حين أقول إنني لا أؤمن بالعائلة، لا أقصد أنني بلا أمّ أو أب، أو أنني نشأت يتيمة.
بل أنا ابنة عائلةٍ حاضرة، كبيرة، تعرف كيف تُنفق، وتُربي، وتظهر بصورة حسنة أمام الناس.
لكنني، رغم ذلك، لم أشعر يومًا بالانتماء.
لم أشعر أن هذه العائلة لي، ولا أنني منها فعلًا.
كل ما كنتُ أشعر به هو الخوف، والاختناق، والمراقبة المستمرة لكل ما أفكر فيه، أو أرغب فيه، أو أحاول أن أكونه.
كنت أسمع دائمًا:
"البنت لا ينبغي لها أن تفكّر كثيرًا."
"البنت إذا خرجت عن الخط، فلن تغفر لها الحياة."
"الناس لا ترحم… ونحن لا نريد الفضيحة."
كلّ شيء كان يُربّى بداخلي على مبدأ:
اخفي نفسك، لا تظهري، لا تعبّري، لا تختاري.
كنت أتعرض للأذى، ولا يحق لي أن أشكو.
كنت أنام بالبكاء، وأصحو كأن شيئًا لم يكن.
وإذا جرّبت أن أتكلم، أُتهمت بالمبالغة، أو "قلة الأدب"، أو "الجحود".
مرّت بي مواقف حاسمة — وجعٌ لا أستطيع نسيانه، وظلمٌ لا يمكن أن أسامحه،
ولكنّ أحدًا لم يكن يهمّه ذلك.
كلّ ما يهمّهم هو أن أبقى "بنتًا جيدة" في نظر الناس، حتى وإن كنتُ منهارة من الداخل.
أنا لا أؤمن بالعائلة،
إن كانت العائلة تُخرسك باسم الطاعة،
وتُسكت وجعك باسم العيب،
وتخنقك باسم الحب.
أنا لا أؤمن بعائلة تخاف على سمعتها أكثر من خوفها على قلبك.
ولا أؤمن بعائلة ترى في مشاعرك تهديدًا، وفي حزنك تمردًا، وفي رأيك عيبًا يجب دفنه.
لم أطلب يومًا أن تكون عائلتي مثالية،
كلّ ما أردته هو حضن، وصدق، وسعة صدر،
أن أجد من يسمعني… لا من يحاسبني.
أن أشعر بالأمان… لا بالخوف الدائم.
أنا لا أكره عائلتي،
لكنني تعبتُ من تظاهرهم بأنهم يعرفونني، بينما هم لا يعرفون من أنا.
ولا ما مررت به،
ولا كم مرة عدت من الحافة دون أن يشعروا.
أكتب هذا الآن لأنني لو لم أكتبه، سأختنق.
لا أريد أن أُقنع أحدًا، ولا أبحث عن تبرير.
كلّ ما في الأمر أنني أحاول النجاة.
أنا لا أؤمن بالعائلة… إن لم تكن وطنًا.
ولا أؤمن بالعائلة… إن كانت زنزانةً بأبواب مفتوحة.
أنا لا أؤمن بالعائلة… إن جعلتني أبدو على قيد الحياة، وأنا في الحقيقة أموت كلّ يوم.
التعليقات