النقاشات لا تُربح فقط بالأفكار القوية، بل تُربح بالأسلوب والاستراتيجية، فلا نحتاج أن الصوت العالي أو الصدام المباشر، بقدر ما نحتاج إلى التأثير على اتجاه الحديث، لذا سؤالي لكم من خلال تجاربكم، ما هي الطريقة التي تتبعها لتفوز بأي نقاش في العمل دون الدخول في مواجهة مباشرة؟
كيف نفوز بأي نقاش في العمل دون الدخول في مواجهة؟
بدايًة اسأل نفسي، من هو الشخص الذي أناقشه؟ ما هي الفكرة المراد نقاشها معه؟ هل سيكون النقاش مجدي أم لا أو هل يستحق النقاش به؟، هل أنا ملم وعلى دراية بالفكرة المراد نقاشها، وليس النقاش لمجرد نقاش، فمثلا عند دحض آراء الاخرين انا بحاجة إلى أن أكون على معرفة واطلاع بالموضوع أو بالاحرى لدي حجج قوية، أيضًا اسأل نفسي إلى أين سيؤول هذا النقاش؟ عدم اتخاذ مواقف دفاعية واستبدالها بالتفكير المنطقي والنقدي أثناء النقاش أمر يساهم في إثراء النقاش والفوز به. كما أحاول نقاش الفكرة وليس الشخص، لذا أتجنب الشخصنة أثناء النقاش. وآخيرًا أحتاج أن أكون هادئة والا يثور غضبي وإلا سأخسر الكثير، ليس النقاش فحسب، بل صحتي النفسي ستتأثر سلبا.
ما هي الطريقة التي تتبعها لتفوز بأي نقاش في العمل دون الدخول في مواجهة مباشرة؟
أظن أن قصدك دون الدخول في أي صدام مباشر، لأن النقاش في حد ذاته مواجهة مباشرة.
وبالنسبة لفكرة توخي الحذر في الدخول في صدامات فمن خلال الحفاظ على هدوئك بقدر الإمكان، فمثلا أنا كانت لدي موظفة جديدة سليطة اللسان كلما دخل معها في نقاش احتدت عليه وأخذت تضرب بيدها له على المكتب في طريقة أشبه بالسوق.
وكنت أنا بصدد عمل اجتماع مع الفريق لمناقشة بعض الموضوعات الخاصة بالعمل وبينما نحن نتكلم إذ وجدتها ترفع صوتها بدون داعٍ أمام كل الحضور. أنا قائد الفريق ومن الأفضل دائما أن أكون قدوة الفريق في النقاش والتصرفات من ناحية، وأن أحافظ على احترامي وكرامتي من ناحية أخرى. فجلست هادئا جدا وناقشتها في صلب ما تقول، حاولت في البداية ضحد حججها حتى أجعلها تفقد ميكانيزم الدفاع ولا تكون لديها فرصة للهجوم، وبعدها سردت لها وجهة نظري التي كانت تقريبا هي وجهة نظر الفريق كله، وأخيرا بنهاية الاجتماع طلبت من إحد زملائنا بإرسال اللائحة التي تتضمن ثقافة الشركة وسياستها على البريد الإلكتروني للجميع وطلبت من الزميلة التي تكلمت عنها سابقا مازحا بأن تحاول إعادة قراءتها مرة أخرى وسنعطيها الفرصة لعرضها ملخصة أمام الفريق في الاجتماع القادم، وأردفت بعبارة: "وحاولوا قراءتها أيضا أنتم يا شباب." حتى أغلق عليها فرصة الاعتراض أو التذمر.
حاولت في البداية ضحد حججها حتى أجعلها تفقد ميكانيزم الدفاع ولا تكون لديها فرصة للهجوم
أحيانا أسلوب ضحد الحجج، يستفز الطرف الآخر أكثر للنقاش ويكون أكثر حدة، لذا برأيي لو سألنا الشخص بأسئلة تحاصره لا تهاجمه سيكون أفضل، فالسؤال الذكي لو تم توجيهه بطريقة صحيحة قد يشير لنقاط ضعف الطرف الآخر دون أن يشعر بأنه بموقف دفاعلي، فمثلا قد نسأله كيف سيحل مقترحك المشكلة؟ أو ماذا سيحدث لو جربنا ذلك بدلا من هذا؟
في بيئة العمل، الفوز بالنقاش لا يعني فرض الرأي بالقوة، بل توجيه الحوار بذكاء. أنا لا أدخل في مواجهات مباشرة، بل أستخدم الحقائق والمنطق لكسب التأييد. أستمع جيدًا، ثم أطرح أسئلة تقود الآخرين إلى استنتاجاتي بأنفسهم. أعتمد على الأرقام وليس الآراء، وأحافظ على نبرة هادئة تعكس الثقة. عندما أعترض، أفعل ذلك بلباقة، محولًا التركيز من الجدل إلى الحلول. في النهاية، ألخص النقاط المتفق عليها بحيث تعكس رؤيتي، مما يجعل موقفي هو الخيار المنطقي دون الحاجة للصدام.
