مرحبًا يا أصدقاء!
في عالمنا العربي لدينا مشكلة مع كلمتين "آسف" و"أحبك"، وأنا اليوم أتساءل عن الكلمة الأولى فقط، وهي آسف وغيرها من مشتقات الإعتذار.
برأيكم لماذا يواجه البعض صعوبة في الإعتذار حتى وإن أدرك يقينًا أنه مخطئ وتآكل ندماً؟
هذه مشكلة كارثية؛ لأن أثرها يا تقوى ليس محدود على كلمة آسف فقط، فمن لا يدرك تأثير قوله أو فعله لكي يقول آسف، فهو لا يدري حقيقة التأثير الذي يصنعه.
وهنا قد يجرح أخيه دون أن يشعر ويظلم دون أن يبالي، ويتنمر دون أن يراوده الشعور بالذنب، يصبح سام على نفسه وعلى الجميع.
وأعتقد أن الأمر هنا تكوين شخصي نشأ داخل الأسرة منذ الصغر، حيث برر له الكبار خطأ تلو الآخر وسوء تلو الآخر حتى أخذ عنهم فعلة التبرير فصار يبرر فقط ويجادل إلى ما لا نهاية.
وهناك فئة مغرورة ترى في الأسف تقليل من شأن الذات ولا أرى أنه كذلك.
ومهما كان السبب أن أرى أن هذا سلوك قاسي يجب أن نتوقف جميعاً عنه
في نطاق الأخوة والأصدقاء عادةً ما يتم تجاهل موضوع الإعتذار هذا، بل انه عادة ما يربط بالرسمية، أن الإعتذار يكون للشخص الذي علاقتك به سطحية ورسمية، أما الأخوة فهم يتشاجرون ويعودون للمزاح والحديث بشكل طبيعي دون اعتذار، حتى أنه توجد مقولة "أنه لا يوجد اعتذار وشكر بين الأصدقاء الحقيقيين"، فهل مثل هذه القواعد تحل محل الإعتذار؟
بالنسبة لي لا أتفق مع هذا القول تمامًا، ربما تكون علاقة الأخوة والأصدقاء تحمل قدرًا أكبر من التسامح والتغافل والمغفرة، لكن هذا لا يعني أن نتجاهل أمر الاعتذار إذا ما أخطأنا ونعتمد على أن الطرف الآخر سيغفر أو يغض الطرف كما عادته. فالاعتذار في نهاية المطاف تطييب للخاطر ولا يجب أن نأخذ علاقتنا بأصدقاءنا وإخوتنا كأنها شيء مسلم به.
بالنسبة لي لو أن شخصًا لا يعنيني فعل ما أساء إلي فأنا لن أكلف نفسي عناء معاتبته حتى وأخرجه من دائرتي، ولكن لو كان شخصًا أهتم لأمره فأحرص على إبلاغه ومعاتبته.
ما يجرحني ليس أن يتسبب أحد من أحب في أذيتي، ما يجرحني أن يفعل هذا بغير مبالاة، وحين ألفت نظره لا يأخذ الأمر بجدية، وهذا ما يجعلني أقدر أن يعتذر إلي لأن هذا يعني أنني أعني له الكثير.
وأظن أن المرء إذا كون علاقة قريبة مع أحدهم فهذا إقرار ضمني أنه سيؤذي وسيُؤذى، هذا شيء حتمي لا مفر منه، وتوقع أن الطرف الآخر سيكون مثاليًا معي ولا لن يفعل أبدًا ما يسيئني أظنه افتراض بعيد عن الواقع بعض الشيء. لذا فالاعتذار له قيمة كبيرة في مثل هذه الحالات.
أنا لا أتفق مع هذا القول ابدا دفعت أنا وأبي وأمي ثمن عدم الاعتذار لطفل غاضب بيننا فترك البيت بليلة من الليالي بعد أن كبر وحدد وجهة يذهب لها، ورغم أني لم أكن مدين باعتذار والمشكلة لا تتعلق بي ولكن بذلك كان يجب أن أعتذر عن شعوره بحزن وعن تصرف أبي.
يؤسفني جدًا ما حدث معكم وآمل أن يمنحكم الله لحظة لقاء تجمعكم بأخيك.
المشكلة فعلًا أنه أحيانًا قد تستخدم هذه القاعدة كذريعة يستتر خلفها أفراد العائلة كلما ارتكبوا أفعالًا مؤذية بحق بعضهم، فبعض الأفعال يكون لها وقعًا أشد قسوة عندما تأتي من الأهل، وأن يتم تغطيتها وتجاوزها دون اعتذار، ذلك قد يترك أثرًا سيئًا في الشخص، لذلك دائمًا ما يصرح الناس بأن جرح الأهل هو الأسوء على الإطلاق، فلن يكون تنمر زملائي في المدرسة أسوء من تنمر والديّ أو أخوتي علي.
