كلنا نعلم فلسفة الكوجيتو ونعرف ديكارت ولكن هل أقام ديكارت فعلاً صرح اليقين الذي هدمه بشكه المنهجي الذي اتبعه؟! شك ديكارت في معرفة الحواس؛ لأنها كثيرا ما تضللنا وشك أيضاً في المبادئ العقلية والبديهات مثل حاصل مجموع واحد و واحد يساوي اثنان بافتراض وجود شيطان ماكر يضللنا ويخدع عقولنا. ثم لم يقتصر على ذلك بل شك في وجوده هو نفسه؛ فقد يكون في حلم لم يُفق منه بعد!
ثم راح بعد ذلك يبني اليقين المعرفي من جديد فيبدأ بآخر ما هدمه وهو وجود الذات. راح يتفلسف ويقول إن فعل الشك ذاته يقتضي ذات مفكرة عاقلة تشك. إذن هو موجود كعقل يشك فراح يقول: أنا أشك إذن أنا أفكر إذن أنا موجود! هذا مبدأ صحيح أتفق معه لا غبار عليه.
غير أني أقف عند يقين معرفة الذات فقط ولا أتجاوزها؛ فأنا على يقين أني أكتب الآن وأفكر ولكن كيف السبيل إلى يقينية معرفتي بوجود ذوات الغير. وجود العالم الخارجي؟!! اثبات ديكارت لوجود العالم الخارجي بحجة أنه يشك وأنه بذلك كائن ناقص وأن ذلك دليل على وجود الكمال الخارجي في الخالق وأن الخالق عادل وعدله يضمن لي وجود العالم الخارجي كما هو عليه أمر لا اقبله. والسبب هو أننا قد نكون في حلم كبير لم نفق منه بعد!
ما الذي يضمن لي أن الخالق (يهيئ) لنا وجود العالم والآخرين على هذا النحو؟ ومن أين أفترض ديكارت وجود خالق كامل بادئ ذي بدء؟! أليس ديكارت يدعي العقلانية في فلسفته؟ فلمَ يُعرّج على الدين؟! وحتى لو صح افتراضه، فهذا لا علاقة له بالعدل بل بالقدرة الطليقة والحرية التامة. هناك فلسفة كاملة تسمى فلسفة الذاتوية( solipsism) التي تقضي بأن لا سببل إلى يقينية معرفة ذوات الغير والعالم الخارجي. ما رأيكم أنتم؟ هل تعجبكم فلسفة الكوجيتو وهل وصلتم إلى اليقين من خلالها؟
التعليقات