ألخص النقاط المتفق عليها بحيث تعكس رؤيتي، مما يجعل موقفي هو الخيار المنطقي دون الحاجة للصدام.
من تجربتي الخاصة وجدت أن هذا هو أكثر حل فعال , أتجنب النقاشات و الصدامات قدر الامكان واذا كان لا بد من الدخول في صدام فاحرص دائما على ارسال ايميل وتدوين ما حدث اثناء النقاش بالتفصيل لحماية نفسي مستقبلا .
أتجنب النقاشات و الصدامات قدر الامكان
في بعض الأحيان، تجنب النقاش ليس دائمًا الحل الأمثل؛ أحيانًا قد يؤدي ذلك إلى تراكم المشاعر السلبية وزيادة الصراعات في المستقبل. هل جربتِ استخدام أسلوب "التساؤل الذكي" لتوجيه الشخص إلى مراجعة أفكاره دون مواجهة مباشرة؟ هذا قد يساعد في جعل الشخص يعيد التفكير دون أن يشعر بالتحدي
فمثلا بدلاً من أن تقولي: أنت مخطئ في هذا الموضوع، يمكنك أن تسألي: ما الذي يجعلك تعتقد أن هذه هي الطريقة المثلى في التعامل مع هذه المشكلة؟
لتفوز في النقاشات في العمل دون مواجهة مباشرة، من المهم أن تستمع جيدًا أولاً، ثم تستخدم أسئلة مدروسة لتوجيه الحديث، وتدعم وجهة نظرك بالحقائق والأمثلة الملموسة. بهذا الشكل، تبني حوارًا بناءً يركز على الأفكار وليس الأشخاص.
"الفوز في النقاش ليس في إقناع الآخر بأنك على صواب، بل في إقناعه بأنك مستمع جيد." — ستيفن كوفي
لكن الاعتقاد بأن النقاشات يجب أن تُربَح قد يكون خطأً من الأساس! في بيئة العمل، الهدف من النقاش ليس فرض رأيي على الآخرين، بل الوصول إلى أفضل حل ممكن. أحيانًا، الطريقة المثلى هي توجيه الحوار بسلاسة بحيث يقتنع الطرف الآخر بأنه توصل إلى النتيجة بنفسه. استخدام الأسئلة المفتوحة، طرح الاحتمالات، والتركيز على الحلول بدلًا من الجدل المباشر يجعلني أكسب ثقة الآخرين وأؤثر على قراراتهم
بعض النقاشات سيتطلب لها مواجهة مباشرة، ولكن حتى ذلك يمكن أن يكون بذكاء وحكمة -إذا لم يكن الموقف مصيريًا أو به شيء من التعنيف- والحكمة هنا هي بمحاولة استيعاب وجهة نظر الآخر/ين والتحاور بالأدلة التي تدحض وجهة النظر سواءً من خلال الخبرة أو الرؤية الشخصية، أو حتى مواقف لأشخاص مختلفة ولكنها تشبه كثيرًا الموقف الحالي وقد تفيد في النقاش. ولكن تجنب المواجهة أحيانًا يؤدي إلى تراكمات وصراعات لاحقة وتباعد وجهات النظر.
بالتأكيد المواجهة المباشرة تكون حتمية في بعض الحالات، ولكن يمكن أيضًا أن تكون محفوفة بالمخاطر. لذا في مثل هذه المواقف، استخدام أسلوب الإشارة إلى المشكلة بدلاً من الشخص نفسه، فمثلا لو لدى موظف يتأخر في تسليم تقارير معينة، فبدلاً من أن أقول أنت دائمًا تتأخر في تقديم التقارير، أقول نلاحظ أن التقارير تتأخر أحيانًا عن الموعد المحدد، كيف يمكننا العمل على تحسين توقيت التسليم؟ وبذلك سيكون لديه الحافز للحل
عن نفسي أحاول تجنب النقاشات المباشرة بقدر الإمكان، ولكن لو كان نقاش ضروري فالأسلوب يعتمد على من أوجه الحديث له، هناك أشخاص لا تتفاهم وحل هؤلاء يكمن في أن يتضمن النقاش طرف ثالث يسهل عملية التواصل وهذه الطريقة فعالة للغاية.
وهناك أشخاص يتحكم بهم العند، وهؤلاء مثلاً لو أردت أن تقنعهم بأن الجو حر لا تحدثهم بذلك بل أخبرهم أن الجو بارد وهم سيقتنعون بالعكس تماماً.
وهناك من تحكمهم العاطفة وهؤلاء التعامل معهم أشبه بالتعامل مع الأطفال، برفق وبتودد حتى تصل الفكرة ويقتنعون بها.
وهناك أشخاص يتحكم بهم العند، وهؤلاء مثلاً لو أردت أن تقنعهم بأن الجو حر لا تحدثهم بذلك بل أخبرهم أن الجو بارد وهم سيقتنعون بالعكس تماماً.
لكن في بعض الأحيان تكون الشخصيات التي يصعب التعامل معها هي التي تُظهر النتائج الأفضل بعد النقاشات الشاقة
التعليقات