معظمنا حبيس أفكاره ومخاوفه وهواجسه، فكيف نتحرر من هذا السجن ونصبح نحن القادة واليد العليا المسيطرة على أفكارنا ونضمن ألا تتحكم بنا؟
كيف تسيطر على أفكارك، ولا تجعلها تسيطر عليك؟
عندي كان خوف من المستقبل، كانت دائماً أفكاري مليئة بوعود الفقر والضعف والمصاعب، بحيث لا يمكنني أن أتخيّل أي شيء بلا أن يكون مستقبله سيء وكئيب، هذا الأمر سيطرت عليه بالتفاتة إلى أن الرياضيين حين بدأوا، المشهورين منهم، كلهم صرّحوا أنهم لم يكونوا يتصوروا هذه الانتقالات الرهيبة بمسيرتهم ولكن كانوا مصممين على العمل بالطريقة الصحيحة والملتزمة، وكذلك السياسيين والفنانين والموظفين الكفوءين..الخ ولذلك لاحظت أن فكرتي أستطيع السيطرة عليها بأمثلة من الواقع لم يكونوا يتصوّروا نقلات حياتهم ولكنهم قاموا بها على أية حال لإنهم لم يفقدوا الأمل. هنا تنبّهت إلى أهمية أن يكون لنا دائماً متابعة لمن أنجز ما نريد، هذا سيسيطر على أفكارنا.
كيف؟ على ذات السياق السابق، إذا قال أحدهم أنا أخاف من كذا وكذا.
يجب أن يبحث هذا الشخص عن أناس عاشوا تجربته وتخطوها، عملياً بهذه الطريقة نستطيع السيطرة على أسوأ الأفكار وأغربها، بنظرة على من حولنا في مثل حالنا وفكرتنا.
لكن من الصعب على الواحد منا أن يعثر على أشخاص فعلًا ظروفهم شابهت ظروفه أو كان لديهم نفس الهواجس، لأننا نادرا ما نجد شخصا وصل إلى ما نطمح إليه يشارك فعلا أوقات الصعاب التي حلت عليه في البداية، وبالتحديد الأفكار التي أحاطت به وجعلته يستسلم أحيانا.
قد نجد من يشارك ذلك في العموم، ولكن أن نجد شخصًا في مجالنا أو الشيء الذي نضع أعيننا عليه بالتحديد، هذا صعب إلى حد ما.
لهذا الانترنت يشكّل نعمة لنا في هذه الأيام، نستطيع البحث والقراءة عن أشخاص مثلنا أو التواصل معهم وإذا كنا بالإضافة إلى هذا البحث نملك اللغة الإنجليزية فيمكننا عندها الوصول إلى أي حالة نريدها مهما بدت غريبة وأي فكرة مهما بدت نادرة أو متطرّفة، كل شيء موجود على الانترنت.
وماذا لو كان من سألته أو استمتعت لتجربته فشل في الوصول لحل ؟ كنت أخاف جدآ من الموت والنار وفكرت مثلك وبحثت فوجدت سيدنا عمر وهو على ما هو عليه يبعث ليسأل ما إن كان من المنافقين أو لا وسيدنا حنظلة كذلك وأبو بكر يبكي والأحمدي خر مغشياً عليه ومات بعدما قرأ أن بطش ربك لشديد، وقتها توقفت عن الأمر فلو هؤلاء يخافون فيجب أن ارتعب أنا إذا ً
أعتقد أنّ المثال هنا مختلف. فالمثال الذي ذكرته يتعلق بأمرٍ روحاني إلى حد ما والأمور الروحانية قد لا يسري عليها ما يسري على الأمور الدنيوية.
ولكن بشكلٍ عام نعم، أحيانًا يزيد الاستماع لشخص خبير في المسألة الأمر تعقيدًا.
