عندما كنت صغيرة، كنت أفهم الوقت بطريقة بسيطة جدًا. "النهار" كان يعني اللعب في الخارج ورؤية الشمس، و"الليل" كان يعني أنني يجب أن أعود إلى البيت وأنام. لم أكن أفكر في الساعات أو الدقائق، فقط متى أبدأ اللعب ومتى ينتهي.
الآن، أصبح الوقت أكثر تعقيدًا بالنسبة لي؛ هو شيء نحاول دائمًا تنظيمه وإدارته بين العمل، العائلة، والراحة. أحيانًا أفتقد تلك البساطة عندما لم يكن الوقت يحمل ذلك الوزن الكبير.
الطفولة عالم آخر ...
كنت اقول لصغيرتي "فاطمة" عندما تطلب ان نذهب للحديقة أقول لها بعدين "بالليل" .. في يوم استيقظت الثانية فجراَ وكنت مضطرا للذهاب للحمام "الله يكرمكم" .. كانت فاطمة لاتزال مستيقظة تلعب مع أختها .. نظرت الي قائلة: الدنيا صارت بالليل؟؟ .. فقلت نعم .. فقالت: ايه رايك تودينا الحديقة؟؟ ..
وعندما تسمع ان العيد قرب تتساءل ببراءة: يعني بعد ننوم كم مرة؟؟
لا زمن ولا ساعات ولا وجع راس .. ايامهم تمضي سعيدة .. صدق اللي قال: المعرفة هي الجحيم ..
اثار حديثك الشجون فعفوا اذا قلت شيئاَ لا يعني لكم شئ ...
على العكس حديثك جعلني ابتسم، لأن تقريبا كل الأطفال مثل فاطمة، فهم لا يدركون الفرق بين الأيام والشهور، حتى أن لدي أطفال عندما كانوا بعمر الخمس سنوات كانوا يطلبون شيئا فأقول لهم إن شاء الله كانوا يتضايقون، لأنهم لا يفهمون مدى الوقت لكلمة إن شاء الله
بالفعل كنت مثلك وأنا صغير ولكن بعد أن أصبحت مستقل أصبحت أرى الليل والنهار بعيون الانتاجية، يعني النهار فرصة للإنتاج والتواصل عندما أكون في ذروة نشاطي وأما الليل فأصبح مساحة للهدوء والتأمل عندي، لكي أشحن نفسي كما يقال، والحمدلله لم أعد مهتم بإدارة الوقت كما يراه المجتمع، بل صار عندي فلسفة خاصة بهذي الأمور، يعني كما يقال أعيش وفق إيقاعي الخاص، بحيث يكون الليل فرصة للتركيز بعيد عن ضجة العالم، أبني توازني، ولكن بالعموم كله يدور حول العمل والانتاجية والروحانيات.
جيد أنك تعمل وفقا لطاقتك وأين يمكنك الإنتاج وأين يمكنك الراحة، ولكن بالنهاية نجد أننا أصبحنا أكثر تركيزا على ما هية الوقت بشكل أعمق، يعني ونحن صغارا كانت الدقائق والثواني لا تعني شيء، اليوم الدقيقة تعني لنا الكثير، أحيانا أتسائل ماذا لو أصبح اليوم يوم بدون تمييز يعني بدون أن ندرك أن أن اليوم 24 ساعة، هل سيختلف سلوكنا حينها؟
الجميل في الطفولة، أننا لا نعير أي اهتمام للوقت، كله لنا، نلعب متى أردنا اللعب، نرسم أو نتابع سلسلتنا الكرتونية أنى شئنا، مخففين من حسابات الزمن وتبعات الأفعال.
أما وقد صرنا كبارا، فأصبح الوقت عاملا أساسيا في كل أفعالنا ومهامنا، يهوسنا بالتنظيم والاستغلال والضبط، حقا إنه عامل ضغط بامتياز.
