بالطبع أولهم سوف يكون إبليس، حامل الضياء، وأمير البهاء، واسمه على اللسان الغربي هو لوسيفر. هو الشرّ، الشيطان، وربما أعد كتابا ذات مرة عن (حكمة إبليس). ولكنه الأول ليس لمكانته ثقافيا، ولكن لضرورة الترتيب الأبجدي (معظم الشياطين معمرين، ويكاد يستحيل الترتيب التاريخي).
أخطط لإعداد موسوعة فيها أسماء كل الشياطين الخيالية أو الأسطورية أو المعتقد بوجودها
هل الهدف من الموسوعة هو توثيق بعض المخطوطات والدراسات مثلًا؟ أم الهدف مقارنات دينية خاصة بتوصيف الشياطين في العموم؟
أنت ذكرت أنها ستكون موسوعة، اي أنها ربما تمتد لعدة أجزاء كبيرة، فهل لديك القدرة من خلال دراسات قوية في مختلف المناحي حتى تخرج بعمل نهائي موثوق (سؤالي هنا ليس تقليلًا من خبراتك أو أي شيء، أنا أحاول فهم اختيار هذا الموضوع وكتابة موسوعة عنه)
أم الهدف مقارنات دينية خاصة بتوصيف الشياطين في العموم؟
مقارنات ثقافية على وجه أكثر تعميما، لأن الثقافة، غير كونها أعم من الدين، هذا يجعلها أكثر ارتباطا بالإنسان من الدين نفسه، ولكن هذا قد يقودنا إلى مقارنات لسنا بصدد الخوض فيها هنا.
بالنسبة لمقدرتي على عمل هذه الموسوعة .. لا بالطبع لا أقدر، وخاصة أنني كنت قد أعددت نسخة سابقة وتخلصت منها أو أتلفتها في فورة من الغضب معتادة بالنسبة لي، يلي هذا الغضب مقدار أكبر من الإحباط. ولكن ورغم غروري، وثقتي في تناول أي مادة على وجه واحد على الأقل من الأوجه العلمية، إلا أن ذلك غير كافي، ورغم تفاخري بأنني غير حاصل على أي تعليم عالي أو شهادات يُعتد بها (أرى في نفسي العقاد) إلا أن العقاد نفسه ربما لم يتسنى له الحصول على بعض الملكات مما لا يتحصل عليه سوى طالب علم أريب، طالب / باحث ملتزم بالمعايير الجامعية / الأكاديمية في البحث العلمي. والإلتزام، قد لا يخرج إلا من داخل أروقة الجامعات وعلى أيدي مؤسسات معروفة بصرامتها العلمية بالغة الجدية (لا مزاح هنا). لكن على جانب آخر، ما أسهل الخروج بموسوعة مبسطة مثل موسوعة الظلام لكاتبها أحمد خالد توفيق (بالتعاون مع آخرين).
بالنسبة لنقطة الثقافة والدين، فالدين أو المعتقد في العموم هو جزء لا يتجزأ من ثقافة أي شعب، وخصوصًا عند التحدث عن ما ورائيات أو ميتافيزيقيا، مثل موسوعة الظلام لأحمد خالد توفيق التي ذكرتها، فهي تتناول أشكال مختلفة للكيانات الشريرة بناءً على القصص الشعبية المتوارثة بين الأجيال، ولو نظرنا لأصل تلك القصص سنجد أنها نسيج مترابط من أفكار لها علاقة بمعتقدات تخص أديان هذا الشعب، مع قصص خيالية من أفكارهم، مع بعض الأحداث الغامضة التي ليس لها أي تفسير، وبالتأكيد هناك قصص ترتبط بممارسات سحرية (هذا على الأقل من وجهة نظري، لم أقرأ تلك الموسوعة ولكني سمعت بها).
لكل عمل غاية، ما الغاية من هذا الجمع؟ وما التصوّرات النهائية لهذا المنتج الغريب الذي تعزم على إنشائه؟ أي كيف سيكون طابعه؟ هل هو مجرّد جمع للأمور أم يصاحب الموضوع تصنيف وتأليف معين؟.
