هناك كثير من الأهالي لا يُظهرون مشاكلهم الشخصية ومشاكل الحياة أما أبنائهم، حين أسأل يقولون بأنّهم يريدونهم أن يستمتعوا بطفولتهم وحياتهم، وهناك أهل كأهلي أظهروا مشاكل حياتهم منذ أن كنت صغيراً، أوّل وعيي، وكان لديهم أيضاً حجّة جيدة برأيي حيث قالوا بأنّهم كان يريدون أن أفهم الحياة كيف تمشي وتُعاش، أن أفهم الحياة فعلاً، لذا أيّهم أفضل برأيك؟ أيّهم أفضل، إظهار المشاكل أمام أبنائنا ليفهموا الحياة أم إخفائها ليستمتعوا بالحياة؟ ولماذا؟
أيّهم أفضل، إظهار المشاكل أمام أبنائنا ليفهموا الحياة فعلاً أم إخفائها ليستمتعوا بالحياة؟ ولماذا؟
ليست كل أنواع المشكلات يمكن إظهارها أمام الأطفال، والطريقة التي يتم إظهار المشكلة بها أيضًا تصنع فارقًا بلا شك. هل مثلًا ظهرت المشكلة أمامه في صورة عراك بين الزوجين أم استدعت الأم مثلًا الطفل للجلوس إلى جانبها وشرحت له الأمر بطريقة بسيطة يفهمها؟
أنا ضد التطرف في الحياة عامةً، فالبحث عن الموازنة وأخذ المناسب من كل خيار بشكل معتدل بدلًا من اللجوء إلى خيار متطرف يجب أن هدفًا ملازمًا لكل مواقف الإنسان في الحياة بل يضعه أمام نصب عينيه.
بالتأكيد لا الخيار الأول مناسب لسنوات الطفولة ولا الخيار الثاني يصنع شبابًا يستطيعون مواجهة الحياة.
بالتأكيد لا الخيار الأول مناسب لسنوات الطفولة ولا الخيار الثاني يصنع شبابًا يستطيعون مواجهة الحياة.
للأسف الأمر ممتد فعلا لمراحل ما بعد الطفولة؛ فعن نفسي أجدني حتى الآن أفضل عدم المشاركة والإنعزال تماما عند حدوث أي مشكلة بحياتي، ولا أميل لمشاركتها مع أحد.. وذلك ناتج بالأساس عن مواقف لا شعورية اعتدت على إتخاذها تجاه مشكلات الأهل أثناء طفولتي.. ولذلك أؤيد إخفاء معظم المشكلات عن الأبناء، وإنتقاء ما يمكنهم إدراكه والتعامل معه فقط، وعرضه عليهم بأسلوب متفهم لحداثتهم.
لنفترض أماني أن العائلة تمر بضائقة مالية، والطفل يصّر على اقتناء لعبة غالية الثمن رآها مع صاحبه أو في إعلان تليفزيوني أو أي مكان، والأب والأم يحتاجان هذا المال لأجل تأمين أمور المعيشة في تلك الفترة.
الأفضل من وجهة نظري أن يقوما بشرح الأمر للطفل بطريقة يفهمها وتوضيح المشكلة له وأن له دور في الخروج من هذه المشكلة. هذا هو الأفضل وليس إخفاء المشكلات عنه بحيث يظن أن الحياة وردية وأن الجنة في انتظاره عندما يكبر. لا، لتتم تهيئته تدريجيًا وبشكل يتناسب مع سنه بدلًا من أن يفهم كل ذلك دُفعة واحدة في سن المراهقة التي أعتبرها أسوأ مرحلة يمر بها الإنسان على الإطلاق.
وفي الغالب هذا هو التصرف المناسب بذلك الموقف رغدة، وكذلك يمكن للأهل تعويد الأبناء على ثقافة الإدخار لشراء ما يلزمهم..
