نسعى جميعًا إلى تحقيق أهدافنا في الحياة، ونقوم بالتخطيط الجيد لها لنتمكن من النجاح، ولكن بالرغم من بذل الكثير من الجهد قد نعجز أحيانًا عن تحقيق أهدافنا، برأيك ما هو سبب الفشل في تحقيق الأهداف رغم التخطيط الجيد لها؟
ما هو سبب الفشل في تحقيق الأهداف من وجهة نظرك؟
لي تجربة شخصية أرغب في قولها وأتمنى أن تنظري بها هنا، منذ سنوات بدأ عرض مسلسل القيصر للممثل مصري إسمه يوسف الشريف وبنفس الوقت بدأت نتفليكس تعرض الموسم الثاني من مسلسل إسمه the puncher، وأنا بشخصي أحب متابعة الأعمال الدرامية التي بها نوع من الغرابة وتبتعد عن العاطفة والمحتوى الإجتماعي، بالحقلة الثانية من المسلسل قال القيصر فيما معناه " لا يوجد شىء يسمى الفشل فلو أدركت أنه نهايتك فستكون المحاولة دقيقة ولا تحتمل أي خطأ" علق هذا المبدأ في ذهني، ثم بعد ذلك بحلقة من حلقات نتفليكس قال البطل " الطريقة الوحيدة لنلعب معهم هو أن ندرك أن الخطأ موت وأنا لن أموت" بدأت أتعامل بالقولين بالتدريج في الدراسة والعمل وتغيير العادات وبناء العادات، ربما هذا خلل لأن القاعدة مأخوذة من شخص خيالي، ولكن نجحت معي ولله، ومنذ هذا الوقت اقول من يفشل لم يحاول كفاية أو لم يحاول بالطريقة الصحيحة.
صحيح أتفق معك في أهمية أن يسعى الفرد منا ويبذل قصارى جهده للوصول إلى هدفه دون تقصير، وطبيعة الإنسان بشكل عام أنه عندما يدرك أن الهدف مصيري سيظل يحاول بكامل طاقته دون كلل أو ملل، ويذكرني ذلك بمقولة: (اعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا)، ولكن هناك بعض المعايير الضرورية التي لا بد أن تتوافر في الهدف مثل توافر العوامل البيئية الضرورية لتحقيقه، على سبيل المثال في ظل انتشار حروب وأمراض قد لا يتمكن الفرد من الوصول لأهدافه بسهولة مهما بلغت محاولاته.
ومنذ هذا الوقت اقول من يفشل لم يحاول كفاية أو لم يحاول بالطريقة الصحيحة.
ولماذا حكمت على الشخص أنه هو السبب الرئيسي في الفشل؟ ألا يمكن أن يكون السبب مثلًا أن الهدف غير واقعي أساسًا، أي أنك مهما سعيت واجتهدت لن تصل إليه ليس لخلل فيك إنما لبعده الشديد عنك "هدفي أن أصبح ملياردير بنهاية العام"، ماذا عن الظروف، نحن نعلم أننا لا نملك التحكم في كيفية سير هذه الحياة بنسبة 100%، وبالتالي أحيانًا يمكن أن تستجد ظروف معينة تغيّر مسار حياتنا وتبعدنا عن أهدافنا، مثلًا الكثير من الشركات كانت لديها أهداف واضحة وخطط ممتازة ملتزمين بها لتحقيق هذه الأهداف، وفجأة جاءت جائحة كورونا وتوقفت الكثير من الأعمال وتضرر الإقتصاد، لا يمكن أن نقول أن سبب فشلهم هو "أنهم لم يحاولوا كفاية\لم يحاولوا بالطريقة الصحيحة"
أظنه يقصد أنه لم يكن مستميتا على هدفه كفاية. هناك فرق كبير بين أن تقول عندي هدف كذا، وأن تكون مستميتا عليه. حينها تحسب لكل شيء، وتبذل آخر أخر جهدك بحق. وإذا نظرت لوجهة النظر الدينية، فمن يبذل مثل هذا الجهد، يكون الله معه، وييسر له الباقي؛ لأنه أخذ بكل سبب تحت يده، ولذا سيصل حتما. وإن لم يصل لهدفه، فسيصل لما يناسبه، ويكون أفضل من هدفه له حتى.
لو كان التخطيط جيد وهناك فشل فهو له سببين فقط:
السبب الأول يكمن في عدم تناسب السعي مع متطلبات الهدف، فليس منطقي أن أضع هدف لجمع مليون جنيه مثلاً وأنا لا اعمل إلا ساعة أو ساعتين في اليوم، أو اعمل طوال اليوم بعمل أجره ضئيل، وهذا عدم تناسب السعي كماً أو كيفاً.
والسبب الثاني يكمن في أن الهدف أعلى من القدرات، فلا يصح أن أقول أنا سأتفوق على بسمة في كتابة المحتوى خلال شهر، وأنا لا أستطيع أن أكتب وأقرأ بينما بسمة معها دكتوراة في اللغة العربية.
في الدين الإسلامي نقول " رحم الله امرئ عرف قدر نفسه" ويجب أن نختار من الأهداف ما يناسب قدرتنا وما يحتاج لسعي نستطيعه ولا نعجزه.
بالضبط الأهداف غير الواقعية لا تتسبب فقط في عدم الوصول للنجاح المرغوب فيه بل تؤدي إلى الشعور بالإحباط واليأس وعدم الرغبة في إعادة المحاولة مرة أخرى، تمامًا كالتلميذ الذي يضع جدولًا زمنيًا لاستذكار دروسه يحتوي اليوم منه على كتاب كامل، فينتهي اليوم دون الوصول إلى نصف الكتاب، وهذا يثبط عزيمة التلميذ بشكل كبير.
هذا يتوقف على تعريف الفشل في قاموسك, فلو كان الفشل هنا يعني عدم تحقيق هدف ذاتي من الأساس أو عدم الوصول لهدف والتوقف فهذا يتعلق بقدرة الشخص على تكرار المحاولات وتعديل طرق عمله, أما الفشل قد يحتسبه الشخص فشلاً من أول محاولة ويتوقف فأعتقد أن هذا لا يعد فشلاً فلا يجب أن نيأس من أول مرة ويجب التكرارا مرات عديدة, ولكن على كل السبب الأساسي للفشل أن التخطيط به شئ خاطئ أو عامل غير محسوب بدقة فيجب أن تراجع خطتك بتفاصيلها وأسباب وجود كل بند في خطتك فربما تجد أشياء لم تكن تحسبها أو نظرتك لها لم تكن صحيحة من الأساس واعتمدت أنها بديهية !
برأيك ما هو سبب الفشل في تحقيق الأهداف رغم التخطيط الجيد لها؟
لأن الحياة تحكمها العديد من المتغيرات، ومهما وضعنا من الخطط فمن المستحيل أن نتنبأ بكل شيء قد يحدث ويعيق تلك الخطط.
فمثًلا لو أن طالبًا مجتهدًا وضع خطة محكمة لأجل أن يحرز المرتبة الأولى ولكن قبيل الامتحان تعرض لحادث منعه من حضور الامتحان أصلًا، فهنا لم يفده تخطيطه واجتهاده بشيء، لأن الأقدار لا يمكن التنبؤ بها، والتخطيط ليس هو المعيار الوحيد للنجاح، فالحظ والتوفيق جزء مهم أيضًا وإن كان خارجًا عن حدود سيطرتنا.
التعليقات