في أوقات
ينقلب كل شيء بداخلك دون سابق إنذار
تنهض من سريرك كما اعتدت
تغسل وجهك
تشرب قهوتك
تضحك
ترد على الرسائل
تحكي مع الناس
لكن في شيء داخلك لا يشاركك يومك
شيء ثقيل
صامت
يشبه الغبار العالق في ضوء الغرفة
تراه فقط عندما يهدأ كل شيء
تحاول أن تجد سببًا
ما في شي صار
ما حدا جرحك
ما في خبر سيء
ولا ذاكرة مؤذية
بس فجأة
تحس إنك فارغ
كأنك فقدت طاقتك على الشعور
كأنك تشارك العالم تمثيلية لا تدري كيف انضممت لها
الناس تسميها نوبة
حالة
لحظة ضعف
بس هي أبعد من هيك
هي صوت الروح لما تكون مخنوقة من التراكم
من السكوت
من التنازل بصمت
من المجاملات اللي ضحكت فيها غصب
ومن الكلام اللي ما انحكى
ومن الفكرة اللي انحبست عشر مرات
وكل مرة حكيت لنفسك مش وقته
ولما يهدأ كل شيء
بتصير الفكرة تحكي لحالها
وأنت تسمع
غصب عنك
وأحيانًا
يحتاج الجسد أن يتمرد ليصمت العالم من حولك
جرح صغير في إصبعك
خمس غرز
وإجازة فرضها عليك لحمك قبل دماغك
تجلس بلا مهمة
بلا جدول
وتكتشف أن الفراغ مساحة للحقيقة أكثر من أي مكان آخر
وفي لحظة
تكتب
مش لأنك ناوي تحكي
بس لأن ما في شي يشغلك عن نفسك
تكتب لأنك وصلت نقطة
مش قادرة تنبلع ولا تنقال
تكتب لأن كل كلمة كأنها عتب قديم
أو حكي نسيته زمان
أو ضيق ما قدرت تحكيله اسم
الانهيار ما بيجي دايمًا بصوت عالي
أحيانًا بيجيك بنعاس مفاجئ
بسكوت غريب
أو بانسحاب من الناس وانت قاعد بينهم
الانهيار مو ضعف
هو لحظة تنفجر فيها الأسئلة اللي خنقتها بدواخلك
هو إعلان داخلي إنك مش بخير
حتى لو ما صار شي غلط
وأنت تقرأ هالسطور
يمكن تضحك
يمكن تقول ما فيني شي
بس الحقيقة
إنه حتى الشعور بعدم الشعور شعور
وإذا سألت نفسك لماذا هذه اللحظة؟
لماذا الآن؟
لماذا أنت؟
فلتعرف أن الحياة ليست وعدًا بالراحة،
ولا امتحانًا واضحًا تصدق فيه أو تخفق.
الحياة هي سلسلة من الصمتات المكسورة،
ونوبات الانهيار الخفية،
هي صرخة الروح في قالب هش،
يريد أن يُسمع ولا يجد سوى الهدوء القاتل.
في هذه اللحظات،
حين يتوقف العالم عن الدوران في عينيك،
حين تختنق بلا سبب،
تبدأ الحقيقة بالظهور بلا أقنعة،
تتكشف هشاشتك بلا خداع،
ويصبح الفراغ هو أصدق رفيق.
ربما، الانهيار ليس نهاية،
بل بداية أولى لوعي جديد،
وعي لا يخشى أن يكون ضعيفًا،
واعي لا يهرب من الظلام،
بل يضيء فيه بذاته.
في الانهيار،
نحن نُفرّغ من كل زيف،
نحتضن حقيقتنا،
نولد من جديد،
ربما أقل صدقًا مع الآخرين،
ولكن أصدق بكثير مع أنفسنا.
وهكذا،
حين تشعر بثقل لا تفسير له،
لا تقاومه،
لا تهرب منه،
دع له مكانًا فيك،
ففي احتضانه،
تكمن الحرية الحقيقية
وفي النهاية،
هل نحن ننهار فعلاً،
أم أن الانهيار هو مجرد لحظة صمت تنتظر أن تُسمَع؟
وهل الحرية تكمن في الصراخ،
أم في القبول الهادئ بأننا مجرد ضوء يخبو ليضيء من جديد
التعليقات