تخيلوا أنكم في مكان لا يُسمح فيه باستخدام الهاتف، ولكن هاتفكم الذكي لا يتوقف عن إصدار أصوات التنبيهات والإشعارات القادمة من تطبيقات التواصل الاجتماعي، هذا كتب منشور، وتلك وضعت صورة جديدة، واقرأ هذا الخبر الطازج، ما رأيكم كيف ستشعرون؟

أغلبنا سيشعر بالضيق، والرغبة المُلحة لكسر قواعد المكان وفتح الهاتف للتصفح.

ماذا لو افترضنا أنكم قمتم بالتصفح فعلًا، كم من الوقت سيمر عليكم قبل إعادة التصفح مرة أخرى!

أغلبنا سيفتح الهاتف بعد خمس أو عشر دقائق، لأن مواقع التواصل لا تتوقف عن التحديث.

وهذا بالضبط تعريف ظاهرة ووباء العصر الحديث (الفومو fomo) أو ظاهرة الخوف من تفويت الفرصة (Fear of Missing Out).

إنه نوع من القلق الاجتماعي، حيث نشعر بحاجة إلى التواصل الدائم، هناك من يخوض تجربة أو مغامرة ونحن لا نعرفها، هناك دائمًا ترند لا نعرف عنه شيئًا.

في دراسة أجريت عام 2013 في الولايات المتحدة الأمريكية على مستخدمي مواقع التواصل، أظهرت أن 56% منهم يعانون من فومو.

تخبرنا أستاذة علم النفس "شيري توركل" في كتابها (وحدنا معًا: لماذا نتوقع المزيد من التكنولوجيا وأقل من الآخرين) ، أن علاقتنا بالتكنولوجيا مازالت في بدايتها، وهي علاقة غير صحية، حيث نخلط بين أصدقائنا على مواقع التواصل وبين الحقيقة، ونتوه في عالم الصور والترند والمغامرات ونحن لم نخوض أيًا منها، فنشعر بالوحدة، وتزيد حاجتنا لمتابعة كل لحظة على المواقع التواصل.

يقدم الباحث الاقتصادي وأستاذ العلوم السياسية الحائز على جائزة نوبل "هربرت سيمون" على نهج لحل تلك الظاهرة، تُسمى (البحث عن نتائج جيدة بما فيه الكفاية).

يخربنا سيمون بأن عقلنا غير قادر على استيعاب كل المعلومات الواردة والموازنة بين كل الاختيارات، وكأنكم في سوق للمنتجات، تريدون اختيار أفضل ما في السوق، ولكن عقلنا لا يسمح لنا بمعرفة كل المنتجات والاختيارات المتاحة، بدلًا من الاستمرار بالتنقل بين المنتجات والتوهان، يمكننا ببساطة اختيار أول منتج يناسب احتياجنا ونكتفي به.

وكذلك في مواقع التواصل، بدلًا من التوهان بين طوفان المعلومات اليومية، وفقدان التركيز، يمكننا الاكتفاء بما نعرف، بأول شيء قرأناه وتصفحناه.

ما رأيكم في ظاهرة الفومو، هل تعانون منها! وهل ترون منطقية في نهج سيمون كحل الظاهرة؟