عند نشر فكرة للنقاش، كيف تختار الزاوية التي ستتناول بها الفكرة لتحقق نقاش أكبر؟

أدرك أن الكتابة ليست مجرد نقل للأفكار، بل عملية تواصل ديناميكية. فزاوية الطرح لها دور محوري في توجيه استجابة القارئ. كل فكرة يمكن أن أقدمها من زوايا متعددة، لكن اختيار الزاوية يعتمد على الغاية التي أرجوها من المساهمة.فلا أختار زاوية الطرح عبثا بل أحددها وفق الهدف الذي أريد تحقيقه. هل أريد تحفيز القارئ؟ إقناعه؟ استفزازه للتفكير؟ كل هدف له زاوية تخدمه بشكل أفضل. لذلك قبل أن أكتب، اسأل نفسى كيف أريد أن يُقرأ كلامي؟

كلما كنت واعي بزوايا الطرح، أكون أكثر قدرة على خلق نصوص مؤثرة، قادرة على تحقيق الغرض الذي كُتبت من أجله. وهذا ما اتعلمه كل مرة أكتب فيها.

شخصيًا يعجبني كثيرًا استخدام استراتيجية التحدي الفكري أو الفكرة المضادة، أي أنني أحب طرح الفكرة بطريقة تشكك في المسلمات أو توقعات الآخرين المسبقة التي هي وجهة نظر للكثيرون ونعتقدها جميعًا دون أن نحللها أو ندقق فيها، مثل عادات وتقاليد معينة على سبيل المثال، وهذا يدفع الجميع للتفكير بطريقة جديدة وغير تقليدية، والهدف هنا هو إثارة الفضول الفكري، وتشجيع الجميع على إعادة تقييم مواقفهم أو معتقداتهم من خلال توجيه الأسئلة المحفزة أو حتى تقديم أمثلة غير متوقعة مما يجعل النقاش أكثر تنوعًا وثراءً.

عند اختياري لمحور النقاش، أحرص على مراعاة عدة عوامل لضمان أن يكون الموضوع جذابًا ويحفّز التفاعل. أولا، أختار فكرة تحمل قدرًا من الجدل، لأن كلما كانت الفكرة تحتمل وجهات نظر مختلفة، زاد احتمال أن يكون النقاش ثريا ومتنوعا. ثانيا، أسعى دائما إلى تقديم الموضوع من زاوية غير تقليدية، بحيث أطرحه بأسلوب جديد أو من منظور مختلف عن المعتاد. بالإضافة إلى ذلك، أضع في اعتباري طبيعة الجمهور والمنصة، فأختار المحاور التي تتناسب مع اهتمامات المشاركين وتشجعهم على التفاعل، سواء من خلال طرح التساؤلات، أو التحليل، أو مشاركة تجاربهم وآرائهم الشخصية

زاوية النقاش لأي موضوع هي أمر هام سواء في الحياة العملية أو في طرح المواضيع على مختلف المنصات، فهي تحدد نوع استجابة وتفاعل الآخرين مع الموضوع بشكل كبير.

أعضاء منصة حسوب من الأفراد المثقفين، لذلك اختار الزاوية التي تجذب التفكير وإعمال العقل في موضوع المساهمة؛ سواء تفكير فلسفي مجرد أو تفكير منطقي وعملي، أو في المواضيع العاطفية.

وكما ذكرتي في مساهمتك أن زاوية الفكرة تشبه عدسة التصوير؛ أرى ذلك حقيقي فأحب اختيار الزاوية التي يكون فيها تجديد بحيث تتجنب التكرار والإعادة، كما اختار الزاوية التي تظهر الأفكار والعواطف واضحة بارزة فلا يكون أي منهما غائم أو غير واضح التفاصيل، وفي نفس تحقق الزاوية الحياد فأتعمد ألا أجذب القارىء أن يميل لرأي دوناً عن الأخر بل تكون كل الأفكار بنفس الحجم والبروز من زاوية التصوير ليختار القارىء ويبتكر الرأي الذي يوافقه ويميل إليه، كذلك اختار الزاوية التي تمس القارىء شخصياً لتجذبه للمشاركة في نقاش التعليقات.

