العنوان السابق أفهمه أن المعلومات يمكن التعامل معها بشكل أفضل عندما تُقدم بصريًا. نا رأيك؟ وهل لك تجارب في هذا الأمر!؟
ما رأيك: يميل الناس إلى تذكر 80٪ مما يرونه مقارنة بـ 20٪ مما يقرؤونه.
أعتقد أن الصورة المرئية لتقديم المعلومة تستطيع أن تستحوذ على تركيز الشخص بشكل أكبر، فلذلك هي تعلق بالذهن أسرع.
هناك طريقة للتذكر اسمها memory palace technique وفيها يقوم الشخص بتذكر المعلومات تباعًا عن طريق ترتيبها في مكان ما في عقله. مثلًا أنا سأتذكر العشرة المبشرين بالجنة عن طريق تخيلي بالجلوس في مسجد وكل واحد منهم يجلس في مكان ما خاص به.
يميل الناس إلى تذكر 80٪ مما يرونه مقارنة بـ 20٪ مما يقرؤونه.
بالطبع، وأتفق مع هذا الأمر بشدة من واقع عملي كمعلمة، فعندما أقدم المعلومات بصريًا من خلال الصور أو الرسوم التوضيحية أو الخرائط الذهنية، ألاحظ فرقًا كبيرًا في تفاعل الطلاب وفهمهم للمادة، كما أنهم يكونون أكثر انتباهًا على مدار الحصة، لأن العرض البصري يجذب انتباههم ويحفز فضولهم، مما يجعل عملية التعلم أكثر حيوية وتفاعلية، وألاحظ أيضًا قدرتهم على استرجاع المعلومات بسهولة فيما بعد، وكأن الصورة الذهنية تساعدهم على استدعاء المعلومة دون جهد كبير، وهذا يؤكد فعالية التعلم البصري في ترسيخ الفهم والمعرفة بشكل كبير.
برأيك أ.بسمة ومن خلال تجربتك، ما هي أكثر مواد العرض البصري استجابة لدى الطلاب الأطفال. وهل تفضلي الصور في الشرح ام عرض الفيديو التفاعلي.
كلاهما ممتاز بالطبع، لكن بالنسبة لي أعتمد على الصور بشكل أكبر لأنها أكثر سهولة ومرونة في الاستخدام، فالصور تساعد الأطفال على فهم المفاهيم بشكل أسرع وتفاعل معهم بطرق بسيطة وفعالة، كما أن الصور لا تتطلب إمكانيات تقنية متقدمة، وهذا مهم خاصة في المدارس الحكومية التي تفتقر للكثير من الموارد والإمكانات، ففي ظل نقص الأجهزة الحديثة والاتصال بالإنترنت في بعض المدارس، تظل الصور الخيار الأكثر فاعلية لأنها يمكن استخدامها بسهولة وفي أي وقت، مما يساعد في تعزيز الفهم وتنشيط خيال الأطفال.
اهلا بك استاذ مازن.
اعتقد ان هناك دراسات عديدة تدعم فكرة أن الدماغ يعالج الصور أسرع بكثير من النصوص، ولهذا السبب الوسائل البصرية تكون أحيانًا أكثر تأثيرًا واستدعاءً للذاكرة. أنا شخصيًا لاحظت هذا عندما بدأت أستخدم الخرائط الذهنية أو الإنفوجرافيك في تلخيص الكتب أو المحاضرات، كنت أرجع لها بعد أسابيع وأتذكر محتواها بسهولة، بعكس الصفحات المكتوبة فقط.
لكن في المقابل، أعتقد أن الأمر يعتمد على نوع المتلقي، حيث ان هناك اشخاص ذاكرتهم سمعية أو لغوية أكتر. هل تعتقد إن الاعتماد الزائد على المحتوى البصري ممن الممكن ان يقلل من قدرتنا على القراءة العميقة أو التفكير التحليلي؟
تمام، سؤال عميق.
تجربتي الشخصية ان القراءة والتدوين مهمة جدا في حال النصوص المكتوبة، وفي الاجتماعات مثالاً، يتم تعزيز النقاش (ببعض) الصور أو الفيديوهات أو حتى الكتابة على السبورة الالكترونية او غيرها.