مع الأخطاء الصغيرة لا بأس بتجاوز الإعتذار، ولكن الإساءات الكبرى تستوجب الإعتذار.
السبب يا أختي أن الأغلبية لا تعرف متى تقولها ولماذا، فعندما نجوع نأكل وعندما نفقد الطاقة نرتاح، ولكن البعض لا يعرف ما هو الفعل أو الموقف الذي يجب أن نقول به آسف، وهذه المشكلة قد تكون تعود، حيث نعتقد أننا لسنا بحاجة لها فلا نلجأ لقولها بأي موقف، وقد تكون تبلد بحيث لا نعترف بسوء الفعل أو القول، وربما تكون صفة التبرير فلا يقتنع المخطئ بما أخطأ به، وهذه الآراء عليها دراسات وأبحاث عديدة تدعم صحتها ط.
هذا من أصدق التعليقات التي قرأتها، فعلى الأغلب يميل الأشخاص إلى إعطاء الحق لأنفسهم في كل ما يعملوه، ولكن أليست هناك بعض الإشارات التي تنبهك بأنك ينبغي عليك الإعتذار، مثلًا في حالة حزن شخص ما بسببك، أو تعرضه للأذى منك؟
لا يلاحظ إلا من يراجع نفسه. كما أني لاحظت أن بعض الناس تحس من تعاملهم أنك يمكنك الكلام معهم بسهولة، وإخبارهم أنك حزنت منهم لما قالوا كذا أو عملوا كذا. وأنا أسعى أن أكون من هؤلاء بإذن الله. أقصد ممن يستسهل الناس أن يأتوهم ليشكوهم من شيء تأذوا منه، وهم واثقين أنهم لن يردوهم مكسوري الخاطر، ولن يتركوهم إلا وقد طيبوا خاطرهم.
برأيكم لماذا يواجه البعض صعوبة في الإعتذار حتى وإن أدرك يقينًا أنه مخطئ وتآكل ندماً؟
هذا يرجع بالأساس إلى التربية والتنشئة الخاطئتين، ينمو الفرد دون أن يسمع كلمة اعتذار من المخطئ من أفراد أسرته في حق المُساء إليه، فيكبر دون أن يدرك قيمة الاعتذار وما يشيعه من تسامح وحلم بين الناس، وكونه ضرورة ملحة لبناء علاقات صحية وصحية بينهم.
حقيقة نفتقر كثيرا لثقافة الاعتذار.
هناك من يرى أن الإعتذار ليس مجرد تصريح شفهي بل هو يفضل أن يكون الإعتذار فعل، بمعنى أن يقوم بإصلاح ما أفسد أو يقوم بشراء هدية للطرف الذي أساء إليه، ما رأيك هل تغني هذه الأفعال عن الإعتذار؟
بل هو يفضل أن يكون الإعتذار فعل، بمعنى أن يقوم بإصلاح ما أفسد أو يقوم بشراء هدية للطرف الذي أساء إليه، ما رأيك هل تغني هذه الأفعال عن الإعتذار؟
أن يكون الاعتذار فعلا، هو أمر إيجابي، وقد يغني عن الكلام في بعض الأحوال، ولكن لابأس أن نرافقه بكلمة "أعتذر"لأن قيمتها كبيرة، والاعتراف بالخطإ فضيلة.
أرى أنه من واجبنا نشر ثقافة الاعتذار، ونربي أبناءنا عليها، لأنها من تعتبر من بين الأسس، التي تنبني عليها العلاقات السوية المتكافئة.
الفكرة هي توقع الشخص نفسه لكيف سيقابل عند اعتذاره هل سيقابل بعدم التقدير أم ببرود ولهذا بعضنا يقلق من الاعتذار وقد يصلح خطأه في صمت (وهذا لا يقل أهمية عن الاعتذار) والبعض الآخر لا يعتذر تكبراً من أن يراه الناس أنه مخطئ, فالاعتذار عن الخطأ يكون في صور كثيرة, على أبسط تقدير معلم قال معلومة خاطئة فليس جميع من يفعل هذا يعتذر عن خطئه خشية من أن يظهر بالشكل الغير دارس أمام طلابه (بالرغم من أنه شئ طبيعي)
لماذا لا يتم رؤية الإعتذار على أنه دليل قوة؟ فليس كل شخص يمتلك الجرأة والقوة للإعتراف بخطئه، وهو ما ثمّنته كثيرًا عندما قام به اليوتيوبر الشهير أبو فلة أكثر من مرّة أمام جمهوره كون غالبيتهم من الأطفال، بينما يوجد نماذج أخرى لأشخاص رفضوا الإعتذار بشكل متعالي جدًا أمام الجمهور.
