مرحبًا جميعًا، كيف تشرحون لي ذلك بمفاهيم بسيطة يمكنني استيعابها، ما الذي يجعلنا نقول إن شيئًا ما صحيح أو خاطئ؟ هل هو بسبب ما نشعر به، أم بسبب ما يقوله لنا الآخرون، أم بسبب قواعد معينة نتعلمها؟ أريد تفسيرًا يساعدني على فهم كيف يميز الناس بين الجيد والسيء في حياتهم اليومية؟
كيف يميز الناس بين الشيء الجيد والسئ؟
أعتقد أن الأمر يبدأ أولا من خلال التجربة. فمثلا عندما مثلاً، عندما تكون صغيرًا وتلمس شيئًا ساخنًا، تتعلم أن هذا شيء سيئ لأنه يؤلمك، فتتجنبه. وعندما تساعد محتاجا فيثني عليك المجتمع فتعلم أن هذا الأمر جيد. وقس على ذلك في جميع الأمور الجيدة أو السيئة. ومع الوقت تتناقل الأجيال هذه المعرفة إما على هيئة معلومات مجردة أو على شكل قصص إما حقيقية أو خيالية، تناقش ما هو مقبول ومتعارف عليه في دائرتنا الاجتماعية وما هو ليس كذلك، إلى أن تتشكل مجموعة من التقاليد أو الأعراف المجتمعية الثابتة والتي تختلف باختلاف المجتمع والبيئة وعوامل أخرى
أعتقد أن الأمر يبدأ أولا من خلال التجربة. فمثلا عندما مثلاً، عندما تكون صغيرًا وتلمس شيئًا ساخنًا، تتعلم أن هذا شيء سيئ لأنه يؤلمك
ولكن في بداية التعلم لمعرفة الصواب والخطأ تكون التجربة شيء جانبي بمعنى أنها تحدث عرضا وليس لأنك تريد معرفة الصواب والخطأ، هذا يحدث بعد أن تمتلك قدرا بسيطا من المعرفة حينها يمكنك من محاولة التجريب لمعرفة الصواب والخطأ أما في البداية فالمعرفة تأتي من المحيط بنا ومن الأوامر المباشرة وانتقالها إلينا حينها تتكون المعرفة ويمكنك الاختيار ما بين هذا وذاك.
ممكن القول التجربة كانت في بداية حياة الإنسان ومعرفة ما هو ضار وما هو نافع
ولكن في الوقت الحالي لا يوجد مجال للتجربة فمعرفة الصح من الخطأ له مراجع دينية وعرفية وقانونية
فلمعرفة مقياس الصح من الخطأ في الوقت الحالي يتطلب أن تكون على معرفة بانواع تلك المراجع وغيرها
وبالرجوع إلى طارح السؤال فالتمييز في الاساس بسبب تلك (القواعد) التي ينشأ عليها الفرد، وأيضاً ما يقوله لنا الأخرون (العرف)
اما بالنسبة لما نشعر به فهو مقياس نسبي لا يعتمد عليه
ممكن القول التجربة كانت في بداية حياة الإنسان ومعرفة ما هو ضار وما هو نافع
لا، بل حتى على المستوى الشخصي حاليًا... التجربة تمثل عنصر الإثبات أو التحقق الفعلي. فالاكتفاء بالعُرف كمن قرر التمسك بالمعرفة النظرية وترك التطبيق.
بتطبيق كلامك أخي فسوف أجرب أن اسير بسيارتي على سرعة 220 كم/س
واكتشف هل هذا صح ام خطا عن طريق التجربة
والتجربة سوف تفتح باب كبير لمنتهكي القواعد والعرف وإلقاء السبب على شماعة التجربة
أو اعطني بعد اذنك مثلا للتجربة على شئ لمعرفته نافع أم ضار
وجهة نظري ما هو نافع أو ضار صحيح أو خاطئ يخضع للعرف والقوانين والتقاليد
التمييز بين الجيد والسيء له مصادر كثيرة، ومنها التفكير في عواقب الفعل، هل ما سأفلعه سيعود بالنفع علي وعلى من حولي، أم سيكون مضر لي ولمن حولي، مثلا التدخين نعلم جميعا أنها مضرة لنا وللآخرين، فبالتالي هو مضر، حتى المدخنين أنفسهم يميزون ويدركون تماما أنه مضر رغم أنهم يدخنون. أيضا من خلال ذلك يمكننا تمييز الجيد من الممتاز أدرس طب ولا هندسة، انتقل لهذه المدينة أو هذه المدينة، مع الدراسة ومعرفة الميزات والعيوب ستتمكني من الحكم
ربما كلامك في شيء من الصحة، لكن ليس الجميع يعرف الشيء الخطأ، فهناك أشياء خطأ كثيرة يعتقدون أنها صواب، على سبيل المثال.