أما وقد صرنا كبارا، فأصبح الوقت عاملا أساسيا في كل أفعالنا ومهامنا، يهوسنا بالتنظيم والاستغلال والضبط، حقا إنه عامل ضغط بامتياز.
برأيي أننا من نضغط أنفسنا، بمعنى أن الوقت كما هو لكن نحن من نضغط أنفسنا نتيجة إما ممارسات خاطئة أو تحميل أنفسنا أهداف تفوق قدراتنا، والاثنان بالنهاية يجعلوننا نشعر وكأننا نركض والوقت يركض ورائنا
كثرة المسؤوليات في إطار زمني معين، هي ما يضغط علينا، حقيقة أن يتحمل الفرد مسؤولية أسرية وما يتبعها من أمور منزلية، وأخرى مهنية، لهو أمر ضاغط. فأينك يا وقت الراحة والاستجمام؟ ويا وقت زيارة الأبوين والتجمعات العائلية؟ ويا وقت القراءة والتثقيف؟
حبذا لو يستطيع كل واحد إدارة وقته بشكل نافع له، ودون ضغط.
وهذا كله يعدنا لأحد النقاط التي ذكرتها وهي أننا نحمل أنفسنا أهداف فوق طاقتنا وقدراتنا، فما تمكنت من الوصول له، أنه ليس شرطا أن أكون سوبر هيرو بكل شيء، في المنزل والعمل وبكل مكان، وارد أن نخفق، وأن نتعب ويقل مجهودنا، تقبل ذلك نوعا ما يخفف من الضغط الذي يجعلنا نلهث وراء كل شيء ليظهر بأبهى صوره
الوقت بالنسبة لي في طفولتي كان مليئًا بالأنشطة التي أحبها، مثل الرسم وقراءة قصص ومجلات الأطفال، واللعب مع أختي، كنت أحرص على الاستمتاع بكل لحظة وأتأكد من أنني أقوم بجميع الأمور التي أحبها، فأنا كنت أعيش كل لحظة بحب واهتمام، لم أكن أعي قيمة الوقت حينها، ولكنني كنت أستمتع به بشكل كامل، أما الآن فأرى الوقت بشكل مختلف، أصبحت أضع له أولويات وأحاول الاستفادة منه بأفضل طريقة ممكنة لتحقيق التوازن بين العمل والراحة والأنشطة التي أحبها.
وأحاول الاستفادة منه بأفضل طريقة ممكنة لتحقيق التوازن بين العمل والراحة والأنشطة التي أحبها.
يعني أصبحتِ في سباق مع الوقت، ولكن جيد أنك تسعي لتحقيق التوازن، لأن هذه النقطة وحدها تحتاج لاستراتيجية قوية، خاصة إن كان حدود عملك لا ينتهي بخروجك من مكان العمل، وقد يرافقك لمنزلك أيضا، هنا يكمن التحدي والصعوبة
من الجميل كيف تتغير وجهة نظرنا عن الوقت مع مرور السنوات. في طفولتك، كانت البساطة والحرية هما المسيطران، حيث كان النهار والليل يشكلان إطارًا مرنًا للعب والاستكشاف. هذا الشعور بالحرية وعدم الالتزام بالوقت يمكن أن يكون مليئًا بالفرح والبساطة.
مع تقدمنا في العمر، يصبح الوقت أكثر تعقيدًا بالفعل، وتزداد مسؤولياتنا، ونجد أنفسنا نحاول إدارة ساعات اليوم بين التزامات العمل، ومتطلبات الأسرة، واحتياجاتنا الشخصية. الوقت يصبح موردًا ثمينًا نحتاج لإدارته بحكمة.
لكن، ربما يكون من المفيد أن نتذكر تلك البساطة الطفولية أحيانًا، وأن نحاول إيجاد توازن بين التزاماتنا وإيجاد لحظات للاستمتاع بالحياة دون النظر كثيرًا للساعة.