وفي حال التعمق أكثر في النص لغرض الحصول على تحليل نقدي او تفسير وربط بين البيانات، أفضل عدم الاعتماد المفرط على المحتوى البصري، ولربما من أكبر سيئات التعليم الالكتروني أو عن بعد هو التشيت او التشتت الذي يصيب الطلاب لأن الاعتماد على التكنولوجيا بصورة دائمة ومفرطة سوف يصيب العقل البشري في مسالة التحليل والقراءة العميقة وربط الأمور، ببعض الفتور وضعف الاستقلالية في الرأي على حساب الاعتماد على الآلة.
وهنا سؤالي برأيك: كيف يمكن ان تؤثر أدوات الذكاء الاصطناعي على قدرة الطلاب على البحث والتفكير التحليلي والمهارات المكتسبة.
أستاذ مازن، أتفق معك في أن القراءة والتدوين لهما دور كبير في تحفيز التفكير التحليلي والتفسير العميق. فعلاً، الاعتماد على التكنولوجيا أو المحتوى البصري قد يكون له تأثير مزدوج. بينما يمكن أن يسهل وصولنا للمعلومات بسرعة، إلا أن الاستخدام المفرط لها قد يؤدي إلى تشتت انتباه العقل البشري ويقلل من قدرتنا على التركيز العميق أو التفكير النقدي.
أما بالنسبة لسؤالك حول الذكاء الاصطناعي، أعتقد أن أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون سيفًا ذو حدين. من ناحية، يمكن أن تسهل الحصول على المعلومات بسرعة وتوفر أدوات تحليلية قد تساعد الطلاب في إجراء أبحاث أكثر دقة أو فهم أعمق لبعض المواضيع. لكن من ناحية أخرى، قد يؤدي الاعتماد المفرط على هذه الأدوات إلى تآكل بعض المهارات الأساسية مثل البحث التقليدي، التفكير النقدي، والتحليل المعمق. إحدى المشاكل الكبيرة هي أن الطلاب قد يبدأون في استخدام الذكاء الاصطناعي كحل جاهز بدلاً من أن يقوموا بتطوير مهاراتهم في البحث والتفكير بأنفسهم. هذا يمكن أن يؤدي إلى نقص في الاستقلالية الفكرية والقدرة على ربط الأفكار بشكل منطقي ومعمق.
فكرة أن الناس يتذكرون 80٪ مما يرونه مقابل 20٪ مما يقرؤونه تُبسّط بشكل مفرط عملية التعلّم والاستيعاب، وكأن الذاكرة تعمل بطريقة واحدة لدى الجميع، وهذا غير دقيق.
القراءة ليست مجرد استقبال بصري للكلمات، بل عملية ذهنية عميقة تتضمن الفهم، والتأمل، والربط، والتحليل. ما نتذكره من القراءة غالبًا يكون أكثر رسوخًا لأنه مرتبط بتفاعل ذهني نشيط، لا مجرد مشاهدة سريعة لمشهد بصري.
صحيح أن الصورة قد تثير انطباعًا لحظيًا أو تسهّل الفهم في بعض السياقات، لكن تأثيرها لا يعني بالضرورة ثباتها في الذاكرة على المدى الطويل، خاصة إن لم تكن مدعومة بسياق أو شرح أو تفكير نقدي. أما ما نقرؤه بتركيز، فقد يرافقنا لسنوات، ويؤثر في مفاهيمنا وتصوراتنا.
الأمر لا يتعلق فقط بوسيلة الإدراك (رؤية أو قراءة)، بل بدرجة التفاعل العقلي والعاطفي مع المادة. لذا، فالتعميم في مثل هذه الإحصائيات، دون اعتبار للفروق الفردية والسياق، قد يُضلل أكثر مما يُفيد.
لكن تعلمنا في الإعلام يا عماد أن الصورة أفضل من ألف كلمة لذلك قالوا قديما ليس مَن رأى كمَن سمع. ولذلك يحاول الكثير من الكتاب حاليا وضع صور أو رسومات في كتبهم حتى يسهل على الناس فهمها وتذكرها.
صحيح أن للصورة قوة لا يمكن إنكارها، لكن تجربتي الشخصية في الدراسة، خصوصًا في الكلية، كانت مختلفة بعض الشيء. اكتشفت أنني أتعلم وأتذكر بشكل أعمق حين أقرأ من الكتب أو أراجع ملاحظاتي المكتوبة، أكثر بكثير من حضوري للمحاضرات أو حتى من متابعة فيديوهات على يوتيوب.
