بمناسبة ظهور نتائج الثانوية، ولمساعدة الطلاب المقبلين على اختيار التخصص، شاركنا كيف اخترت مجال تخصصك؟ هل كان لك آلية معينة؟ أو حتى إذا غيرت مجالك، فكيف عرفت المجال المناسب لك؟
كيف اخترت مجال تخصصك؟
دخلت كلية العلوم لاقتراح أحد أساتذتي في الثانوية، بينما تخصصي في الكيمياء الحيوية فكان لأنه القسم الشائع بعد الكيمياء الخاصة ولأني لا أحب الكيمياء كثيرًا فقد تخصصت في الكيمياء الحيوية، لم أحب أن أعمل بمجالي بعد التخرج، لكن جاءتني فرصة للعمل فور تخرجي والتحقت بها فأحببت مجال عملي، بجانب حبي للقراءة واهتمامي بالكتابة فالتحقت بالعمل الحر.
ما فكرت فيه هو أن وظيفتي تناسب خبرتي وتحقق أمانًا ماديًا، وفي نفس الوقت يتوفر لدي الوقت للعمل عن بعد في مجال الكتابة والتدوين وأحظى بفرصة لتنمية مهاراتي في مجال أحبه.
جميل ميادة!
هناك مفهوم شائع بين الناس، فيظن البعض أنه يجب عليه اختيار التخصص المتوافق مع هوايته التي يحبها، ولكن هذه ليست قاعدة، فيمكن التخصص في مجال والعمل في مجال آخر أيضًا، مثل مجال الكتابة مثلًا، كان بإمكاني التخصص في الصحافة بما أنها كانت من ضمن التخصصات المتاحة لي ولكنني لم أفعل، وهأنذا أمارس الكتابة وأعمل بها.
في البداية قمت باختيار تخصصي بناءاً على شيئين الأول نظرت على سوق العمل وما المجالات التي لها مستقبل والثاني نظرت لمجال الدراسة التي أحبها وأتمكن فيها, بالنسبة لي في مجال التكنولوجيا الحيوية لم يكن منتشر آنذاك فنظرت في الحقل الخاص بهذا المجال وبحثت على المواقع العملية مثل لينكد إن وشاهدت نوع الوظائف المرتبط به وبناءاً عليه اخترت التخصص.
بالطبع تلك الأيام ظهرت عدد من التطبيقات الحديثة لهذا المجال, منها معامل البحث والتطوير في شركات الأدوية والأغذية, معامل الجودة, التحاليل الوراثية والبكتريولوجية الطبية, محطات تنقية المياه, مصانع الأسمدة العضوية, تلك المنتشرة في المنطقة العربية أما بالنسبة للدول الأوروبية يوجد عدد كبير من الوظائف المتطورة مثل إنتاج البروتينات الأحادية وإنتاج الأمصال واللقاحات وتطوير الأدوية المعدلة وراثياً
حين كانت المفاضلة في ال ٢٠١٤، أي حين كنت بهذا العام وظهرت نتائج الثانوية وأنا كنت أدبي، كان يحق لي أن أسجّل حقوق وأنا أبي عنده مكتب بالتالي الحقوق خيار ممتاز لي، سجلت حقوق وجلست أفكر لثلاثة أيام متتالية بعد ذلك بحياتي وأنا أمارس الحقوق عملياً وساءتني هذه الأفكار كثيراً، أذكر أنه بعد ٥ أيام من تسجيلي للحقوق نزلت إلى الجامعة حيث الكفاضلة كانت وتسجيل الرغبات وقمت بتغيير رغبتي للأدب الإنكليزي وكان هذا أفضل شيء فعلته بحياتي، هذا الأمر فتح عليّ كل ما كنت أريد بالحياة، ساعدني على الكتابة التي أحب وسلّحني بفهم جديد للغة الانكليزية المطلوبة بحياتنا، عظّم وساعة المجالات التي يمكنني الدخول بها والعمل بها وكان لي هذة المجال عون للسفر أكثر مما لو كنت حقوقي أي محامي أو قاضي..الخ.
لا أستطيع تخيلك محاميا على الإطلاق. من الجيد أنك اتخذت هذا القرار؛ لأنك موهوب فعلا بالكتابة. أرجو أن يفكر الطلاب فعلا بأن يتخيلوا أنفسهم يمارسون المهنة التي سيتخرجون لممارستها، ويقررون إذا كانت هذه المهنة هي المناسبة لهم ولشخصيتهم، وهي التي سيستمتعون بالعمل بها، ويستطيعون مساعدة الناس من خلالها.
الدرس المميز في تجربتك هو: لا تدع أحدا يضغط عليك لتختار تخصصا لا يناسبك. ما أبرز التحديات التي قابلتك خلال دراستك خاصة بالسنوات الأولى؟
بصراحة لم أنظر لمتطلبات سوق العمل؛ لأنها تتغير كل عام ولا أعتقد أن التوجه بناءاً عليها سيكون صحيح، وعندما قمت باختيار تخصصي بحثت في التخصصات التي لها فرص عمل في قطاعات ومجالات مختلفة لكي اضمن الحصول على فرصة في أي مؤسسة أو قطاع.
