يُنظر إلى السلام غالبًا بوصفه حالة مثالية من الاستقرار والسكينة، ولكن ما يغيب عن الأذهان في كثير من الأحيان هو أن هذا السلام، في صورته السياسية أو الاجتماعية، لا يأتي مجانًا. إنه يتطلب ثمنًا يُدفع، ليس بالضرورة بالمال، بل أحيانًا بالكبت أو الإقصاء أو التضحية بمطالب فئة معينة من الناس.
حين ننظر إلى المجتمعات المستقرة، نجد أن هذا الاستقرار لا يعني بالضرورة عدالة شاملة أو مساواة حقيقية، بل قد يكون نتاجًا لتسويات فرضتها القوة. فـ"السلام" الذي يعيشه البعض، قد يكون قائمًا على سكوت قسري للبعض الآخر، تم إخراجهم من المشهد بالقوة أو عبر التهميش المتعمد، لأنهم شكّلوا تهديدًا لرؤية "السلام" التي تتبنّاها الجهة الأقوى في السلطة.
وبالتالي، فإن من يملك القوة هو من يحدد شكل السلام، ويقرر من يدفع ثمنه. وقد يكون هذا "السلام" في ظاهره توافقًا عامًا، لكنه في جوهره قد يخفي ظلماً صامتاً. فالدولة قد تضمن الأمن، لكن على حساب الحريات. وقد تنعم فئة بالطمأنينة، لكن على أنقاض أحلام فئات أخرى.
إن السؤال الحقيقي هنا ليس: هل نحن في سلام؟ بل: من دفع ثمن هذا السلام؟ وهل كان ذلك باختياره أم تحت الإكراه؟
التعليقات