لدي دفتر صغير قديم، أزرق اللون، أحتفظ به منذ سنتين تقريبًا. أسميه دفتر الأمنيات والدعوات، فهو مخصص لهذا الغرض فقط. في كل رمضان، وقبل الأيام الفضيلة، أكتب فيه كل ما أريده من دعوات ومطالب. ثم أقف عند النافذة، أنظر إلى السماء، أغمض عيني، وأحتضن دفتري بقوة. في تلك اللحظة، أشعر بقبضة في صدري، وقلبي يعتصر من الألم، وكأنني أريدها بشدة تفوق الوصف. تتساقط دموعي، وأتمتم بصوت مضطرب: "يا الله، أنت تعلم ما في قلبي... فاللهم قلبي وما بداخله."

واستمر على هذه الحال طوال الشهر، في كل وقت أرجو فيه الاستجابة. وعند انتهائه، أفتح دفتري الصغير، أتفقد دعواتي، فأحزن: لماذا لم تتحقق؟ لقد دعوت الله بشدة، فلماذا لم يصل صوتي؟ أشعر بالإحباط، فأغلق الدفتر وأرميه بعيدًا، كأنني أعاقب نفسي أو أعاقبه هو على ما حصل. ومع ذلك، أعود في كل رمضان، وأكرر الأمر من جديد. وإن لم تتحقق أمنياتي، أغضب وأشعر بالخذلان.

لكن هذا العام، حين فتحت دفتري لأكتب دعواتي، صُدمت. لقد تحققت كل أمنياتي الماضية... لكن بخطة الله، لا بخطتي. أدركت حينها أن كل دعواتي قد استُجيبت، لكنني كنت غافلة عن رؤيتها.

دعوت الله بالرزق، فوهبني صحبة صالحة محبة. دعوت بالأمن، فرزقني بأناس يحيطون بي في السراء والضراء. كانت الاستجابة أمامي طوال الوقت، لكنني كنت أبحث عنها في اتجاه آخر.

هنا، فهمت سرّ الآية الكريمة:

"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ."

لقد تم الأمر، واستُجيبت الدعوات بمشيئة الله، لا بمشيئتي. فقررت من الآن فصاعدًا أن أكتب دعواتي بقلب مفتوح، دون تقيد أو تعلق، وأترك لله اختيار الطريقة والزمان المناسبين لتحقيقها.

وانتم هل لديكم دفتر صغير لدعواتكم؟ وماذا تفعلون إن لم تتحقق؟