في الواقع لا أجد أن تغير وجهة نظرنا للوقت شيء جيد، ما زلت أرى أن الجمال الفعلي هو أن نكون بنفس طلاقتنا ونحن أطفال في التعامل مع الوقت، أحيانا أجد أن الحرية التي كنا ننعم بها هي التي تناسب حجم المسؤوليات الحالية التي نعمل عليها هذا الدور المعقد الذي نلعبه بحياتنا الآن هو بحاجة للبساطة التي كنا نفكر بها، برأيي لو تمكنا من ذلك سيقل أثر تعقيدات الوقت علينا حاليا
زمان في طفولتي، الوقت كان حاجة بسيطة، وما كان عنده نفس التعقيد الحاصل هسع. كنت بشوفه زي لعبة، أو بالأصح، زي حبل طويل ما عنده بداية ولا نهاية. كان اليوم بيمر بطيء شديد، وكل لحظة كانت ممتعة، مليانة شقاوة وضحك وأحياناً عفرتة ساكت.
الساعة كانت بالنسبة لي مجرد عقرب بيجري في دايرة، وما كنت فاهم حكاية "الساعة 5" دي تعني شنو بالضبط. كنت بعرف الوقت من الأحداث: لما الشمس تطلع، بنطلع نلعب؛ ولما تبدأ تميل شوية، نعرف إنو وقت الغدا قرب؛ ولما الليل يجي، معاهو البكور والنوم، والباقي كله ما فارق.
لكن هسع، الوقت بقى حاجة تقيلة. بقى مرتبط بالمواعيد، المسؤوليات، والأهداف. بقى مربوط بالأرقام والتقويم، وحسيت كأنه ماشي أسرع من اللازم. بقت اللحظات تمر زي البرق، وحاولت أتمسك بيها، لكن ما بتمسك.
مع ذلك، لسه بحاول ألقى اللحظات الصغيرة دي، لحظات السعادة البسيطة، وأستمتع بيها زي زمان. لأنو الزمن، مهما اتغير، هو نفسو؛ الفرق إنو إحنا اللي بنشوفو بطريقة مخ
تلفة.
تمكنت من التعبير عن ما يدور بحياتنا الآن بخصوص الوقت، ومروره بسرعة البرق، أحيانا أقول أننا بحاجة لأن نقلل سرعة القطار الذي نركبه، لنتمكن من الاستمتاع بالتفاصيل الصغيرة التي قد تتوه وتتشوه مع السرعة الكبيرة، أحيانا نحتاج لإستعادة البطء في يومنا مرة أخرى لنستشعر لذة الأشياء مثل السابق
كانت أوقات الصباح والمساء تمثلان نشاطين مختلفين، حيث كنت أقضي الوقت في اللعب في مكانين مختلفين. ومع تقدم العمر قليلاً، أصبحت أخصص ساعات معينة لمشاهدة عروض الكرتون، وكنت أهتم بهذه المواعيد بشدة. أما الآن، فالوضع أصبح أصعب بكثير. أؤيد فكرة "جحيم المعرفة" بشدة في هذه النقطة @BizMaster .
المعرفة هي الجحيم بمعني عندما كنا أطفال رؤسنا كانت خالية من الأسماء .. يعني مثلا : هذه شجرة .. هذا كرسي .. هذا ليل .. هذا نهار .. ويعيشون المسميات بدون اسماء .. هل لديك فكرة لماذا يتناول الناس الممنوعات؟؟ لانها فعلا تجعل العقل خالي من المسميات .. يصير الانسان مثل الأطفال يندهش لكل شئ .. نفس الدهشة التى كنا نشعر بها ونحن أطفال ..
وهل تعلمين أن هدف الصلوات واليوغا هو الوصول لهذه المرحلة .. أي صفاء الذهن .. صفاء العقل من المعرفة (المسميات) ؟؟ .. وأن هذا الصفاء العقلي هو حالة الفردوس الموعود فعلاَ ؟؟ ..
