التسول ظاهرة اجتماعية مشينة للدول والجماعات، قديمة قِدَمَ البشر، تشتد وتنتشر في فترات الحروب والأوبئة والأزمات الاقتصادية، كما في وقتنا الحاضر ،حيث توالت علينا الكوارث، من وباء كورونا إلى الحرب الروسية الأوكرانية، وحروب أخرى متفرقة هنا وهناك، وكذلك الجفاف والتقلبات المناخية، مما أدى إلى ركود الاقتصادات في مناطق عدة من العالم، وغلاء المعيشة، ما جعل جحافل من الفقراء تنضاف إلى عرمرم المتسولين. فتَجِدُ نفسَك وأنتَ تمرُّ مِنْ شوارع مدينتك، وسط جموع من المتسولين لا تعرفُ أيٌّ منهُم الأحَقُّ بالصَّدَقَةِ. بحيث أصبح الذين لا يَجوزُ التَّصَدُّقُ عليهم يتفنَّنون في اخْتِلاق أساليب وحِيَّلٍ للتسول والاستجداء، تجلب لهم التعاطف والشفقة، وبالتالي يستفدون من هذه المهنة المذلة لإنسانية الفرد، والحاطة لكرامته، على حساب مَنْ يستحق الصدقة بالفعل.

في هذه الحالة، ألا تَرَوْن معي أن بتصدقِنا على هذه الفئة، ما نزيد الطين إلا بلة، ونساهم في مَأْسَسَةِ التسول من حيث لا نَدري ولا نَقْصِدُ ولا نرغبُ .

إذن ماذا نفعل؟ أنَمْتَنِعُ عن الصدقة بالشوارع تماما؟ ونبحث في عن أناس مختبئين وبهم خصاص كبير، ولا يتجرأون على الظهور و مَدِّ اليَدِ، وهؤلاء مَنْ تجوز الصدقة عليهم، وكيف نتعرف على المستحقين للصدقة في الشوارع؟ ونحن كأفراد كيف نُجَفِّفُ منابع التسول من جهتنا إن أمْكَنَ، أو على الأقل لا نرمي الحطب للنار فنزيدها توهجا؟.