"لا يزال المرء بحاجة إلى بعض الفوضى بداخله حتى يتمكّن من إنجاب نجم لامع"!.. إذا ما ذُكر نيتشه ذُكر معه الشك والهدم والتنقيب؛ فلقد أعطى الألماني أهمية قصوى للفوضى الفكرية والهدم المعرفي لما ينتج عنهما من مبادئ وأفكار لامعة.

ولطالما كان نيتشه كارهاً لما سماه بالأصنام، أي الأفكار التي يتعامل معها الناس كحقائق مُسلَّمة، وبالتالي عمل على تطبيق ونشر المنهج النقدي، وتمثل منهجه في "الجينيالوجيا"، التي تكشف أصول الأشياء وتعيد ترتيبها وتسأل عن مدى قيمتها وجدواها، وأطلق نيتشه على ذلك المنهج إسم "المطرقة"، التي هوى بها على معظم الفلسفات والمبادئ السابقة عليه..

ولقد كان تأثير فلسفة نيتشه كبيراً، فنجدها حاضرة في أفكار وأساليب أهم فلاسفة القرن العشرين، مثل تفكيكية جاك دريدا، وأركيولوجيا ميشيل فوكو..

لكن تجدر الإشارة أنه يوجد نوعان من الهدم، إيجابي وسلبي.. الهدم الإيجابي، الذي يكون مقدمة البناء؛ فأحيانا تظهر خير الأبنية بعد الهدم التام!.. أما الهدم السلبي، فهو الهدم لمجرد الهدم دون تقديم بدائل أو حلول لإعادة بناء ما تم هدمه!.. فالأمر أشبه بإعتراض مُعلم على طريقة حل طالب لمسألة ما، دون أن يوضح له الطريقة الصحيحة لحل تلك المسألة، فهمه الأول هو إثبات خطأ الطالب، لا تقويم معلوماته!!

برأيكم هل نحن بحاجة لمطرقة نيتشة بحياتنا؟!.. وإلى أي مدى يصح الهدم أو الإنتقاد دون تقديم بدائل ممكنة؟