لماذا لا نعرف الموعد الذي سنموت فيه، كيف أرد على أخي في السابعة!

احكي له قصة... فالأطفال تفهم وتتأثر بالقصص وحاول ان تظهر بها بعض المعاني التالية:

1- موعد الموت هو غيب لا يعلمه إلا اللّه عز وجل.

2- إذا عرفنا موعد موتنا سنعيش في رعب فلن نستطيع التنعم بالحياة وعيشها كما يجب... بل سنبقي خائفين من أن يأتي هذا اليوم.

3- إذا عرف أحد موعد موته سيفعل أشياء سيئة ولن يتوب بل سيظل يؤجل هذا حتي قبل وفاته بوقت قريب.

عرفه أولاً أن الموت ليس عدم بل انتقال إلى مكان أفضل وأحلى وأحسن. وقل له ماذا لو أريد أن أجعلك تتشوق ليوم احتفال كبير بك؟ أو تتشوق لهدية سأمنحها لك؟ هل كنت سأخبرك أني سآتي لك بها في اليوم الفلاني أم أدعك ولا أخبرك حتى تتوقعها في كل يوم وتعيش على انتظارها؟! كذلك، الموت هو رحلة انتقال إلى السماء ليكافئنا الخالق على أعمالنا ويصنع لنا حفلة على شرفنا وعلى قدر مبحتنا له ومحبته لنا. ولكي تكون هذه الرحلة مشوقة عليها ألا تكون متوقعة بل مفاجأة. وكل واحد فينا حدد له الخالق رحلة في وقت معين خاص به هو.

تخيل لو كنت تعرف معاد موتك ماذا كنت ستفعل؟ أعتقد أن أغلبنا ستصيبه حالة من اللامبالاة طالما موعد موته مازال بعيدا، وسنعول على أن نعتزل الحياة ونتفرغ للعبادة حين اقتراب موعد الوفاة، شخصيا أرى أن هذا هو الجزء الأهم في اختبار الحياة، أنه يمكن سحب الورقة في أي وقت

فكيف أشرح لطفل بالسابعة سبب جهلنا بموعد الموت، ولماذا هو حقيقة غامضة للغاية ؟

هناك حكم عديدة من هذا ومنها :التركيز على الحياة والعمل الصالح و معرفة الموعد قد تجعل الإنسان يفرط أحيانًا أو يقصر أحيانًا في العبادة والأعمال الصالحة... تعليم الصبر والثقة بالله: الغموض يعلمنا الاعتماد على الله في كل وقت، والوقاية من القلق أو اليأس: إذا عرف الإنسان الموعد بدقة، قد يعيش في خوف دائم، بينما الغموض يسمح له بالعيش بطريقة متوازنة...

التحفيز للاستعداد الدائم للآخرة: حتى يكون الإنسان دائم الاستعداد بالذكر والصلاح والعمل الصالح.

لذلك أراد الله أن يبقي موعد الموت مجهولاً...

بالنسبة للتعامل مع الطفل الصغير أجبه على سؤاله بلطف وحكمة:

أفهم سؤالك، لكن الموت ليس شيئًا نختاره أو نجربه، وموعده لا يعلمه إلا الله. لذلك لا يمكننا أن نحاول أن نموت لرؤية أي شخص، حتى والدنا.

لكن هناك شيء جميل يمكنك فعله: العمل الصالح، مثل الصلاة، الطاعة، ومساعدة الناس، فهذا ما يدخلنا الجنة. وإذا أردت يومًا لقاء والدك بعد الموت، فالعمل الصالح هو الطريق لذلك، والله سيجمعنا جميعًا في الجنة. أما الآن، فالأهم أن نعيش حياتنا بسعادة، نحب بعضنا، نلعب ونتعلم، ونفعل الخير كل يوم.

تفكير خطير جدًا من طفل في هذا العمر، وبرأيي يجب عليك احتواء الأمر بأي شكل قبل أن تتطور هذه الأسئلة البريئة إلى مشاعر حزينة أو سلوكيات مؤذية، وما قاله لا يجب تجاهله أو التهوين منه، بل يحتاج إلى حوار هادئ ومحب يُشعره بالأمان، ويمنحه فرصة للتعبير دون خوف أو توبيخ.

وأفضل شيء يمكنك القيام به برأيي هو أن تعيد الحديث معه بلغة بسيطة ومطمئنة، تشرح له أن الله أخفى موعد الموت لنبقى نعيش حياتنا بفرح واطمئنان، وأن من يفقد عزيزًا لا يلحق به، بل لا بد أن ينفذ رغبته بأن يعيش حياة طيبة وسعيدة ويحقق أهدافه وينجح ليكون والده سعيد به، وإذا لاحظت استمرار هذه الأفكار أو تكرارها، فاستشارة مختص نفسي ستكون خطوة ضرورية لحماية مشاعره وتوجيه تفكيره بشكل سليم.

أسئلة الأطفال البريئة تعدُّ من النوافذ التي تتيح لنا مراجعة ما نؤمن به مرةً أخرى و فهمه و إعادة ترتيبه، هذا الموقف يتيح لنا العودة للتأمل في عقائدنا و في هذا العالم و وضعها في صورة مناسبة لأن تُشرح لطفل، كي نتحقَّق بذلك حينها بأنفسنا من قابليَّة تطبيق مقولة: "أنت تفهم الشيء حقًّا عندما تستطيع شرحه لطفل في الخامسة" علينا.

أما بالنسبة لإجابات أسئلته، فأهم شيء ألَّا تكون منفِّرةً أو مخيفةً أو غير كاملةٍ أو غير واضحةٍ، كنت لأقترح عليك أن تشرح له مفهوم الحياة على الأرض جميعها من المنظور الدينيِّ، و كيف أنَّنا الآن في امتحانٍ لإيماننا ينتهي بالموت، و لذلك اختصَّ الله نفسه بعلم ميعاد الموت كي لا يعلم الناس متى ينتهي هذا الامتحان و يتسابقوا في الخير و ينتهوا عن المعاصي، كما يمكنك طرح واقعٍ بديلٍ جدليٍّ في المناقشة يعلم الناس فيه متى يموتون، و إثبات أنَّه سيكون واقعًا أتعس إذ سينتظر الناس ساعتهم بيأس متجنِّبين الحياة، و يشعر من سيموت قريبًا منهم بالنقص أمام من مد اللَّه له بالعمر، و الكثير من الأحوال التي ستفسد.

في النهاية لا بدَّ من ختم الحديث مع ذلك الطِّفل بذكر احتماليَّة إخفاء الله لميعاد الموت عنَّا لأسباب أخرى لا يعرفها إلَّا هو، فحكمته وسعت كلَّ شيئٍ، و هناك أمورٌ لا يفصح عنها لعباده لأنَّ ذلك يكون الأفضل، و علينا أن نثق به و نؤمن أنَّ هذا هو حقًّا الخير لنا و نمضي قدمًا.