في مرات عديدة جربت ووصلت لهذا الصفاء وتعلمت أن لا أخرج وأقابل الناس وانا في تلك الحالة .. وعرفت لماذا يختلى الرهبان والمتصوفة في الخلوات .. يصير الانسان كالأطفال تماماَ .. صدقي او لاتصدقي كنت أعانق الأشجار والناس في حب حقيقي غير متناهي .. ولكن ردود أفعال الناس تجعل الإنسان يشك في نفسه وفي عقله لأن أبسط رد فعل هو: هل انت شارب شئ؟؟ .. أو يعتقدون حقيقة أنك جننت .. لذلك إذا لم يقل لك الناس : انت تغيرت؟؟ أو أنت جننت .. فأنت ميت ..
أعلم أن الموضوع معقد .. وكنت بطلت مشاركته مع الاخرين لأن معظم الناس عندهم عقدة تجاه هذه المواضيع .. الدنيا أغرب مما نتصور ..
تحياتي
علىى العكس يسعدني نقاشك بأكثر من نقطة، ولكني دوما ما أجد بأن المعرفة منحتنا القدرة على فهم القوانين التي تحكم الحياة. بدونها، نصبح كالأطفال، معرضين للخوف من المجهول وغير قادرين على التحكم في مصيرنا، المعرفة ليست عائقًا أمام الصفاء الذهني، بل قد تكون وسيلة للوصول إليه. التأمل في المسميات وفهم حقيقتها يمكن أن يكون طريقًا للدهشة العميقة.
لذا المشكلة ليست في المعرفة ذاتها، بل في الطريقة التي نتعامل بها معها. إذا أرهقنا أنفسنا بالمعرفة بدون تأمل أو فهم أعمق، قد نشعر بالضغط، لكن الحل ليس رفضها بل إيجاد التوازن.
في طفولتنا كان الوقت بسيطًا لأنه كان ملكًا لنا. أما الآن لم نعد نملكه بل نعطيه للآخرين، للعمل، للدراسة، لإنجاز المهام، للترفيه، أو حتى نعطيه للشيطان بالمعاصي والذنوب...نحن من نختار لمن نعطيه.
يمكن أن نراه أداة يمكن أن تصبح إما جسراً لتحقيق أحلامنا أو سيفاً يقطع آمالنا إذا أهملناه، ليس وزن الوقت الذي تغير بل تقديرنا نحن لوزنه، أما الوقت فلطالما كان كنزا وسيبقى.
في الصغر كان الوقت بالنسبة لي لا قيمة له لم أكن أحدده بالساعة والدقيقة، ولكن أعرف أن اليوم للمذاكرة وعندما ننتهي نلعب أو ننام أو نجلس نفعل ما نريد، لم يكن عندي مواعيد ثابتة ولكن كنت انتهي من المطلوب في أي وقت باليوم ولي البقية منه.
أما عندما كبرت فأشعر أنني على وشك أن أراقب حتى الثواني وكأني أطارده لأمسك به فلا يضيع منه أي جزء هباء، وبات التعامل معه هام للغاية عكس الصغر وأظن كلما كبرت تزداد اهميته عندي أكثر.
اعتقد العمر شيء، كلما نكبر نزيد في تقديره، ولكن هنا الأمر. أن تقدير هذا الأمر يذكرك بالبساطة التي كانت.
ربما يكون الامر غريبًا ولكني كنت عكس معظم التعليقات، وكان الوقت شيء أركز فيه وأنا صغير، حتى بالساعات والدقائق، فمثلًا الساعة الثالثة والنصف كانت تعني إذاعة كارتوني المفضل، أو السادسة والربع صباحًا الذهاب للمدرسة، أو كم دقيقة تبقت قبل 12 منتصف الليل حتى يُغلق التلفزيون؟ ركزت في الوقت والتوقيتات إما أنها كانت تنتمي لشيء أود مجيئة أو الهروب منه.
التعليقات