هناك أمثلة خبيثة كثيرة لا أخلاقية بالمرة احتار فيها لأننا لا نعمل بها وإذا ذكرتها أمام الناس فإنهم يستنكرونها ولا يعترفون بها. من هذه الأمثلة: إن جاك الاعمى كل عشاه هو انت احن عليه من اللي عماه؟! واللي يصعب عليك يفقرك. وكذلك مثل عشها بسعادة ملهاش إعادة وغيرها كثير. ما يحيرني أن الجميع يرفضها.
لماذا نتداول أمثالا لا نؤمن بها ولا نطبقها؟
أري أنها طريقة للتوجيه الاجتماعي بطريقة غير مباشرة رغم عدم توافقها مع الأخلاق من وضعها ربما أراد أن يزرع فكرة معينة في أذهان الناس دون مواجهة مباشرة وانتشرت لأنها تثير الفضول أو يُعتقد أنها تحمل حكمة فننقلها رغم أننا لا نطبقها بهذا الشكل تنتقل الأمثال مثل فكرة معدية تذكّرنا بالمعايير أو تختبر حدود قبولنا لكنها لا تمثل سلوكنا اليومي الحقيقي
ولكن ما رأيم في قول البعض انها أمثلة تعبر عن بعض النفسيات الموجودة فعلاً بيننا ولكنها متخفية أو لا تظهر كثيراً؟ وإلا كيف ظهرت تلك الأمثال الممقوتة إلا بوجود نفسيات تشبهها؟
برأيي أمثال مثل: اللي يصعب عليك يفقرك هو مثل صحيح، ليس من الصواب أن يكون منطلق تعاملاتنا هو عاطفة الإشفاق على الآخر، فهذه العلاقات القائمة على الإشفاق تستنزفنا، مثل عامل لا يعمل واجباته ونستمر في الإبقاء عليه وصرف مرتب له حتى لا نقطع رزقه..
بينما "إن جاك الاعمى كل عشاه" بهذه الصيغة هو مثل غير أخلاقي لأن فيه اختلاس، لكن لو لم نأكل حق أحد، ولا حملنا أنفسنا ذنب أن نرزق غيرنا ونتكفل بهم كصاحب المشروع الذي مشروعه يخسر بسبب العمالة الزائدة ويخشى طرد أحد من العمال، هو ليس مسؤولاً عن رزقهم لأن الرازق هو الله..
يفقرنا ماديا ولكن قد يُغنينا روحياً ونحن أحيانا نكون أحوج إلى غنى الروح من غنى المال........
ومثل الأعمى أرى خطورته تكمن في الفهم الخاطئ لوجود الإبتلاء في الدنيا من أساسه. لقد أخطأ هؤلاء الأوغاد في فهم أن الخالق يبتلينا بعضنا ببعض فيرى رحمتنا من خلال ابتلاء آخرين ويرى غنى أنفسنا من خلال فقر آخرين وأن الله أقدر ما يكون لجعل الأعمى مبصرا ولكن ليبلو بعضنا ببعض.... أرى أنه سوء أدب مع الخالق قبل أن تكون مع أخلاقيات المجتمع.....
عموما تكرار أي شيء على مسامعنا كثيرا بما يكفي يجعلنا نتقبله أو على الأقل لا نعترض عليه، والأمثال ليست استثناء، فحين ينشأ الشخص في بيئة تنتشر فيها تلك الأقوال وتقع على مسامعه من صغره فمهما كانت غير اخلاقية أو لا تنطبق على الواقع فلن يستقبحها الشخص لأنه معتاد عليها بل قد تجري على لسانه بدون وعي
لا أتفق مع أي مثل منهم، مثل الأعمى هذا حقير فكون شخص اعمى هذا لا يعني أن الله قسى عليه بل هو ابتلاء مقدر له ورحمة الله لا تتنافى مع البلاء، وحتى الثاني أراه مغلوط للغاية فليس كل من نشفق عليه يفقرنا هذا لو أدركنا المعنى للشفقة وعوامل استحقاقها، أما الأخير فيكفيني فيه " لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً".....
نعم حقيقي جداً ما تقول ولا دري كيف كان يكون موقف أبي العلاء الأعمى لو سمع هذا المثل الحقير وهو يدعونا بقوله:
تصدق على الأعمى بأخذ يمينه ...... لتهديه وامنن بإفهامك الصُما
نعم العمى ابتلاء حت يختبر بعضنا ببعض يقول الحق تبارك وتعالى: وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون؟! صدق الله فهذا الأعمى الذي نهديه وقد لا يصبر علينا بسبب آفته وضيقه منها فتنة لنا علينا أن نصبر عليه ونتجمل طلبا للثواب وحتى لا نفتن ويضيع ثوابنا........