تخصصك في علم نفس الأطفال دقيق جدا، ويحتاج لشخصية معينة؛ لأن الكثير قد لا يحسن التعامل مع الأطفال، والبعض لا يتحمل السماع لآلام الآخرين باستمرار وليس لديه القوة النفسية الكافية. فقد قابلت عدة أشخاص في مجالات التكنولوجيا كان تخصصهم علم النفس، ولكنهم تركوه لعدم قدرتهم على الممارسة. فكيف عرفت أن هذا التخصص مناسب لك؟
منذ الصغر وأنا أحب الأطفال واعشق الجلوس واللعب معهم، وحتى في التجمعات العائلية والمناسبات لن يجدوني إلا حيث يوجد الاطفال، وكان هذا يعرضني لانتقادات عديدة عندما يشاهدني أحد الكبار أتعامل مع الاطفال بعقلهم وتصرفاتهم ولكن كنت أحب ذلك وأشعر بسعادة كبيرة عند القيام به، وهذا ما دفعني لهذا التخصص؛ فهو يضمن لي البقاء مع الأطفال أطول مدة ممكنة، ولو جربتي هذا يا هاجر في ملجأ أيتام أو دار إعاقة لوجدتي به سعادة وراحة كبيرة وكأنهم يخففون الضغوط عنا ويزودونا بجرعات كبيرة من البرائة التي نزعتها منا الحياة.
أظننا نشترك في ذات التجربة، فأنا أيضًا كنت أفضل دائمًا مجالسة الأطفال والبقاء برفقتهم أكثر من البقاء برفقة الكبار، وكنت أحب أحاديثهم وأحب أن أحكي لهم قصصًا.
لذا فكانت رغبتي منذ صغري أن أكون مدرسة أطفال، لكن بسبب رغبات الأهل وما إلى ذلك اخترت تخصص العلاج الطبيعي، لكن ما زلت أحاول أن أتبع ما أحب لذا أفكر في أن أتخصص في العلاج الطبيعي للأطفال، رغم قول الجميع أنه تخصص مجهد، لكني أود التجربة على أي حال.
في البداية، كنت أطمح لأن أكون طبيبة جراحة بسبب إعجابي بشخصية البطل في مسلسل خاتم سليمان ولكن خلال فترة الثانوية العامة، أدركت أن شغفي بالكتابة يتفوق على كل شيء آخر، فمنذ صغري كنت أكتب بشكل عفوي وكانت عائلتي تعجب بما أكتبه وتشجعني على الكتابة، وبالصدفة رأيت إعلاناً عن دورة لكتابة السيناريو، وبما أنني أحب الكتابة، اعتبرت الدورة فرصة مفيدة لي، فأقدمت عليها، ومن خلالها اكتشفت عالم الكتابة السينمائية والمعهد العالي للسينما، وقررت أن أكون جزء من هذا المجال بناء على حبي للكتابة والسينما، دون النظر إلى سوق العمل أو أي اعتبارات أخرى بل اتبعت قلبي وشغفي فقط
في الحقيقة لم تكن هناك الكثير من خيارات للكلية أمامي، أو بشكل أدقّ كان أمامي خيارين فقط واخترت الأنسب لوضعي، ولكن من باب الإفادة سأشارك تجربة قمت بها قبل التخرج من الثانوية والدخول إلى زوبعة اختيار التخصص، توجد طريقة لا أعلم أين سمعتها ولكنني طبقتها، وهي تجهيز قائمة بأكثر التخصصات التي أراها مناسبة لي وأميل إليها، ثم تقسيمها في جدول وتقييمها من حيث ثلاث عناصر "الشغف، المهارات، القدرة" -اعتقد انها هكذا إذا لم تخنّي الذاكرة، طبعًا التخصص الأعلى تقييمًا في الثلاثة سيكون الأنسب حسب تقييمي.
بالمناسبة، تخصص أحلامي الأول ليس هو الذي أدرسه، ولكن الخيار الذي اخترته كان ضمن القائمة التي وضعتها -ما زلت محتفظة بها إلى الآن!- على الرغم من أنه كان في ترتيب متدني قليلًا لكنه لم يحد عن نطاق اهتمامي، دخلت كلية ادارة الأعمال، تعرفت على التخصصات المختلفة فيها في السنة الأولى، أحببت التسويق من بينها، واكتشفت شغفًا جديدًا لم يكن ببالي، رغم انني قبل الجامعة كان يبدو لي مملًا، والعبرة هنا أنه لو وضعتكم الحياة في تخصص لم يكن ضمن مخططاتكم، اعطوا نفسكم فرصة، قد يكون هو الأنسب لكم، ربما تجدون شغفكم هناك!
التعليقات