وليس إخفاء المشكلات عنه بحيث يظن أن الحياة وردية وأن الجنة في انتظاره عندما يكبر. لا، لتتم تهيئته تدريجيًا وبشكل يتناسب مع سنه..
بالطبع، ولذلك أكدت على ضرورة إنتقاء ما يمكن للأبناء إدراكه والتعامل معه فقط، وعرضه عليهم بأسلوب مراعٍ لحداثتهم.
ليست كل أنواع المشكلات يمكن إظهارها أمام الأطفال
ما هي المشاكل التي يمكننا أن نستثنيها وكيف نحددها؟ ما هي الخطوط الحمراء مثلاً التي لا يجب على أي طفل الاطلاع عليها نهائياً في أي خلاف بين الأب والأم أو في مشاكل البيت ومصاعبه الروتينية والغير روتينية؟ هل هناك أي موقف يجول في خاطرك الأن يمكن أن يشكّل نسقاً أو أرضية يمكننا أن ننطلق منها في تحديد ما الذي يجب أن نخفيه عن الطفل وما الذي يجب أن يظهر؟
برأيي المشكلات التي لا تمس الطفل بشكل شخصي لا داعي من مشاركته إياها في هذا السن الصغير. لنقل مثلًا مشكلات بين الزوجة ووالدة الزوج. هذا النوع من المشكلات الأفضل فيه ألا يطّلع الطفل أصلًا على تفاصيله حتى تستمر علاقته بوالدته وجدته في مسارها الطبيعي.
لكن لنقل أن أحد أفراد العائلة يمر بمشكلة صحية، الأب أو الأم أو الأخ، هنا أنت تحتاج إلى تعاطف الطفل مع مريض العائلة وأن تنمي لديه الإحساس بالآخر وكيف يمكنه التخفيف عن الآخرين في مرضهم.
النوع الآخر الذي أؤيد مشاركة الطفل فيه وبشدة هي المشكلات المادية. ربما كان من الأفضل إفهامه أن له دور في الخروج من هذه المحنة عن طريق تخفيض مصروفه على سبيل المثال، أو اختباره في أن يخفض من طلب الأغراض التي اعتاد على طلبها في الظروف العادية. وحين تمر المشكلة سيكون عليك كأب مكافأته على صبره وتعاونه مثلًا.
الفكرة من وراء كل هذا هو ليس مجرد مشاركة الطفل، بل إشراكه في المشكلة ومنحه دورًا بطوليًا ليلعبه بها.
النوع الآخر الذي أؤيد مشاركة الطفل فيه وبشدة هي المشكلات المادية
أواجه صعوبة للأمانة في تقبّل هذا الأمر، ليس لخطأ أن نقوم بذلك، هذا الأمر منطقي ومطلوب، ولكن إذا ما قسنا الإمكانية فهنا سنقع بالخلط الذي يجب علينا أن نتجنّبه، ما هي إمكانية أن يفهم الطفل هذا الأمر المعقّد؟ لا يحمل أي أرضية معرفية جيدة تجعله فعلاً مؤهلاً لتقبّل الأمر، أي طفل هو كذلك، ولذلك نراهم يبكون على الألعاب من قلبهم متجاهلين أي نقاش عقلاني بصدد هذا الأمر.
أتفق مع حضرتك طبعاً في مسألة الصحّة، وإخفاء مشاكلنا أيضاً التي يمكن أن تؤثّر على علاقته بأقاربه، أمثلة رائعة.
في رأيي أن إظهار المشكلات مناسب بحسب المرحلة العمرية، فهناك أمور من المناسب مناقشتها مع الاطفال مثلًا، وهناك امور لا تناسبهم.
لذا فالتدرج في تحميل الابن المسؤولية وفقًا لعمره هو أفضل حل، لا يجعل منه شخصًا لا يتحمل المسئولية، ولا يجعله كبيرًا قبل الأوان.