وعند هذه الحالة هذا الشخص ليس مناسبًا لبناء تجربتنا على تجربته، ويعني ذلك أيضًا أن هذا ليس الشخص المناسب لنستمع عليه وأن علينا البحث عن غيره.
أعتقد أن العقل عندما يبدأ العبث معنا فلا أحد سيقدر على فرض السيطرة عليه، لن تتمكن من فرض سيطرة كلية تسمح لك بتقييم الأفكار والتحكم بها والتصرف بوعي.
ولكن لو كانت مخاوف فأنا عندي طريقة للتعامل معها، فكر في مخاوفك، ثم اكتبها، ثم انظر بها وحدد ما يمكن أن تتعامل معه وما تعجز عن التعامل معه، وبعد ذلك ضع خطة التعامل مع ما هو ممكن وحاول أن تتوكل على الله به.
والتوكل عموماً مفيد ولله هنا فقد تعجز كل الحلول وينقذك التوكل.
ولكن لو كانت مخاوف فأنا عندي طريقة للتعامل معها، فكر في مخاوفك، ثم اكتبها، ثم انظر بها وحدد ما يمكن أن تتعامل معه وما تعجز عن التعامل معه،
هذه الطريقة مُجربة إسلام. شخصيًا أقوم برسم دائرة كبيرة في منتصف الصفحة ثم أفرّغ جميع الأفكار التي في عقلي في تلك اللحظة وكأني أحذفها واحدةً تلو الأخرى.
ما هو في إمكاني حله أكتبه داخل الدائرة، وهذا يعني أن بإمكاني فعل شيء لتعديله أو حله، بينما الأفكار التي تزعجني ولكنها خارجة عن إرادتي أكتبها في الفراغ حول الدائرة وبهذا أكون قد وقفت التفكير فيها لأنه لا يد لي فيها. أتقبلها كما هي وحسب.
عن نفسي كلما شعرت بالخوف أصلي، لا أعرف منذ متى بدأت هذه العادة ولكن دائماً تنجح معي وأنصح بها، هي وسيلة شعور بالراحة والسكينة لا تنهي سبب الخوف ولكن على الأقل تمنح طاقة للتعامل معه.
عادة الشخص الذي تسيطر عليه الأفكار يكون عقله محدود (في فترة ما) فلن يصل بحد تفكير يحل مخاوفه أو يتخطاها فهو في تلك الفترة يكون له سقف من التفكير والمعرفة, مثلاً شخص يمتلك عمل حر وفي فترة ما تراوده فكرة فشل مشروعه لأسباب منطقية فهو قد يكون ليس لديه أفكار أ معرفة تجعله يحل ذلك الموقف فطوال تلك المدة ستسجنه أفكاره مهما حاول السيطرة عليها مالم يتوصل لمعرفة أو طريقة تفكير تجعله يجد حلاً (لأنه في هذه الحالة تخوفه من أفكاره منطقي), أما التخوف الغير مبرر أو الغير منطقي فهذا يعد ناتجاً عن عوامل نفسية وليس لها علاقة مباشرة بالمعرفة أو عدمها, ولكن لها علاقة بصمود وقوة الشخص خلال تلك الفترة ومستوى طاقته النفسية فأحياناً نفقد طاقتنا لأجل التفكير في هذه الأمور
هناك شعرة فاصلة بين الأفكار المُجدية الواقعية والتي تنجي الشخص وتصل به إلى حل وبين الأفكار التي تغرقه.
العلم يقول إن معظم الأفكار يوهمنا العقل بها لأنها تكون عبارة عن مخاوف لا وجود ولا أساس لها وهو يختلقها من نفسه ويلهي بها الشخص عن التركيز في إيجاد حلول للمشكلات الحالية والتركيز على أولوياته.
على سبيل المثال قد يغرق الشخص في التفكير في مشكلات الماضي أو توقع مشكلات المستقبل، ومن الأولى له أن يبحث عن حلول لمشكلاته الآنية.
التعليقات