسية مفوهة ذات كاريزما وقدرة على الإقناع فيخدع الناس في حين أنه غير نزيه) إلى ساحة الحكم فيستميل غرائز الجماهير بخطاباته الرنانة الحماسية وشخصيته القوية قيقفز إلى الحكم. فمن يضمن ألا يتقدم إلى الحكم غير الأمناء أصحاب النزاهة والذمم النظيفة في ظل الحكم الديمقراطي؟