هذا كلام عام، حين نقول مثلاً أنّ هناك أمور من المناسب مناقشتها مع الأطفال يجب أن نحدد مثال واحد لنكون على أرضية واحدة في فهم هذا النوع من الخلافات الذي من العادي أن يُشارك مع الطفل، بالإضافة إلى ذلك أيضاً أنا لا أعتقد بأنني مع أي نقاش مع الطفل، أتحدّث عن إظهار الخلافات أو تفاديها، فقط دون أي فهم للطفل لما يحدث أمامه، أي عدم تجنّبه فقط عند حدوث أي مشكلة.
لا يمكن للخلافات أن تظهر دون مناقشة مع الطفل، فالطفل سوف يتسائل وتساؤلاته تحتاج إلى إجابة وإلا فإنه سيبحث عن إجابات في المكان الخطأ أو ستبقى في داخله وتسبب له الكثير من العقد والمشاكل.
الإجابة على أسئلته أمر مختلف تماماً، الأن فهمت قصدك، اعتقدت أنّك تريدين أن تفتحي معه نقاش دون أن يطرح أي سؤال بخصوص هذا الأمر أو تعبيرات، لإنني أفضّل دائماً التماهي مع مشكلات الطفل وكلامه لا لفت نظره إلى أمور أخرى باستمرار، مثلاً لو لم يتحدّث إلي بسؤال: من أين جئنا بعمر ال5 سنوات مثلاً لن أفتح معه أي مواضيع وجودية في هذا العمر إلى أن يطرح السؤال وهكذا، أي المحاورات مبنية دائماً على استغرابه وأسئلته.
حيث قالوا بأنّهم كان يريدون أن أفهم الحياة كيف تمشي وتُعاش
طفل في عمر صغير كيف يمكنه أن يستوعب بأن الحياة تمشي بالمشاكل وأن المشاكل هي ملح الحياة ويمكن أ تحل، الكبار يحلون المشكلة والصغير يصاب بصدمة ربما ليس لها أول ولا آخر.
في عمر كبير بدأت استوعب أن هناك مشاكل في الحياة وكلما نكبر في العمر تعقيد المشكلة يصغر في أعيننا، عندما نكون صغار مشاكل بسيطة تظهر لنا أنها كبيرة ومخيفة.
معالجة المشاكل لا أفضل أن تكون أمام أعين الأطفال أبدا.
طفل في عمر صغير كيف يمكنه أن يستوعب بأن الحياة تمشي بالمشاكل وأن المشاكل هي ملح الحياة
الخلافات والصراعات أمر طبيعي يقوم به حتى الطفل، ألا نرى رغبة بعض الأطفال بضرب بعض الأطفال لتخليص الكرة مثلاً؟ هذا طبيعي، فطري فيهم، ولذلك أليس من الأفضل عدم تجنّبهم عند حدوث أي مشكلة؟ على الاقل ليدركوا مبكراً بأنّ العالم يمشي بهذه الطريقة وبأنهُ لا مفر من الصراعات والمسألة متعلّقة بكيفية حل الصراعات لا تجنّبها؟ ألا يجب أن يتعلّموا هذه القيمة مبكراً بدلاً من تعليمهم سذاجة لا يمكن أن تنفعهم في مراهقتهم حتى؟
الخلافات والصراعات أمر طبيعي يقوم به حتى الطفل، ألا نرى رغبة بعض الأطفال بضرب بعض الأطفال لتخليص الكرة مثلاً؟
هذه المشاكل مختلفة عن المشاكل التي يراها بين الوالدين، العائلة هي مصدر الأمان للطفل هما الحماية بالنسبة له، رؤية المشاكل بينهما والصراعات تؤثر على أمان الطفل الداخلي وتزعزه، ليس مثل المشاكل التي تكون بينه وبين أقرانه تقوي شخصيته وتساعده لتعلم حل المشاكل.