لنا جارة تسكن في الطابق الأعلى كل يومين أو ثلاثة تسب والدي رحمة الله عليه لأنه لم يعد يحضر لها العيش من الفرن، أنا من يعرفني يعرف أنه اقتلني وقد اسامحك لو نجوت من القتل لكن لا تنطق لفظة إهانة على والدي أو والدتي فلا اقبل بحقهم شئ، هذه السيدة مصابة بزهايمر تسبه بأبشع القول بأنه حسب قولها " وعدها أن يحضر العيش كل يوم لها وطلع مش راجل ولم ينفذ وعده" اصبر عليها واعتذر واخبرها أنه مات فتحزن وتعتذر وبعد أيام تعود لفعلها مرة ثانية هنا هي معها عذرها وأنا مكلف بالصبر عليها لذا لا اظن الأمثال تصلح دوماً فهي تصعب عليا ولم تفقرني وهي مثل ظرف الأعمى وليس من الصواب إساءة معاملتها
رحم الله والديك يا إسلام ويبدو أن أباك كان خيرًا جدًا تغمده الله بواسع رحمته. يبدو أنه من كلامك عليه وتنشأته لك كان على خلق ويطبق ما يعلم أو يعمل بما يعلمه. ومثالك صحيح جدًا وأنت بصبرك على تلك السيدة تنقض المثل وتحصل جزيل الثواب بإذن الله....
لكن يا خالد نحن لا نتداول الأمثال دائمًا لأننا نؤمن بها، بل لأنها جزء من الذاكرة الجماعية. تُردَّد الأمثال أحيانًا بعفوية لأنها مألوفة، لا لأنها صحيحة. فالأمثال تنتقل مثل العادات، وبعضها يفقد معناه مع تغيّر الزمن، لكن يظل حيًّا على الألسنة من باب العادة فقط.
الكثير من أمثالنا الشعبية تعكس موروثًا اجتماعيًا لا أخلاقيًا في بعض جوانبه، لكنها في الأصل لم تكن مقصودة للإساءة
أعتقد أن رفض الناس لهذه الأمثال اليوم دليل على تطور الوعي الأخلاقي والاجتماعي، وأننا أصبحنا نُدرك أن ما يُقال لا يجب أن يُعمل به دائمًا. فيجب علينا ألا نحارب المثل الشعبي ذاته، بل أن نفهم المرحلة التاريخية التي وُلد فيها، ثم نختار ما يليق بعصرنا ونترك ما لا يليق.
برأيك، هل ترى أن من الحكمة إعادة صياغة هذه الأمثال لتناسب قيمنا اليوم؟ أم تركها كما هي كجزء من تراث لغوي وثقافي؟
الأمثال الشعبية ليست نصوصًا يُعاد إنتاجها لتلائم قيم العصر، بل شظايا حيّة من وجدان الناس وثقافتهم، تعكس نبض الشارع بصدق لا يمكن تقليده في لغةٍ مصقولة.
فهي ليست بحاجة إلى إعادة صياغة، بل إلى تفاعلٍ واعٍ معها: نفهم سياقها، ونكشف ما فيها من حكمة أو انحراف، دون أن نجرّدها من روحها الشعبية.
إنّ محاولات تلميعها أو "تحديثها" تُفقدها حرارتها وصدقها، لأن قوتها في فجاجتها، لا في تهذيبها.
ولذلك أرى أن الأصل هو التشذيب والتفاعل العكسي بين الطبقة المثقفة ولغة الشارع، لا محو الفوارق بينهما؛ فبهذا فقط يبقى التراث حيًا ومتطورًا، دون أن يفقد ملامحه الأصيلة.
المثل الشعبي "إن جاك الأعمى كلّ عشاه، هو إنت أحنّ عليه من اللي عماه؟"
يُقال لمن يرهق نفسه في مساعدة الآخرين أكثر من طاقته.
نشأ في بيئات فقيرة لتذكير الناس بحدود القدرة والمسؤولية.
معناه الواقعي: افعل الخير بقدرٍ، ولا تتحمّل ما ليس واجبًا عليك.
ورغم قسوته الظاهرية، إلا أنه يدعو إلى الرحمة المتوازنة والعقلانية.
أما المثل الثاني فقد فسّره جورج تفسيرًا مقنعًا يُظهر منطقه الخفي،
بينما الثالث بدا واضحًا في دلالته، لا يحتاج إلى كثير شرح أو تأويل.
مثل الشعبي "إن جاك الأعمى كلّ عشاه، هو إنت أحنّ عليه من اللي عماه؟"
بمجرد أن قرأت المثل، قلت يا لهوي، هو فيه كدا فعلا، لكن بعد أن قرأت الشرح وجدت في كلامك معنى ثان ، لكن يا أيمن هذا هو المعنى الخاص بك ولنقل هو المعنى المتعارف عليه عندكم والسائد لدى العامة الطيبة من الناس ، طيب ماذا بخصوص من يستخدمون المعنى السلبي منه، وعندهم حق، لأهم وجدوا من ببرر لهم الأنانية وأكل حق الآخر، و مبدأ القوي يأكل الضعيف.
