جميعنا معرضون لهذا الشعور، لهذه الحالة التي لا حيلة لنا فيها، بالنسبة لي عايشت هذا الشعور كثيرًا، ولازلت أتعايش معه وبه، في البداية كنت أظن أنه على الحياة أن تتوقف؛ إحترامًا لشعوري ولمن فقدتهم، صدقًا كنت أنظر لكل شيء بحقد وكره حقيقي، كيف الحياة تستمر من حولي هكذا، كيف لم يتأثر الكون ؟ كيف كل الأشياء تمضي في حركتها بإنتظام هكذا وبداخلي قلب يحترق؟

ظللت هكذا لسنوات أشعر بكرهي لكل شيء حولي، أعترف بأن شعوري كان طفولي وساذج، لكن بمرور الوقت ومع تكرار الصدمات، أدركت أن هذه هى الحياة، تمضي ولا تلتفت لمن سقط خلفها أو تحطم، الحياة تمضي رغم كل شيء، تعلمت أيًضا أن استمرار الحياة لا يقللّ أبدًا من وجعك، ولا يقلل من شأن من فقدتهم، تعلمت أيضًا أن شعور الخسارة لن يختفي ولن يتلاشى كما يعتقد البعض، بل بالعكس شعورك بالخسارة يزداد ويتوغل بداخلك أكثر فأكثر، لكن شعور الخسارة بحد ذاته وسيلة إرتقاء، به ستتغير نظرتك للحياة، ستتعامل معها بنضج وهدوء أكثر، لأنك ببساطة ستدرك أنها منتهية لا محالة، وقد تنتهي في أي لحظة، هكذا بدون مقدمات، ما يخفف من حرصك الشديد عليها، وركضك كالمجنون هنا وهناك، وفي الوقت نفسه سيساعدك أيضًا على الشعور بأهميتها، ألا تعيش حياتك في لامبالاة وكأن الحياة طويلة أمامك، بإختصار ستدرك قيمة الوقت قيمة عمرك..

لكل منا تجربته الخاصة في الحياة، والتي حتمًا ذاق فيها شعور الفقد، ولكل منا أيضًا دروس خاصة خرج بها من هذه الحالة ..

بالنسبة لي تعلمت الكثير، أدركت أن القيمة الحقيقية لحياتك، أن تقضيها بجانب من تحب،لأن الحياة أقصر مما نتوقع بكثير، الحياة ليست عمل وركض متواصل، لنمنح من نحبهم وقتًا، نسمعهم نشعر بهم نرافقهم ..

-أيضًا تعلمت أن شعور الخسارة لن ينتهي، وشعور الندم سيرافقك طول الحياة، في حالة كان هناك الكثير الذي ينبغي قوله، لكنك لم تتفوه بكلمة إلى أن رحلوا، هذا في حد ذاته أقسى درس خرجت به على الإطلاق، ولهذا لم أعد أخفي كلمة بداخلي، لم أعد أخاف أو أتردد من قول شيء، من أحبهم أخبرهم بحبي لهم، هكذا ببساطة شديدة ..

-تعلمت أن أتعايش وأتأقلم على الفراغ الذي خلفه غيابهم، وأن أحتفظ بهم في قلبي وعقلي ومخيلتي، فهنا فقط يمكنهم العيش للأبد ..

-تعلمت أن الحياة على كل حال منتهية، فمن الأفضل أن نقضي هذه السنوات المتاحة لنا، في الإستمتاع بالحياة في الشعور بكل شيء حولنا، في الإستمتاع حتى بأتفه المهام التي نقوم بها، وأصغر الأشياء التي نصادفها ..

صحيح ان حالة الفقد هذه تصيبك بإضطراب حقيقي، قد يمتد لشهور وربما سنوات، لكن مهما طالت هذه الفترة ستمضي على كل حال، وستدرك أن هذه الحالة هى ضربة من ضربات الحياة، والتي طالما أنها لم تقتلك، فلتقويك إذن، لتكن وسيلة إرتقاء، وتجربة تستفيد منها ..

وأنت ماذا عنك ؟ هل عشت هذه الحالة من قبل ؟ بماذا خرجت منها ؟