بالضبط .. أنا شخص مفتون، ومهووس بفكرة الجمع في العموم. ربما في هذا إجابة أكثر وضوحا لـ @ErinyNabil
هل سيكون اعتمادك الاساسي على الأدب اليوناني؟
وهل يمكنني أن أعرف أين ذُكر وصف كهذا لإبليس أو لوسيفر؟
بالطبع الأدب اليوناني منبع خصب، وواسع، وأصيل، وعميق، ومتفرع في أغلب الثقافات الأوروبية التي نهلت عنه، لكنه ليس الوحيد. أي وصف تقصد؟
أنا أنقله مباشرة من حديث أحمد خالد توفيق المتكرر على لسان شخصياته في وصف إبليس، وهو وصف يتفق تماما مع أغلب المرويات والاقتباسات الغربية عن الشخصية. لم أتحقق منه بعد، لكن أغلب الظن على ما أذكر أن مصدره توراتي.
من مطالعاتي، يمكنني أن أؤكد أن المصدر توراتي، أمير البهاء، وحامل الضياء، والملاك الساقط، أو المتمرد، كلها توصيفات تعبر عن الغرور الأعظم في شخصية إبليس (طاووس الملائكة في التراث الإسلامي)، لا تنسى أن التصور الإسلامي امتداد للتصور التوراتي (المسيحي- اليهودي) فهو الذي أبى وتكبر. وهذا أيضا ما يؤكد عليه تصور الشيطان في ملحمة دانتي الكوميديا الإلهية، وبخاصة ملحمة جون ميلتون الفردوس المفقود، وكلا العملين يتغذى على الموروث الإنجيلي / التوراتي. بينما في الأساطير الإغريقية، التي لا تغيب عني في أصغر تفاصيلها، لا يحضرني منها أي معادل للشيطان، إلا في مجموعة من التجسدات موزعة على وظائف أخرى (مثل هادس إله الموت). وعموما سوف أرجع إلى كتاب (أرباب الشرّ) لكاتبه وليد فكري للتأكيد على ذلك.
لكن في الحقيقة أنا لا أذكر أن دانتي في الكوميديا الإلهية قد منح الشيطان أي وصف جيد كالبهاء وحامل الضياء، وكذلك أيضًا لا أعتقد أنه قد حدث في العهد القديم أو الأناجيل، فهنا وهناك كان الشيطان العدو، على عكس الميثالوجيا الإغريقية والتي أنا أيضًا لم أصادف فيها أي معادل للشيطان، لكن إله الحرب وإله الموت وغيرهما هم أبناء زيوس، ومن المنطقي أن يكون لهم هناك بعض الأوصاف الحميدة، لذلك توقعت أن مصدر أي صفة حميدة ستأتي من هناك لوجه الشبه بين شرور الشيطان وعنف بعض أبناء زيوس.
هل قرأت دانتي وميلتون، هل تريد أن أعرض اقتباسات، وربما أعثر في طريقي على اقتباسات من الإنجيل؟
لو كان كذلك، لا بأس، وهذا حقك، أنا أضفت تعليقك إلى المفضلة للرد عليه لاحقا.
لم أقرأ لجوم ملتون، لكنني قرأت الأجزاء الثلاثة من الكوميديا الإلهية، وسفر العهد القديم والأناجيل.
ولا أتخيل كما لا أذكر وصف البهاء وحامل الضياء فيمن يُنسب له في هذه المصادر كل قبح وظلام!
لذلك سألتك إن كان لديك إجابة، لكن ليس حقي أو شيء من هذا القبيل، بل تفضلًا منك فقط إن أردت.
المشكلة أنني قرأت الإنجيل القديم والحديث (بالطبع ذلك يشمل الأناجيل الأربعة) والكوميديا والفردوس المفقود، وأجدني أتذكر أن الوصف (ربما في الشروحات وأنا أخطأت) يلائم تماما ما أقول. أنا مهتم جدا بالفلسفة المسيحية كما الفلسفة اليونانية. وأبجل فلاسفة من عيار أوغسطينوس وتوما الأكويني، وقرأت لهما. النقاش معك ممتع جدا صديقي، يدفعني دفعا لملاحقة هذه المصادر مرة أخرى للتحقق من معلومة، لك الفضل أنت في جعلني أنتبه إلى ضرورة التحقق منها (رغم إني لا زلت أميل لفكرة أن إبليس هو حامل الضياء بعد!).
وجهة نظري أن موسوعة مثل هذه تدخل تحت بند العلم الذي لا يوجد ضرر من الجهل به، فواجبنا فقط هو التمسك بديننا والبعد عن الشياطين والتعوذ منها، ربما ستجذب هذه الموسوعة الجيل الجديد من المراهقين الذين يجذبهم كل ما هو غريب ويتحدثون عنه على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن لا اعتقد أنها ستنفعهم أو تنفع غيرهم في شيء.
التعليقات