هذه المشاكل مختلفة عن المشاكل التي يراها بين الوالدين
لكن بجوهرها الأساسي هي بكل تأكيد صراعات، صراعات قائمة على الحاجة وتأمينها أو الحرمان منها، أي أنّ هناك أرضية معرفية جاهزة لتقبّل الطفل وفهمه للأمور التي تجري الأن بناءً على خبرته المتواضعة بالأمور، أما بالنسبة مثلاً لنقاش مادي مع الطفل فهذا الأمر لا يمكن برأيي أن يأتي بنتيجة لانعدام أي أرضية معرفية مع الطفل بخصوص الأمور المادية فعلاً ولهذا نرى معظم الأطفال لا يتفهّمون هذه المواضيع بغالب الأحيان.
لا أوافق تماما على إظهار والنقاش أمام الأبناء عن المشاكل اليومية والحياتية، عدد كبير من شباب اليوم يتذكرون كيف كان آباءهم يتحدوث ويتشاجرون وهم صغار وكيف أن هذه اللحظات اثرت عليهم وعلى طفولتهم وعلى شبابهم، وحتى هذه اللحظة يتذكرون كم كان مرعبا أن والديهم مختلفين في الرأي، حتى وان كانوا لا يتشاجرون فقط يختلفون، فلا أحبذ تماما الحديث عن المشاكل أمام الأبناء
إذا لم نفعل ذلك فالسذاجة هي البديل الرسمي لهم، طفل سيدخل مراهقته عمّا قريب لا يعرف معنى صراع ولا يعرف معنى كلمة لا، لا يمكن أن يكمل حياته أيضاً بخير برأيي، الأمر صعب جداً، الروضة مثلاً في المدرسة تعلّم الأطفال بالأغاني والألوان وكل هذه الأمور البريئة جداً ليستمرّوا بالعيش هكذا إلى أن يصتدموا أخيراً بواقع لا يمكن تجنّبه نهائياً، واقع مرير سيكون بالنسبة إليهم لمجرّد صدمتهم بوجود شيء متأخرين
أعتقد أنّه على أبنائنا أن يتعرّفوا على الحياة بمظاهرها الحقّة وأن نعمل على إبعادهم عن مظاهرها اللطيفة التي لا تعكس صورتها الحقيقية. فتصوّر أن تعمل طيلة سنين لكي تمنع ابنك أن يرى المشاهد القاسية للحياة وفجأة تعرّض الابن لموقف قاسي، ما هو ردك في هذه الحالة؟ وكيف تحميه؟ علينا نحن كأباء وأمهات أن نساعد على تكوين شخصيات صلبة لأبنائنا وبناتنا وذلك من خلال تمكينهم ليروا الحياة على حقيقتها بعيدًا عن الصور الورديّة المضللة. فأن تريها أنت لهم أفضل من أي يريهم أحد آخر ذلك فيتعرّفوا على حقيقة الحياة بشكل صادم ومستهجن.
أعتقد أنّه على أبنائنا أن يتعرّفوا على الحياة بمظاهرها الحقّة وأن نعمل على إبعادهم عن مظاهرها اللطيفة
تزعجني الروضات والمدارس الملوّنة، أمرّ من جانب منزلي نهائياً وأنا أسمع صوت الأغاني البريئة من الداخل، ألقي نظرة فأراهم يرقصون ويفرحون ويركضون ويشربون العصير، دون أن يدركوا حتى حجم المرارة التي يبلعها الوالد فقط لتأمين ما ينعمون به، يكبرون وينقلون في أذهانهم ألوان محيطهم السابق إلى الحياة، لتكسرهم رويداً رويداً، لتدمّر فيهم أرواحهم معتقدين أنّ العالم كلّه هو الحالة الشاذة هنا لا هم!
لذا أيّهم أفضل برأيك؟ أيّهم أفضل، إظهار المشاكل أمام أبنائنا ليفهموا الحياة أم إخفائها ليستمتعوا بالحياة؟ ولماذا؟
لا هذا ولا ذاك ...
