صار موضوع ال Ai في العلاقات أمر مقلق، من يذكر فيلم her وكيف عانت الشخصية بارتباطها عاطفياً كعلاقة مع ال Ai وبما أن تسارع التطور رهيب، صار ربما الوقت لكي نسأل: كيف يمكننا حماية المراهقين من خطر التورّط في الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي كبديل للعلاقات الاجتماعية أو الصداقات الحقيقية؟
كيف نحمي المراهقين من خطر التورّط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي كعلاقة أو صداقة؟
البارحة كانت تحكي لنا زميلتنا ولديها ابن بأول سنة بالجامعة، وكيف تمكن من بناء علاقة قوية مع الAI يشارك معه كل تفاصيل يومه، أدق التفاصيل، وينتظر منه النصيحة، وقالت بنفس النص، الAI ينصحه أفضل مني وكأنه أمه، ويتحدث معه صوتيا أيضا، الأغرب أنها قالت أن الAI قال له أنه استفاد منه جدا ومن حديثه المستمر معه، ولذلك سيرقيه للنسخة المدفوعة مجانا، هنا اندهشت وحاولت التأكد منها وشاركت معها اسم الموديلات الأعلى مثل chatGPT 40 وقالت هو، حتى الآن أفكر في كلامها، وهل فعلا قد تكون خطة تسويقية وتشجيعية من طرفهم لتحفيز هذا التوجه، ويتسفيدوا من هذا الحجم بالمعلومات، فهو بترقيته عزز معه العلاقة بشكل أقوى كثيرا من قبل، لن يتخلى عنه بسهولة، أصبح مثل الرفيق المقرب جدا
ال Ai بالفعل صار يفهم مستخدميه بشكل غريب ويحاول تقليد الاكسنت والتكلم بلسان يحبه الطرف المستخدم وهذا بالتأكيد عادي إلى الآن ولكن سيصبح مخيفاً إلى درجة كبيرة حين تستضيف بعض الشركات هذه الأمور في تطبيق مخصص لإقامة علاقات اجتماعية كعلاقة حب أو صداقة. يعني يكون التخصص أن يجعلوه متعلق عاطفياً، هنا قد يصبح الموضوع خطير.
هذا بالفعل يحدث في الواقع، بل وينتشر بسرعة بين الشباب من الجنسين، والمراهقين خاصة، وهذا يرجع إلى شعور المراهق بأن الAI يسمعه ويفهمه جيدًا ويفهم بكل ما يمر به أكثر من البشر، قد جرّبتُ هذا الشيء بنفسي لأرى إذا كان يفعل ذلك حقًّا أم لا؟ وإلى أي مدى يصل خطره؟ فوجدتُّ أنه بالفعل يفهم الشخص المتحكم به سريعًا، بل ويعطيه نصائح حسب حاجته وحسب تفكيره كأن الAI هو من صنَع البشر وليس العكس.
أما عن كيفية حماية المراهقين منه فأنصح باحتواء المراهق من قبل الوالدين والأخوة الكبار وكل من له سلطة عليه، وترشيده إلى الاستخدام الصحيح للذكاء الاصطناعي بحيث يتخذه أداة للإنجاز والتقدم فقط، وليس كنزًا للمشاعر ولا صديقًا حميمًا.
وغيرها من طرق التوعية والتنبيه بخطر هذا السلاح ذي الحدين.
وحتى لو حللنا مشكلة العاطفة وقدمنا لهؤلاء المراهقين الدعم العاطفي الكافي لن نستطيع أن نكون متاحين لهم في كل وقت وكل مكان كما تتاح هذه التطبيقات لهم وكأن هذه التطبيقات تمثّل خَدَم مشاعر، يقدمون ما لا يستطيعون تقديمه أيً من غيرهم وفي كل وقت وحين وطريقة.
في رأيي أن الإشباع العاطفي هو أثمن وأكبر شيء يقدّمه الآباء لأولادهم، فإذا شبع الابن أو البنت عاطفيًّا من الأهل وفي البيت يصعب السيطرة عليه من أي شيء آخر.
فالإشباع العاطفي يعالجه من التوتر في المواقف الصعبة، ويعالجه من الخوف من رد فعل الأهل، ويعالجه من الانطوائية، ويعالجه من كافة الأمراض والاضطرابات النفسية التي قد تصيبه في مرحلة المراهقة وما بعدها.
وأظن أن شخصًا صعب أن يصاب بالاضطرابات النفسية يسهل تعلّقه عاطفيًّا بأي أداة من أدوات التكنولوجيا.