@Ayman2010 طبعاً نستعيت بالأستاذ أيمن لكي يجيب. ولكن أضحكتني لفظة يا (لهوي) هذه يا خلود 😅من أين لك بها؟ هل هي أصيلة لديكم في الجزائر أم مستوردة من عندنا في مصر؟!
هههه مستوردة والله، لذيكم كل الحقوق الفكرية تاعها هههه، نحن في الجزائر لذينا كلمات أخرى تختلف من منطقة لأخرى لكن تحمل معاني متقاربة، في منطقتي في الشرق نقول " هاه ننذب " هههه تحمل نفس معنى كلمة يا لهوي في السياق الايجابي تعني التهكم والسخرية على أمر غير كقبول لكن بروح مرحة، أما في السياق السلبي للكلام فتحمل معنى السخط على الأمر والنذمر ، للحقيقة أنا من محبي اللهجة المصرية لأني تربيت على الاعمال الفنية المصرية وشبيت على أصوات المثقفين المصريين فأصبحت اللهجة المصرية تشبهني من الداخل، لذلك أحيانا ما أستعمل كلمات منها من باب التغيير واللطف أحيانا هههه.
هل تعرف كلمات من اللهجة الجزائرية؟
الحقيقة خلود اللهجة الجزائرية من أصعب اللهجات العربية التي حاولت أن أفهما فلم أفلح. يعني قرات رواية لواسيني الأعرج فكان يستعمل لهجة محلية فكنت أتوه وسط الكلمات وأخمن من السياق فقط. حاولت أن أشاهد مسلسل جزائري مثلاً ولكن أيضا لم أفلح 😅الحقيقة أنكم في لهجتكم لا أتبين آواخر الكلمات من اولها فأنا أحسها جملة متصلة أو حروف متصلة ببعضها البعض بدون حدود واضحة بين كلمة وكلمة! ما أعرفه فقط كلمة واش بيك يعني ماذا بك 😄 برأيك ما سر صعوبة اللهجة الجزائرية عامة؟ وهل هناك قاموس له بحيث نرجع له وقت اللزوم؟
للحقيقة اللهجة الجزائرية هي من أقرب اللهجات إلى العربية الفصحى أن لم تكن أقربها على الإطلاق، فالقاموس الجزائري هو مزيج بين العربية الفصحى+ كلمات أمازيغية+ كلمات أجنبية فرنسية مثلا، الفكرة هي أن الكلمات العربية الموجودة هي كلمات عربية فصحية جداً، لكنها لا تبدوا كذلك لسبب واحد وهو سرعة الكلام وطريقة النطق التي تغيّر مخارج الحروف وتُسقط بعض الحركات، فتبدو الكلمة غريبة على السمع رغم أنها من أصل عربي فصيح.
مثلا نجد كلمة قش، تعني الملابس وهي وهي كلمة عربي من قش الشيء أي جمع الشيء ، كلمة والو ، يعني ولا شيء، أصلها في العربية ولا شيء ، نقول للشخص غير المسؤول " جايح" من الجائحة، ونقول للأخرق، "حابس" من الاحتباس ونقول للشخص الذي يتظاهر بعدم الاستماع أو غير القادر على السمع " لطرش" من الطرش، ونقول للحبيب " حنوني أو الحنون" من الحنان ، ونقول عن للغضبان " مشنف" و زعفان" والشنف والزعف كلمتين فصيحتين جدا، ونقول للمجنون والغبي " مخبوط" من الخبط، كمن ضرب على رأسه ، نقول "ماكانش" تعني لا يوجد ، من الكلمة الفصحة ما يكون ، ونقول بالزربة وتعني بسرعة من زرب أي استعجل، نقول للحلاق " حفاف" من الحفّ ...الخ .
لذلك عندنما تسمع الجزائرية تحتاج الى أمرين، تحتاج الى أن تطلب من المتكلم أن يُبطء ثم تبدأ الفرز ما يشيه العربية عليك بتحليله ورده الى العربي، والكلمات غير العربية تسأل عن معناها.
صحيح يا أيمن وأنا أول ما سمعت المثل وما يقال فيه من سياق علمت أنه لا يًقصد بحرفه بل مجاز على انتهاز الفرص مهما كانت غير أخلاقية ولكنها لن تصل أبدا برأيي أن يأكل أحدنا عشاء الأعمى 😀 وإلاصارت دنيانا غابة لا يُعاش فيها مطلقاً....ولكن قرأت أن هذا المثل أول ما نشأ كشأ في بلاد الشام أو سوريا على وجه التحديد ثم وصل إلينا في مصر. هل لديك معلومة أو يستخدم لديكم؟ أو حتى ما يشبهه؟
التعليقات