الاطفال شريك اساسي في الحياة العائلة من جهة، ومتطلبات التربية النفسية الصحيحة من جهة اخرى ، تفرضان علينا تعلم مهارة المشاركة مع الاطفال، لاكسابهم صلابة نفسية وربطهم بالواقع ، وليس الحل في اخفاء المشاكل عنهم ، لان الاطفال لذيهم قدرة هائلة على الشعور بالتاصيل الصغيرة التي ستبقى غير مفهومة لذيهم لكن على مستوى لا شعوري لذيها مفعولها السلبي ، فالطفل حتى لو لم يعرف المشكلة بالضبط ستتسرب إليه لا شعوريا من خلال ملاحظة سلوكات الأهل وطرق كلامهم وطريقة التعامل بينهم وبين بعض وبينهم وبين الاطفال وهذا ما يزيد الامور سوء لان هذا لاوضع سيخلق لذيهم انفصال بين الشعور والواقع، ويخلق مشاكل نفسية مهولة .
اما اظهار المشاكل ايضا فهي مشكلة لان مشاكل الكبار اكبر من قدرة الطفل على الاستيعاب ما يجعله تحت ضغط نفسي رهيب وقلة ثقة وانعدام امان.
الحل هو الاعتراف بالطفل كشريك حقيقي في مصير اي بيت، واعطائه الامان والثقة والاحترام واشراكه في الحوارات العائلية سواء كانت ايجابية ام سلبية واعطاءه حق التعبير بما تؤهله له امكانياته العقلية، مع الوقت سوف يملك الطفل وعي عالي وثقة بنفسه تجعله قادر على التعامل مع المشاكل العائلية بطريقة صحية.
الحل هو الاعتراف بالطفل كشريك حقيقي في مصير اي بيت، واعطائه الامان والثقة والاحترام واشراكه في الحوارات العائلية سواء كانت ايجابية ام سلبية
ماذا عن الأرضية المعرفية التي يتمتّع بها؟ هذا الاختلاف بالمستوى المعرفي يمكن أن يسبب شرخاً حقيقياً في العلاقة بينه وبين أهله، إليكِ مثال مثلاً: في حال كان الأب والأم مضطرين لتغيير المنزل للتقليل من مصاريفهم والنزول بجودة حياتهم، في حال قد اعترفوا للطفل لن يصدّق بسهولة بأنّ هذا هو الحال فعلاً، سوف يعتقد بأنّهم رفضوا أن يشتروا له ما يريد، تماماً كما نرى جميع الأطفال يبكون أمام محال الألعاب متجاهلين مناقاشات أهاليهم وكلامهم.
حقيقة خير الأمور أوسطها، فلا يجوز أن نظهر للأطفال الجانب الوردي من الحياة على طول الخط، ونحميهم من صهد الواقع. لأن هذا يخلق شخصيات حالمة لينة أكثر من اللازم، ما أن تخرج من حضن الأسرة، حتى تصطدم بالمجتمع وتعقيداته وأنانيتة، فتصاب بخيبة، قد تكلفها اضطراب نفسي مدى العمر. كما لا يجوز أبدا أن نقحمهم في المشاكل التي تفوق سنهم، ونبين لهم أن الحياة معقدة وصعبة ويطغى عليها السواد، فنخلق أناسا متشائمين متأففين من الحياة هذا يفقدهم التوازن والنمو بطريقة سوية
لهذا يجب علينا كآباء أن نعتبر أطفالنا شركاءنا في الحياة، نسعى جاهدين لتوفير الراحة لهم وجعلهم يتمتعون بطفولتهم، وفي الوقت نفسه منفتحين على تقلبات المعيشة، وتحديات العيش المشترك، بحسب كل مرحلة عمرية نشرح لهم الأوضاع بشكل مبسط، هذا الأمر يعزز انتماءهم لنا ويبني روح المسؤولية والتضامن بين أفراد الأسرة.