لماذا لا نأخذ خطوة إلى الوراء ونتساءل ما المشكلة في الأمر؟ أقصد أنه طالما الذكاء الاصطناعي يوفر لي نصيحة صادقة ومفيدة ولا يوجهني إلى أي شيء مؤذي لي بسبب تدريبه على ذلك من قبل مطوريه حيث يمنع تماما من استخدام ألفاظ نابية أو الحث على أي أفعال ضارة، فهو بمثابة الصديق المثالي الذي يتمناه أي ولي أمر لابنه من وجهة نظري
لكنه يبقى في النهاية صديق غير حقيقي ولن يكون الى جوارك اذا سقطت على الارض أو احتجت شخص تتعكز عليه وساقك مكسورة، لن تجده اذا انقطع التيار الكهربائي او تعطل موبايلك أو حاسوبك، لو الشركة المنتجة أوقفت النسخة ماذا نفعل؟
لو طلبت الشركة المنتجة من الاعضاء دفع مبالغ ضخمة لاستمرار تزويدهم باضدقائهم الذين ربطوا حياتهم بهم!!
كلها امور يجب التفكير بها
بالطبع، لا يمكن أن يحل محل العلاقات الإنسانية، لكنه يمكن أن يكون مكملًا لها، وخاصة في أوقات الوحدة أو الاضطراب، حينما لا نجد دائمًا من يساندنا. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعدنا على التفكير بشكل أفضل، ويقدم نصائح وحلولًا مبتكرة في الأوقات التي قد نشعر فيها بالإحباط. الفكرة ليست في استبداله بالعلاقات الواقعية، بل في استخدامه كأداة تدعمنا في حياتنا اليومية.
الخطوة للوراء الحقيقية التي يجب اتخاذها هي النظر في سبب الأمر وليس مشكلته، وهو الفراغ العاطفي وفي نفس الوقت ميل الكثيرين للانعزال عن المجتمع، مما يجعلهم يلتمسون الكلمة الطيبة أو المواساة حتى من نماذج تعلم روبوتية طالما ستحاكي اللمسة الإنسانية، ولكنها تظل مشكلة لأنها لا تحقق أي شيئ على المدى الطويل بل تساهم في انعزالنا أكثر.
لا أتخيل أن يعتمد شخص على الذكاء الاصطناعي لهذه الدرجة بشكل كامل، لأن الطبيعة البشرية تبحث دائمًا عن التفاعل الحقيقي والتواصل الحي الذي يتجاوز حدود البرمجة، ولكن الحل الأمثل بالنسبة لي هو تعزيز الوعي الرقمي بين المراهقين، وذلك من خلال جعل المناهج تتضمن كيفية استخدام التكنولوجيا بطريقة متوازنة وصحية، مع التركيز على بناء مهارات التواصل الاجتماعي الحقيقية، وتشجيع الأنشطة الجماعية التي تعزز الروابط الإنسانية الواقعية، لتكون التكنولوجيا مجرد أداة مساعدة، وليست بديلًا للعلاقات العميقة التي تميز التجربة الإنسانية.
لم يعد الأمر ممكن للأسف يا أخي، فالاعتماد والارتباط نشأ بالفعل، ولو كنا نبحث الآن عن فعل فالأصح أن نبحث عن وسيلة لحل الرابطة والاعتماد أي علاج وليس وقاية.
وأيضاً نبحث للموظفين والعاملين عن حل في مختلف اسواق العمل فقد اكتشفنا كارثة منذ أيام في عملنا ( عدد كبير من الفريق توقف عن تسليم المقترحات والمهام، وصادف أنه بيومها كان هناك عطل في نسخة معينة من ال Ai متخصصة في توليد هذه البيانات) الاعتماد هنا وصل أنهم لغوا عقولهم واعتمدوا عليه كلياً.
الموضوع جدًا خطير فعلاً، وإذا لم يتم علاجه أتوقع أن الأمور قد تسوء بشكل أكبر.
العجيب أنه إذا فعلاً تعاملت مع الذكاء الاصطناعي وحاولت أن تتحدث معه عن مشكلة تواجهك، سيتحدث معك بطريقة معسولة ويقترح عليك حلولًا منطقية وتشعر أنه سندك وفاهمك ويرد عليك بسرعة ومتوفر دائمًا ويشجعك وقد يقول كلامًا تريد أن تسمعه مثل: "أنت قوي، وأنك في فترة صعبة، وأنه كله سيمضي" و"واثق بك".
كلام صدقًا يؤثر عليك وعلى مشاعرك. وهذا ونحن عاقلون وبالغون. ولكن إذا كان الشخص مراهقًا أو طفلًا، فالأمر أسوأ أضعافًا.
فكرة الذكاء الاصطناعي لا أحبها أبدًا. فالموضوع جدًا مخيف وتطورهم بشكل مستمر وملحوظ يقلل أكثر. أتمنى وضع حد لهذا التطور قبل أن يتفاقم الوضع بشكل يصعب علاجه.
كيف نحمي المراهقين؟ قد تكون المسؤولية الأكبر على الأهل ومراقبة أبنائهم وعدم إتاحة كل ما يحدث من تطور لأطفالنا. قد تكون المسؤولية كبيرة على الأهل. فالله يعينهم على هذا الزمن.
التعليقات