الفكرة هي توقع الشخص نفسه لكيف سيقابل عند اعتذاره هل سيقابل بعدم التقدير أم ببرود ولهذا بعضنا يقلق من الاعتذار وقد يصلح خطأه في صمت
ولكنني أرى أن الاعتذار حق للشخص الذي تعرض للإساءة او الأذى، فمهما كان رد فعله، أو لو حتى كنا متأكدين أنه سيرفض الاعتذار فيجب أن نعتذر في كل الأحوال، فرد الفعل لا ينفي هذا الحق.
من باب أنك قمت بواجبك والباقي لا يهم.
ولكن ألا تعتقدين أن ردة الفعل المهينة هذه قد تكون رادعًا للشخص أن يعتذر في المستقبل؟
أنا لا أعتذر، بصراحة أقول لك، أنا لا أعتذر نهائياً، يمكن أن أصلح خطأي أو أتراجع ولكن أن أعتذر فهذا يستحيل لإنني أفهم الإعتذار على أنه ضعف، لماذا أنا مطالب بتقديم إعتذارات إذا منت أستطيع إصلاح ما أفسدته؟ ما معناه هذا الإعتذار وما الرسالة التي يرسلها للآخر غير أني ضعيف ولا أقوى لا على الرد ولا على الإصلاح؟ أعتبر الإعتذار نفسياً نوع من أنواع المهانة لإنه يحمل الكثير من العجز في طيّاته، لذلك أفضّل إصلاح المسارات والسلوكيات على ذلك وأعتبر ذلك هو بمثابة إعتذار ولكن من منبر قوي يناسبني، على عكس ذلك الإعتذار الفارغ من عمل والمليء بالمهانة النفسية.
أنا آسف لو سؤالي سيسبب إزعاج لك ولكن لو وجهت لي لفظ مهين كيف ستصلح الأمر دون أن تعتذر ؟ ولو مثلاً تصرفت بالمواصلات العامة تصرف جعل شخص يبكي كيف تعيد الأمر كما كان، ولماذا ترى أنه ضعف ولا ترى أنه من مكارم الأخلاق، فلو من ارتكبت بحقه الخطأ لم يسامح فقد نقل المشكلة إلى الله وهنا سيكون ثمن عدم الاعتذار كبير يا أخي، أنا أخاف عليك فقط وأتمنى أن لا تنزعج مني أرجوك.
ما سبب هذه النظرة ضياء؟ يعني أنا أيضًا أعاني بعض الشيء مع الإعتذار وأرى فيه بعض المشقة أحيانًا ولكن هناك بعض المواقف لا يمكن حلها إلا باعتذار صريح، بالأخص أنه يوجد أشخاص لا يعترفون بموضوع "إصلاح الخطأ" دون أن يسمعوا كلمة "آسف"، ومثلًا أحيانًا يكون الإعتذار ضروري مثلًا في حالة الإساءة للوالدين، هنا لن يحل أي فعل محل اعتذار صادق.
أحيانًا أستعين ببعض المراوغات مثل استخدام كلمات أخرى غير "آسفة"، مثلًا "لا تتضايق مني" أو "ما كنت أقصد" وهكذا.. هل تقوم بها أحيانًا؟
ولكن أن أعتذر فهذا يستحيل لإنني أفهم الإعتذار على أنه ضعف
هذه النظرة لدينا في مجتمعنا مثلها مثل العديد من الأمور التي أرفضها مثل بكاء الرجل ضعف، تصريح الرجل بمشاعره ضعف! وكأن الرجل في المجتمع لابد أن يكون سي السيد! يأمر وينهي ويصلح ما أفسده بشكل ميكانيكي ألي وركن مشاعره جنب الحائط ومن ثم نتساءل عن سبب المشاكل الأسرية وتربية الأبناء! في جو غير صحي
ربما يكون الأمر راجعًا إلى الاعتقاد بأن الاعتذار هو جرح للكبرياء أو علامة على الضعف، وأن هذا سيقلل من شأني.
كذلك التربية تحمل مسؤولية كبيرة في هذا الشأن، فلو لم يتعلم الطفل من صغره على قول أنا آسف سيكبر وهو يجد الكلمة ثقيلة على لسانه. ربما يفعل كل شيء لأجل أن يصلح خطأه لكنه لن يقول تلك الكلمة. بالأخص لو كان الوالدان لا يتعذران على الإطلاق، وإذا ما أخطأ في شيء يدعون طفلهم لتناول وجبة أو يعطونه هدية، ولا ينطقون بتلك الكلمة أبدًا. لذا فالطفل الذي ينشأ وهو أمامه مثل هذا النموذج بالطبع سيجد صعوبة كبيرة في قول تلك الكلمة.
التعليقات