جملة "خير الأمور أوسطها" يمكن أن تكون ناجحة فقط في حال لدينها ثلاثة خيارات أو أكثر، لكن برأيي هنا لدينا خيارين فقط، إمّا أن يرى الطفل مشاكلنا ويتابعها، يرى كيف الأم تشارع الأب مثلاً وتثبت حجّتها ويرى غضب الأب وكلامه ومحاججاته أو ربما العكس لا يرى شيئاً، لإنّ هذا ليس اختباراً للطفل لكي نتحكّم بمقدار ما نقدّمه، هذا قرار مسبق يكوّنه الأهل: هل سنكون على طبيعتنا بالبيت أم لا؟
"خير الأمور أوسطها" تدعو إلى نبذ التطرف، فلا نُفْرِط في الحماية الزائدة، وإبعاد كل مشاكلنا عن أطفالنا، ولا نُفَرِّط في حمايتهم من كل ما يمكن أن يعيق نموهم السليم، بإقحاهم في تعقيدات حياتنا، والتي تفوق مستوى استعابهم لها.
، لإنّ هذا ليس اختباراً للطفل لكي نتحكّم بمقدار ما نقدّمه،
هذا اختبار لنا كآباء، هل استطعنا أن نبني بيئة معيشية سليمة، يحيا فيها أطفالنا حياة صحيحة وصحية، ونحافظ على استقرارهم النفسي وتوازنهم في الحياة.
لا يمكننا إظهار كل المشاكل بالفعل خاصة في سن الطفولة لأنه كل شيء يحدث في طفولتنا يؤثر في مستقبلنا خاصة على المستوى النفسي. فكم من مشكلات نفسية كانت سببها تعنيف في الصغر أو حتى مشاكل أسرية كسيطرة أحد الزوجين على الآخر بطريقة سلبية أو التعامل بشكل غير سوي أو حتى مشاكل صغيرة تتعلق بالنفقات والقيام بمهام المنزل جنبا لجنب مع شريك حياتنا.
كل تلك الأشياء تؤثر في نفسية وعقلية الأبناء لذا وجب دائما ابعادهم عنها قدر الإمكان لكي لا نحملهم ما لا طاقة لهم به، أما المشاكل التي يمكننا مشاركتها معهم فيجب علينا اختيار المشاكل المتعلقة بالسلوك كالتعامل مع الأصدقاء وتقبل الآخر وعدم الحكم على الآخرين لأسباب ليس لهم دخل بها لتقديم لهم عبرة تفيدهم وتقوي استقبالهم للحياة والمجتمع وتجعلهم قادرين على حل مشاكلهم بدلا من الهروب منها.
فكم من مشكلات نفسية كانت سببها تعنيف في الصغر
لأكون واضحاً قدر الإمكان، أنا هنا لا أتحدّث عن أي نوع من أنواع التعنيف والترهيب الذي قد يتعرّض له الطفل قصداً أو بغير قصد من واحد من الأبوين أو كلاهما، ولا أتحدّث عن مشاكل أسرية مرعبة، أنا فقط أحكي عن الصراعات والخلافات التي يمكن أن تحدث، هل نخفيها أم نظهرها؟ خلافات وصراعات توضّح توتراً واضحاً في الكلام دون أي أذية بين الأب والأم أو الوالدين مع ابنهم، مجرّد خلافات روتينية.
أولًا: أهلك لم يتشاجرا أمامك لأنهما يريدان أن يعلمك شيئًا، أهلك تشاجرا أمامك لأنهما تكاسلا عن أن يخفيا غضبهما أمامك لا أكثر، ولكن يحاولون تبرير هذا بأنهما يريدان أن يعلمك، لن يعترف الإنسان أبدًا أنه يرتكب الأخطاء.
