التغيير للأفضل: هجوم تشنه أنت على نفسك

في لحظة ما، يستيقظ داخلنا ذلك الصوت الخافت الذي يقول: “كفى”. كفى من الأعذار. كفى من التأجيل. كفى من الركون للراحة التي أصبحت قيدًا. ذلك الصوت لا يأتي من الخارج، ولا يحتاج محفزات خارجية. إنه ينبع من أعماقنا ، من إحساسنا بأننا نستحق أكثر، وأن الوقت قد حان لنصبح الشخص الذي نعرف بداخلنا أننا قادرين على ان نكونه.

لكن الحقيقة التي لا يصرّح بها كثيرون هي أن التغيير للأفضل ليس رحلة هادئة، بل هجوم. نعم انه كذلك، هجوم تشنه على نفسك. لا على الآخرين، ولا على ظروفك، بل على نفسك القديمة. تلك التي اعتادت التسويف، ورضيت بالقليل، وارتاحت في منطقة الأمان.

التغيير ليس لطيفًا. إنه صراع.

هو أن نجبر انفسنا على النهوض في وقتٍ أبكر مما اعتدنا.

أن نقول “لا” لرغباتٍ فورية، من أجل أهداف بعيدة.

أن نعيد ترتيب أولوياتنا، ونتحمل مسؤولية خياراتنا، دون لوم أو تهرّب.

هو أن نواجه ضعفنا، ونضعه تحت المجهر.

أن نقول لنفسنا بصراحة: “هذا السلوك لا يليق بنا”، ثم نتصرف على أساس هذا الإدراك، حتى لو تطلب الأمر أن نسير عكس رغباتنا المؤقتة.

قد يبدو الأمر قاسيًا، لكنه في جوهره حبّ من نوعٍ مختلف. أن تُهاجم نفسك القديمة ليس كرهًا لها، بل حبًا لنفسك القادمة. تلك النسخة التي تعرف جيدًا أنها قادرة على الإنجاز، على الثبات، على أن تحيا حياة ذات معنى أعمق.

التغيير لا يحدث لأن الحياة أجبرتنا. بل لأنه، في لحظة صدق، قررت أن تُجبر نفسك على النهوض. أن تتحول من مشاهد سلبي في قصة حياتك إلى الكاتب الفعلي لكل فصل قادم.

في النهاية، التغيير ليس ضوءًا في آخر النفق، بل هو الشرارة التي توقدها أنت… من الداخل.