الكلمة المكتوبة تعطيني مساحة للتفكير على مهل، لإعادة القراءة، للتأمل. أما الصورة والفيديو فغالبًا ما يمران بسرعة دون أن أتمكن من التفاعل معهما بنفس العمق.
ربما تختلف وسائل التعلم من شخص لآخر، لكن بالنسبة لي، الورق والكلمات كانوا دائمًا الأقرب لعقلي وذاكرتي.
اعتقد اخي حسين أن النمط الشخصي لكل منا قد يتشابه او يختلف مع غيره. وبالتالي ينعكس هذا على الدماغ. فهناك من لا يحب ان يرى صورة او يقرأ كتاب، بل تجده مبدعا وهو متسمع حتى ان ملكات الحفظ والفهم تكون عنده اكبر.
لكن بالفعل نحن نحتاج الى تدريب عملي وممارسة ممنهجة سواء لكيفية استقبال الصورة وترجمتها بنجاح أو القراءة العميقة التي تعتبر للبعض أنها المتعة الحقيقة وانها الوسيلة التي يمكن بها رسم الخارطة الذهنية وبهذا نجد ترابط بين الصورة والكتابة والقراءة ..
ومن الذي سيختلف مع ذلك؟!
إن قلت لك بأنه قبل ثلاثة اسبوع أنهيت كتاب فكر تصبح غنيًا للكاتب نابليون هيل، إن سالتني الآن هل تتذكريه كله، لا أكذب إن قلت لك بأنني نسيت الكثير من المعلومات منه، لذا عندما ارغب في الحصول على معلومة ألجأ إلى تصفحه في كل مرة، مسألة السبب في ذلك، فذكرها زميلنا محمد أحمد وهي أن دماغنا يعالج المعلومات البصرية بدقة و بشكل أفضل من اللغة المكتوبة.
دماغنا يعالج المعلومات البصرية بدقة و بشكل أفضل من اللغة المكتوبة.
لا ادري لماذا ذهبت الى علم الدواء حيث تخصصي، فنحن أحيانا نطلب من المريض أن يوافق على أن يصرف له العلاج (حقن) وليس (أقراص). ومع العلم ان الفائدة والهدف من العلاج واحد .. وهو حدوث استجابة علاجية.
لكن مسألة سرعة الاستجابة هنا يختلف، ففي الوقت الذي يكون الحقن اسرع للاستجابة نجد ان الاقراص تحتاج عدة عمليات حتى تحدث الاستجابة.
وفي حال طبقنا ذلك على القراءة ومعالجة المعلومات. نجد أن الوقت المستغرق في القراءة، يعمق الاستيعاب وترسيخ المعلومة. وأما الوقت المستغرق في تلقي الصورة البصرية هو اقل. وكلاهما يتم معالجته بواسطة (الدماغ).
القراءة = عملية معقدة تتطلب تفاعل ذهني عميق واكثر رسوخا في الذاكرة
الصور = اثارة انطباعات فورية وتساعد في الفعل السريع. اقل رسوخا في الذاكرة.
المطلوب عملية توازن وتحديد الأساليب والفئات المستهدفة.
بالفعل، العقول البشرية تتعامل بشكل أسرع مع المعلومات البصرية مقارنة بالمكتوبة. الفيديوهات والصور مثلاً تكون أكثر فعالية في توصيل الأفكار المعقدة. من تجربتي، لما أكتب مقالات أو أشرح مواضيع معقدة، ألاحظ أن إضافة صور أو رسوم توضيحية تساهم في تفاعل الجمهور بشكل أكبر وتسهّل فهم الموضوع.
هذا حقيقي فالعقل البشري يتعامل مع الصورة أسرع من النص، ولهذا أجد أن تحويل المعلومات المعقدة إلى رسوم أو مخططات يجعل فهمها أكثر سلاسة وارتباطًا بالذاكرة. شخصياً، جرّبت هذا حين كنت أعمل على عرض تقرير مليء بالأرقام، فحوّلت بعض البيانات إلى إنفوجرافيك، ولاحظت أن التفاعل معه كان أعلى بكثير من مجرد قراءة الأرقام
التعليقات