ثانيًا: بالنسبة لسؤال المساهمة وهو أيّهم أفضل، إظهار المشاكل أمام أبنائنا ليفهموا الحياة فعلاً أم إخفائها ليستمتعوا بالحياة؟ ولماذا؟ فالإجابة عليه بكل بساطة تكمن في ذكرياتنا حينما كنا نرى أهلنا يتشاجرون، بماذا كنا نشعر؟
لقد كنا نشعر بالخوف، بالحرج، بالصدمة في ذلك الأب الذي فجأة علا صوته، ولفظ قبيح السباب، هل هذا هو الطيب الذي كان يلاعبني ويطعمني؟ فجأة تبدأ بفقد الثقة فيه، تبدأ بفقد الشعور بالأمان تجاهه.
وأيضًا كنا نشعر بقلة الحيلة إذ نرى أمهاتنا يتم ضربها أمام عيوننا ولا نستطيع أن نفعل شيئا سوى البكاء، تبًا من يريد أن يرى أمه يتم ضربها أمام عينه؟!! ولكن للأسف هذا ما عشناه، وكل هذا يدمر الأطفال.
والدليل على صحة كلامي هو هذه الورقة العلمية لراشيل طوبر التي أثبتت فيه أن نزاعات الآباء مع الأبناء تدمر الطفل وتجعله يعيش في صراعات نفسية حتى سن الثلاثين:-
https://www.google.com/url?...
إذا أردت أن تعلم أبنائك، فعلمهم مهارات حل المشكلات، لا تدمر نفسيتهم.
ثالثًا: لا تنجبوا، أرجوكم لا تنجبوا، حقًا ستتسبون في معاناة إنسان لستين عامًا في هذه الحياة نصفهم في محاولة للتخلص من العقد النفسية التي ستزرعونها بداخله لأجل نشوة جنسية لا تتعدى ١٠ ثواني؟! إن ما يحدث من عمليات إنجاب لآباء وأمهات جاهلون بالتربية هو جريمة في حق هؤلاء الأطفال الذين سيكون عندهم ميول انتحارية في سن المراهقة لا محالة.
أولًا: أهلك لم يتشاجرا أمامك لأنهما يريدان أن يعلمك شيئًا، أهلك تشاجرا أمامك لأنهما تكاسلا عن أن يخفيا غضبهما
بالفعل وهذا ما قلته للأصدقاء في التعليقات السابقة، بأنّ هذا الأمر وهذا القرار لا يمكن أن يُتّخذ نهائياً أثناء العراك أو الصراع أو الخلاف الحاصل، بل هو قرار بالتأكيد يأخذونه قبلاً باتفاق مسبق معاً حيث يتفقان مثلاً على أنّهم لا يريدون تجنّب الطفل بأي شيء ويعتادون ذلك أو يستسلمون للكسل وعدم الاهتمام واللا مبالاة ويقومون بما يقومون به متجاهلين كل التجاهل انعكاس ذلك على نفسية طفلهم.
أعتقد أن الأطفال أذكياء بما فيه الكفاية ليفهموا أن خطباً ما قد حلّ في المنزل، ليسوا على درجة من الغباء تسمح لك بإخفاء كل ما يحدث عنهم طوال الوقت.
ولكن وإن كنت أميل إلى نقل الواقع بشيء من حقيقته وعدم مثاليته للأطفال إلا أنني ما زلت أفضل اختيار العمر الأمثل لمصارحتهم ببعض الحقائق المزعجة في هذه الحياة مع عدم قتل متعتهم وفرض عيش تلك المصاعب عليهم.
ولكن عاطفياً، فلا أعتقد أن غريزة الأمومة أو الأبوة قد تساعدهم في ذلك، بل سيحرصان على توفير أكبر قدر ممكن من المثالية والرفاهية لأبنائهم وإن اضطروا لخداعهم لتحقيق ذلك، وأعتقد أنه بالمقابل توجد حركة معاكسة الإتجاه، وهي ميل الأبناء لاحقاً في عمر أكثر وعياً ونضجاً إلى إبعاد والديهم عن دائرة مشاكلهم والإعتماد على أنفسهم في تحمل أعبائها حتى لا يثقلوا على آبائهم بهموم أخرى.
التعليقات