لنتخيل معا هذا الموقف، لو قابلت شخصاً في الطريق صديقك مثلا أو أحدا من معارفك وانت قد أخبرته منذ دقيقتين على الهاتف انك نائم، ليجدك في الدقيقة الثالثة أنك واقف أمامه، ماذا ستفعل حينها؟ وماهي حجتك؟
ماذا ستفعل إذا قابلت شخصاً في الطريق وانت قد أخبرته منذ دقيقتين انك نائم..؟
حسنا، بداية لا أعتقد أن هذا الأمر سيحدث معي، ولم يحدث من قبل، ثانيا في حالة حدوث شيء كهذا فرضا، فهذه المسألة تحتاج إلى توضيح وتفهم من كلا الطرفين كي لا تحدث مشاكل وصراعات.
الصراحة مهمة في العلاقات تجنبا لحدوث أي مشاكل.
في الواقع دائما ما اكون صريح في مكالماتي، خصوصا في المقابلات إذا لم تكن لدي الرغبة في مقابلة شخص سأقول له أنني مشغول، أو اسأله عن مكانه أولا إذا كنت قريب منه ألتقي به و أقول له أنه لدي إنشغالات أخرى.اما إذا كنت بعيد فأقول له من البداية أنني لست مستعد لهذا اللقاء و يمكننا تأجيله لوقت آخر.
سأناقش المسألة وفقا لحالتين:
- الحالة يكون فيها المتحدث صادقا.. ومن ثم قد يحصل هذا اللقاء في الدقيقة الثالثة في لحظة يتوقف فيها الزمن، وهذا لن يحدث أبدا حسب إفادات الفيزيائيين، وإن حدث ففي الخيال .. وربما يحدث إن كان الإخبار الهاتفي في لحظة جمعت بين الاستيقاظ والمشي أثناء النوم فيما يُعرف بالسَّير النومي.
- الحالة الثانية إن كان فيها المتحدث كاذبا .. وفي هذه الحالة أقول لا ينبغي، ولا حجة هنا يُدافَعُ بها في هذا الموقف، وكفي."
حصلت معي مرّة قبل ذلك، وليس مع أي شخص، بل مع أبي، حيث أتصل بي وقال أين أنت؟ قلت له: أنا بالبيت نائم، قمت إلى الحمامات ورددت عليه وقلت له ذلك. كنت في المطعم أتناول وجبة مع صديقي وكنت لا أريد أن يزعجنا نهائياً، المهم اكتشفت أنّهُ بالمطعم بطريقة ساخرة، حيث قال لنا النادل: دفعت فاتورة الطاولة! - قلت: ممن؟! - قال من الرجل الذي يجلس هناك، كان هو أيضاً يتناول غذائه بذات المطعم، ذهبت إليه وقلت له أنا كذبت عن قصد واعتذرت منه، يومها لا أعرف إن تفهّم الأمر، لكنه لم يتحدّث فيه أبداً رغم محاولاتي.
إن كنت تسألني على الخطأ، فهذا خطأ ولا يمكن أن يدّعي أي أحد عصمته عنه، أما إن كنت تسألني عن السبب أقول لك بأنّ الأمر كان اضطرارياً لإنّهُم في تلك الفترة قد ضيّقوا عليّ كثيراً في مسألة الخروج مع الأصحاب بسبب الكورونا، وأنا لن أستطيع استحمال ذلك كشاب كما يمكنهم ذلك، ولا يمكنني سؤالهم أيضاً لإنّه سلف سيكون بالرفض بكل تأكيد، وبالمناسبة هو أيضاً أبي لم يكن متقيداً بما يمليه عليّ وكان في المطعم للأكل وربما الترفيه عن نفسه قليلاً.
في الحقيقة، من المحال أن أكذب لكن إن حدث، سأقر بالكذب وأطالب بالتسامح وأما إن كان شخصا أنفر منه، فسأتجنب مصافحته وسأذهب بطريقي
وأما إن كان شخصا أنفر منه، فسأتجنب مصافحته وسأذهب بطريقي
ولكن أنت بهذه الطريقة قد أعلنت الصراع الذي سيقام بينك وبينه، أولا كذبت عليه، وثانيا لا تريد مصافحته، انصحك بهذه الأمر، لانه في الأول والأخير أن المخطأ في هذه المسألة.
حصل معي هذا الموقف سابِقًا وما قمت بفعله حينها أنّّني قمت بالسّلام بشكلٍ سريع ثمّ مشيت على استعجال لأنّ عندي عمل ضروري. فأنا أعتقد أنّ تناول أسباب وجودي على الشارع بينما كنت قد أخبرته أنني نائمة لن يزيد إلّا الطين بلّة وذلك من خلال الوقوع في المزيد من الأكاذيب. لذلك فمن الأفضل محاولة التطنيش فقط. ولكن هذا النوع من المواقف لن يتكرّر مجدّدًا إذ أنّني في أسوء الحالات والتي أكون فيها لا أريد التصريح عن أمر ما فإنّني أفضّل التحفّظ على أن أتحدث عن أسباب غير موجودة.
لكن هذا النوع من المواقف لن يتكرّر مجدّدًا إذ أنّني في أسوء الحالات والتي أكون فيها لا أريد التصريح عن أمر ما فإنّني أفضّل التحفّظ على أن أتحدث عن أسباب غير موجودة.
أسوء المواقف التي لا يمكنني أن أنجح فيها، مثل ما حدث معك، لكن كما قلتي الأفضل عدم التصريح ودخول في التفاصيل على التصريح بأسباب وهمية قد تسئ لسمعة الفرد.
لقد حدث ذلك معي بالفعل ولكن ليس بنفس هذا المدى الزمني القصير لأنني أحب دائمًا قول الحقيقة في المحادثات الهاتفية والتي أكرهها بكل تأكيد وأشعر دائمًا أن محادثات الواتس أب تعطيك أحقية الإختيار بالرد في أي وقت تريد وتفكر أيضًا فيما تود عمله. ولكن عندما أقع في مثل هذه المواقف أحاول أن أكون صريحًا ولا أقع في نفس الخطأ مرة آخرى بإلقاء الحجج وأحاول أن أخذ الأمر إلى موضع سخرية حتى يمكننا أن ننسى هذا الموقف تمامًا.
سأشعر بالحرج والندم يالطبع على كذبي على صديقي، فهذا ليس من شيمي ولا من أخلاقي. وسأحاول أن أبرر سبب كذبي بطريقة مقنعة ومعقولة، مثلاً أقول له: “أنا آسف على كذبي عليك، لكني كنت نائماً قبل أن تتصل بي، ولم أستطع الرد عليك بسبب النعاس والإرهاق، فقلت لك إني نائم لأنها كانت الحقيقة. لكن بعد أن انتهى المكالمة، شعرت بالحاجة إلى الخروج قليلاً لأتنفس الهواء الطلق وأشرب قهوة ساخنة، فخرجت من البيت وصادفتك في الطريق. أرجو أن تسامحني على هذا الخطأ، فأنا لم أقصد إهانتك أو إغضابك”.
وأخيرًا سأحاول أن أصلح علاقتي مع صديقي أو معرفتي، وأدعوه إلى الجلوس معي في مقهى قريب، وأسأله عن حاله وأخباره ومشاكله، وأحاول مساعدته في حلها إذا استطعت.
التعليقات