اختيار زاوية النقاش هو فن بحد ذاته، وأتفق تمامًا معك أن الزاوية تحدد مصير النقاش. أنا شخصيًا أرى أن الزاوية يجب أن تكون استفزازية بذكاء، لا أن تكون مجرد طرح سطحي أو تقليدي. أحرص دائمًا على أن أختار زاوية تُقلب الطاولة على التوقعات، لأن النقاشات الآمنة والمتوقعة لا تُنتج أفكارًا جديدة. مثلاً، بدلًا من مناقشة فكرة من زاوية أخلاقية مألوفة، أفضّل طرحها من زاوية تتعارض مع الرأي العام، لأن هذا يدفع الناس إلى إعادة التفكير في قناعاتهم، حتى لو أثار ذلك جدلاً حادًا. النقاش الحقيقي يبدأ عندما نخرج من منطقة الراحة، وهذا ما أبحث عنه دائمًا.

اختياري لزاوية النقاش يحدده هدفي من الموضوع، يعني لو أردت نصيحة أحاول الطرح من الزاوية العاطفية، لو أردت حلول عملية أطرح من زاوية منطقية، ولو أردت معرفة الآراء المتناقضة لرأيي اطرح بطريقة مستفزة لحث المستخدم على النقاش وتنوع الاراء

الألفاظ وسيلة لنقل الأفكار وتؤثر على تفكير الإنسان ووعيه، والإنسان كائن عاطفي غالبا ما يتعامل مع الأحداث بسطحية لأنه لا يفكر بعمق في كل أحيانه، والإنسان يميل للتفكير العاطفي أكثر من العقلاني لأن الثاني يتطلب جهدا وتأنيا.

والطرح العقلاني لا يكون مجديا دائما حتى وإن كان واضحا شاملا فالكثير من الناس يفرون منه ولا يبحثون عنه وهنا يأتي دور الاستهداف: لمن أقدم هذا المحتوى وما الغاية منه؟ عند معرفة الجمهور المستهدف تتضح زاوية الموضوع، فمثلا الذي يريد أن يقنع أناسا برأيه وبنظرته يركز على العاطفة وعلى أساليب الإقناع، الذي يريد أن يدفع الناس للتفكير سيبتعد عن الأسلوب العاطفي تماما ويعتمد على العقلانية وفقط.

وأيضا على الطارح أن يعلم بأنه هنالك مواضيع لا تطرح لأي كان ولا فائدة من طرحها على جمهور معين لعدم قدرتهم على استيعاب هذا الطرح بل سيخرجون الموضوع عن سياقه، فهناك مواضيع قبل طرحها على فئة معينة من الناس يجب العمل على تأهيلهم تدريجيا وتعليمهم كي يستطيع عقلهم استيعابها بعد ذلك.

شخصيا لا أطرح المواضيع من الزاوية العاطفية ولا أحبذ أبدا هذه الطريقة اللهم في بعض الحالات الضيقة جدا فلضرورة أحكام، لكن عموما لا أحبذ تحريك المشاعر في الوقت الخطأ أو استغلال ثغرات الدماغ الإنسان لتمرير فكرة معينة.

لذا أريد أن تشاركونا تجاربكم كيف تختارون زاوية النقاش عند طرح الفكرة للنقاش؟

عادةً أختار الزاوية بناءً على الهدف من النقاش. إذا كنت أريد تحفيز تفاعل أوسع، أبحث عن زاوية تثير التساؤل وتدفع المشاركين للتفكير بشكل مختلف. أركز على الجوانب التي لم يتم التطرق إليها كثيراً، وأحرص على أن تكون الزاوية مفتوحة للنقاش بدلاً من أن تؤدي إلى إجابة محددة. كما أنني أراعي أن تكون الزاوية قريبة من اهتمامات المشاركين وتجاربهم حتى يسهل عليهم التفاعل والمشاركة.

فعلاً اختيار زاوية النقاش يصنع فرق فى أى حوار، أقوم باختيار الزاوية بناء على الهدف من النقاش ، هل الهدف هو تحفيز التفكير إذا سوف أطرحها بأسلوب منطقى، هل أريد حوار تفاعلى أستخدم هنا سؤالاً غير مألوف

عن نفسي أحاول اختيار الزواية التي من خلالها أبصر تأثير موضوع النقاش على الآخرين، فعندما أناقش الحزن مثلاً لن أناقش تعريفه أو الفرق بينه وبين السعادة لكن سوف أناقش تأثيره علينا وكيف ننجو منه هنا أنا سوف أبصر معاناة الآخرين واستفيد من تجاربهم واذهب للحديث عن كواليس ما يحدث داخلنا وأظن مثل هذه الزوايا تكون فعالة للغاية في النقاش وتبادل الآراء