مثل الأشخاص الذين يتخذون مقولة الغاية تبرر الوسيلة، فعلى الرغم من أن الوسيلة قد تكون خطأ لكنها في مواقف معينة مبرره، لذا كل شخص يبرر او يقول على ما هو خطأ صحيح حتى يباح له كل شيء يريده.
الأمر يعتمد على ما نتعلمه ونؤمن به من أشياء، على سبيل المثال تخيل معي أننا نلعب معًا، وهناك قواعد في اللعبة تحدد الطريقة التي سيتم اللعب بها، وفي حالة القيام بأي شيء بشكل خاطئ ندرك جيدًا أن ذلك يخالف القواعد العامة للعبة، وهذا ما يحدث في حياتنا بشكل عام، إذ نتعلم كل شيء من الأهل والأقارب والأصدقاء في المدرسة، كما ندرك ما هو صحيح وما هو خاطئ نتيجة ما يخبرنا به غيرنا.
تخيّل أنك تلعب في الحديقة مع أصدقائك وتجد لعبة ليست لك، ماذا ستفعل؟ قد تفكر "هل يجب أن آخذها؟ أم أتركها؟"
الصح والخطأ يعتمد على ثلاثة أشياء، وهي المشاعر، وما يقوله الآخرون، والقواعد التي نتلقاها في البيت أو المدرسة. فمثلا، إذا أخذنا هذه اللعبة التي ليست لنا، قد نشعر بالذنب بعد ذلك، فهذا يدل على أن هذا الفعل خطأ. أخذنا اللعبة وذهبنا بها إلى المنزل، وقولنا لأمنا: لقد وجدت هذه اللعبة في الحديقة، فستقول لنا: أن هذه اللعبة ليست من حقنا ومن المفروض أن نرجعها إلى صاحبها، فهذا دليل آخر على أن الفعل هذا كان خطأ. آخر نقطة، هي القواعد التي نتلقاها مثلا في البيت أو المدرسة، أن من يجد شئ يجب أن يعطيه لولي الأمر أو للمدرس، فأخذ أشياء ليست ملكنا تصرف خاطئ.
يمكنني أن أوضح لك ذلك بشكل تربوي وبطريقة مبسطة.
الأطفال مثل البذرة التي تنمو مع مرور الوقت، والماء والعناصر الغذائية هي العوامل التي يتربي عليها وتنمو كلما غُرست هذة القيم فيه.
لنأخذ مثالين كتبسيط للمعلومة.
١. طفل تربي من صغره أن الكذب لا يصح وأن عليه قول الحقيقة مهما كانت المواقف، لذا فهو يعلم من صغره أن الكذب أمر سيء ولا يصح.
٢. طفل أخر تربي في أسرة تعلمه الكذب على الجيران والاصدقاء حتى لا يعلم أي شخص معلومات حقيقية عنهم، لذا الطفل كبر وتربي ان هذا شيء طبيعي وان عليه الكذب طوال حياته حتى يعيش في امان، فهنا يظن ان الكذب شيء صحيح وليس خ
جزء كبير مترسخ في فِطرتنا، لا يحتاج لضوابط خارجية كثيرة تحكمه، باقي الأمور مرجعيتها لشريعتنا الإسلامية وقياس ما يطرأ علينا من أمور نستغربها بمماثلة لها داخل الأحكام.
كذلك الاستفادة من تجارب السابقين لهذا الأمر أو أمر مشابه يساعد في فهم طبيعته وسهولة تقييمنا له سواء بالسلب أو الايجاب.
الفصول الأولى من كتاب "الفصل بين النفس والعقل" قد توضح عندك الإجابة بشكل أكثر تفصيلًا.
التعليقات