حكاية آلة القهوة والفناجين المهجورة
في المطبخ، مع كل صباح، تبدأ طقوس لا تتغيّر. يُسحب الزر، يضخ الماء، يطحن البنّ… ثم تبدأ الآلة بإصدار صوتها المعروف، أشبه بأنين طويل يشبه تنهيدة عامل أنهكته الوظيفة، لكنه مضطر لأن يبدأ.
قد فقدت آلة القهوة أي شغف بما تفعل. ليست المشكلة في العمل، بل في التكرار، في الطلبات التي لا تنتهي، في فكرة أن دورها الوحيد هو أن توقظ الآخرين كي يذهبوا إلى أعمال لا يحبونها حتى إنها قالت في نفسها إن كانت هي من يستخرج قهوتهم كل يوم…فمن يُخرج مرارة الوقت من داخلها؟"
الفناجين مصطفة بجانبها، بعضها مشروخ من الحافة، وبعضها الآخر ما عاد يُملأ. لم يعد أحد يختارها، فقط الكوب الضخم الجديد هو من يحتكر الرشفة الصباحية. تتبادل الفناجين نظرات صامتة… كانت هذه الطقوس زمانًا تحمل دفئًا، لمّة، رائحة جريدة… الآن؟ من يشرب القهوة يقوم بذلك واقفًا، أمام شاشة، والحديث الوحيد هو: “لقد تأخرت!”
في لحظة. تأملت نفسها في سطح الملعقة اللامع… ورأت وجهاً لم تعد تعرفه سائلة نفسها “أهذا أنا؟ أداة لسكب السوائل؟ هل تحوّلت من رمز الراحة إلى آلة صاخبة تجهّز أجسادًا ميتة ليوم إضافي؟” ليرد عليها فنجان قديم وهو يضحك بتعب: “على الأقل أنت ما زلت تُستخدمين. نحن نُغسل فقط.” ضحكت الآلة… ضحكة باردة، تشبه صوتها عند نهاية كل فنجان. "نحن كنا بداية يوم… صرنا دليلاً على أنه ما زال مستمرًا. وهذا أسوأ."
التعليقات