أثناء حديثي مع إحدى صديقاتي منذ مدة وهي من المجال التقني قالت لي أنها تشعر أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي تسبب خمولًا وبلادة في التفكير، في ذاك الوقت كنت أرى عكس ذلك تماماً أن الأدوات تختصر الوقت وتحرر العقل من المهام الرتيبة مما يمنح مساحة أكبر للإبداع. ولكن مؤخراً قرأت عن دراسة أُجريت داخل MIT Media Lab لمعرفة كيف تؤثر أدوات مثل ChatGPT على التفكير والذاكرة، شارك بها 54 شابًا وشابة تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 39 سنة، والمهمة كانت
الدورات والمحتوى أصبح متكرر… هل المشكلة فينا ولا في السوق؟
أثناء تصفحي المستمر للمنصات المتخصصة، لاحظت تشابهًا كبيرًا في معظم المنشورات والدورات التدريبية وحتى الشهادات المعروضة، كما أن النصائح متشابهة مع اختلاف أسلوب الكتابة وطريقة الطرح فلا جديد إلا قليل، وأحيانًا أجد نفس أسلوب الكتابة الذي يبدو معتمدًا بالكامل على أدوات الذكاء الاصطناعي. من تجربتي الخاصة رأيت دورة تدريبية تم الترويج لها بكثرة ومع كثرة المنشورات عنها شعرت بأهميتها وأنها قد تثقل معلوماتي وسجلت بها، لكن عند البدء شعرت أن محتواها موجه للمبتدئين ولم يكن يحمل تلك القيمة التي ظهرت
التركيز على أداة واحدة هو الطريق الأفضل للتطور المهني، مع أم ضد؟
"الملتفت لا يصل" عبارة قرأتها ذات يوم وبقيت تتردد في ذهني كثيرًا، خاصة مع ازدحام الساحة التقنية بالأدوات والدورات والمجالات والفرص. في العالم التقني المتغير باستمرار، نجد أنفسنا أمام سيل لا ينتهي من الأدوات حيث أن كل يوم تُطرح مكتبة جديدة أو إطار عمل مختلف أو أداة للذكاء الاصطناعي وربما تحديثاً في طريقة تنفيذ الأمور المعتادة وربما تكثر التساؤلات والإدعات حول إمكانية استبدال البشر بها. وفي رأيي أن السبيل للتطور المهني الحقيقي هو أن أضع هدفًا واضحًا وأختار أداة واحدة
حفظ المحتوى لوقت لاحق عائقا للإنتاجية.
داخل كل تطبيق على منصات التواصل الاجتماعي هناك إمكانية لحفظ منشور أو فيديو، وفي الأونة الأخيرة كنت منشغلة تماماً لذا عندما كنت ألوج إلى منصة من منصات التواصل الاجتماعي أو يتم ترشيح دورات تدريبية معينة أو مقال أراه مهماً ينتهي بهم المطاف إلى الـ"Saved posts" على أمل أنني سأعود لها لاحقا والآن عندما بدأت في رؤية هذه المحفوظات وجدت الكثير والكثير وقد استثنيت البعض كما أن هناك دورات قد انتهت فترة التقديم بها وربما البعض لم يكن مناسباً بالأساس، لكن
نعيش داخل متاهة رقمية يتحكم فيها الذكاء الاصطناعي دون أن ندرك.
في نهاية فيلم Maze Runner، وبعد رحلة مريرة للأبطال من الجهد والخوف ومحاولات النجاة من المتاهة المغلقة بإحكام يكتشفون أنهم لم يخرجوا فعليًا من دائرة التجربة. كل ما عاشوه لم يكن سوى مرحلة داخل اختبار أكبر، تدار من قِبل جهة تراقب سلوكهم وتختبر قراراتهم. ومن هنا طرأ ببالي سؤال: ماذا لو كانت حياتنا الرقمية اليوم تُدار بنفس الطريقة؟ حيث أنه مع تطور الذكاء الاصطناعي، أصبحت خوارزميات المحتوى، والإعلانات، والتوصيات، تعرف عنا الكثير وتحدد ما يظهر لنا ومتى وكيف نتفاعل معه،
لماذا ينجح البعض في إنهاء ما بدأوا بينما يتشتت الآخرون؟
كل بداية وتجربة شئ جديد تكون جميلة وحماسية وذات طابع مختلف على النفس وخاصة في التعلم سواء عند بداية دورة تدريبية جديدة أو حتى ممارسة عادة مفيدة وغيرها من الأمور النافعة، لكن ما إن تظهر العقبات حتى يتراجع البعض ويبدأ في البحث عن شيء آخر سواء أسهل أو أسرع وتتكرر الدائرة مرة أخرى، وعلى الجهة الأخرى هناك من يختار أن يُكمل الطريق رغم الصعوبات ويستمر في مواجهة التحديات حتى يصل بل ويستمتع بالتدرج والتطور ولو كان بطيئًا. ويثير فضولي السؤال
كيف ستتأثر تجربتنا كمستخدمين بعد تحديث انستجرام حول ظهور المحتوى بجوجل؟
إنستجرام أعلنت مؤخرًا أنّ المنشورات بما فيها الريلز (Reels) والكاروسيل والنصوص المصاحبة التي يتم نشرها (Captions)، أصبحت تظهر رسميًا في نتائج البحث على جوجل. مما يعني أن منشوراتنا على إنستجرام أصبحت قابلة للاكتشاف من قِبل جمهور جديد كليًا حيث أن هذا الجمهور لا يتابعنا تحديداً بل يبحث عن كلمات أو مواضيع ذات صلة بمحتوانا، وهذه فرصة لإعادة النظر في طريقة كتابتنا للمحتوى على وسائل التواصل. بجانب هذا فإن الكابشن لم يَعُد مجرد جملة عابرة نكتبها بل أصبح عنصرًا رئيسيًا في
الاستمرار بالبرمجة يتطلب حياة كاملة من المواكبة.
منذ بدأت تعلم البرمجة، كنت أرى أني وأخيراً وجدت المجال الذي أطمح أن أُكمِل فيه ولكن وقتها لم اعتقد أنه قرار كبير سوف يأثر على حياتي إلى هذا الحد، فالأمر لا يتعلق بتعلم لغة أو أداة جديدة، لكن نمط حياة جديد، ينبغى على أن اتعلم عنه يومياً، أتابع كل جديد خاص بالمجال، أخذ دورات تدريبية، العمل على مشاريع، وتحسين السيرة الذاتية من وقت لآخر، وحل مسائل على مواقع يومياً. كل هذا وإن كان ليس سهلاً ومازلت اعمل عليه جاهدة لكنه