لا يخفى عليكم حادثة التحرش التي زاع صيطها أمس في مصر ومنها إلى بقية البلاد العربية، لكنني لا أريد التحدث عن حادثة التحرش، ما التفت نظري إليه هو عدم قدرة الرجل على الكلام بعد أن اخبرته الفتاة أن هناك كاميرا لذا لن يستطيع إنكار فعلته.

يبدو هذا الفعل إشارة واضحة وجلية جدًا تخبرك عن المستقبل أو على الأقل المستقبل القريب الذي باتت ملامحه واضحة وجلية جدًا عن كيف ستقوم التكنولوجيا ممثلة في كاميرات المراقبة بأن تأخذ دورًا مهمًا في توزيع الأحكام الأخلاقية وإثباتها، بحيث تصبح الكاميرات والتكنولوجيا هي صاحبة الوازع الأخلاقي في المجتمع ومنه تطور قدرة الناس على مسايرة التكنولوجيا لا مسايرة وازع ديني وأخلاقي داخلي حقيقي.

ربما هل يعني هذا أننا سنجد في المستقبل أشخاص يحملهم خوفهم من الفضيحة على الالتزام أخلاقيًا، لا رغبتهم في الاتساق الأخلاقي الحقيقي؟

ذكرني هذا بحلقة للدحيح وتقريبًا سميت بالدولة الإله في إشارة لبعض دول شرق آسيا التي يحمل بعضها نظامًا اجتماعيًا صارمًا جدًا فيما يسمى بالنقاط بحيث تصبح هذه النقاط الاجتماعية هي الرقيب عليك لا وازعك الأخلاقي الحقيقي، مقابل كل حسنة مجتمعية تفعلها ترتفع نقاطك، ومقابل كل سيئة مجتمعية قد تحرم من حقوق مثل السفر أو امتيازات اجتماعية أخرى، لتصبح وقتها التكنولوجيا هي صاحبة الوازع الأخلاقي في تحريكك كمواطن. وحادثة الأمس ربما تشير بطريقة جلية جدًا أن هذا النمط الأخلاقي والمرجعية المجتمعية ستصبح التكنولوجيًا مالكًا لها.

هل تتفق معي في هذا؟