كلّنا بشر ؛ وكلّنا معرضون للرفض بمختلف أنواعه سواءً أكانت بيئة العمل، بيئة العلاقات مِن حولنا، لكنه شعور لا يروق لنا وبالأحرى يزعجنا من الداخل مهما حاولنا السيطرة على ظواهرنا وحديثنا بأنه شيء طبيعي ، لذا؛ هل تعرضتم للرفض من قبل ؟ ، وكيف تعاملتم مع هذا الشعور و ما السبل التي تتخذونها دومًا لتتقبلوا شعورًا كهذا وتتجاوزه ؟
كيف تتعامل مع الرفض ؟
من منّا لم يتعرّض للرفض يا نُورهان؟ لقد كانت مشاعر الرفض هي أول مشاعر قادتني نحو نفسي، فلا يمكنكِ أن تتخيلي مدى قوة الشخص الذي يحب نفسه أمام الرفض، إن ردة فعلنا تجاه الرفض يعتمد بشكلٍ أساسي على نظرتنا لأنفسنا ومدى تصالحنا معها، لأن حاجتنا للآخرين لا تنطوي أبدًا على التقليل من أنفسنا أو تقديرنا لها، يكون الرفض بشعًا عندما يأتي من أولئك الذين نحبهم، لكن ما هي الخسارة إذا لم تكن حبنا لشيءٍ أو شخص أكثر من أنفسنا؟
من شأن الحوار الذاتي الذي يتّسم بالعقلانية ورفع شأن أنفسنا واحتفاظنا بمشاعر التقدير نحوها، أن يجعلنا متماسكين صامدين أمام أي رفض، لأن شعورنا بالسوء إزاء أي رفض، إنما هو السماح لفكرة سامة بالتسلل، وهي أننا لا نستحق هذا الحب، أو هذا العمل، أو هذه المعاملة، أو هذا الشيء، أيٍ كان، الطريقة التي نفكر بها تجاه الرفض هي ما تجعلنا قادرين على التجاوز أو الانهيار
وبخلاف الرؤية التقديرية للنفس والتعزيز منها لتقويتها ضدّ أي تياراتٍ صادمة للرفض، ماذا يفعلُ من يشعر أنّه قد رُفِض لقصورٍ فيه ونَقص ( وبالأخص في العلاقات البشرية ) ، غالبًا في هذه الحالة هو سينتقص تلك النظرة التي نتحدث فيها بشأن النفس فَـ هل ترى يا جمال أنّنا يجب أن نكون مقبولين فقط ونحنُ في أتم حالاتنا سواءً وازدهارًا ؟ أم أولئك الذين يرفضوننا من حقهم أن يتقبلوا فقط ما يناسبهم !
مرحباً نورهان، كيف حالك عزيزتي. يعجبني طرحك للأسئلة كثيراً فهي حقا مثيرة للتفكير.
عموماً الشعور بالرفض شعور مؤلم لأنه يرجح كبريائنا بوصفنا جديرين بكل شيئ. ولكن ألا ترين أن تلك نظرة مثالية؟ فنحن لسنا جديرين بكل شيئ؟ ألا ترين أن ذلك الشعور بالألم من الرفض نابع من غرور زائد لدينا بأنً على الطرف الآخر ( شخص، مؤسسة عمل أوي أئ شيئ) أن يتقبلنا كما نحن دون بذل مجهود لنرتقي لنكون على نفس القدر الذي يطلبه؟
هل تعرضتم للرفض من قبل ؟ ، وكيف تعاملتم مع هذا الشعور و ما السبل التي تتخذونها دومًا لتتقبلوا شعورًا كهذا وتتجاوزه ؟
نعم، ومن منا لم يتعرض للرفض. ولكن أنا أتعامل مع كل رفض أو أي رفض بأن ليس " ذلك الرفض" هو نهاية الحياة و ألوذ بقوله تعالى: وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم. و الذي جعلني أهوًن من شأن أي رفض علمي بأن الكل معرض له. وليس كل رفض لعيب فيً أو فيك، بل قد يكون لجهل الرافض أو لعدم مناسبة الظرف الراهن أو حتى المكان.
مرحبًا خالد، في زحامٍ من النعم أعزّك اللّه ورفع قدرك ')
أتفق معك، الرفضُ يلمس فينا نزعة الأنفةِ وكثيرًا ما نأخذها على محمل كرامتنا ، رغم أننا وبعد أن نضجنا عن ذي قبل ، أدركنا أنّ هذا لن يُنقِص من قدرنا شيئًا ولكنّه وبكلّ بساطة :
* لا يُناسِبُنا : إن كان مسبّب الرفض خارجًا عن إرادتنا.
* لسنا كفيلين به : وهذه نقطة يجب أن يتصالح الإنسان فيها مع نفسه بأنه ليس كفيلًا وجديرًا لكلّ قَبول.
* أو أنّ فرص رفضنا قد ادُّخرت لنا في ما هو أعظم وأكثر عِوضًا
كلّ هذا مفهومٌ على نطاق العقل ونحنُ مؤمنون مُشتسلمون له، لكن ماذا عن غُصة القلب واستقبال الوهلة الأولى مِن : مرفوض لأداء العمل ، لن تصلح لهذه العلاقة ، وربّما الرفض قد يأتي من صديق بعد ما بذلتَ له من البذلِ أوسعه، وأتى رفضُه لك خيبةً لا تُحتمل!
ماذا عن غُصة القلب واستقبال الوهلة الأولى مِن : مرفوض لأداء العمل ، لن تصلح لهذه العلاقة ، وربّما الرفض قد يأتي من صديق بعد ما بذلتَ له من البذلِ أوسعه، وأتى رفضُه لك خيبةً لا تُحتمل!
أُدرك ما تقولين يا نورهان وأتفهمه وكلنا نمر به وكلنا يكون لنا ردات فعل قد تختلف. ولكن ما الحيلة في ذلك فخيبة الأمل لامفر منها و لا مناص في هذه الحياة. نعم، لا مناص ولابد أن نعوًد النفس على مرارة الرفض من أقرب صديق أو حتى من أخٍ في الدم قبل الوداد و الصفو. تلك طبيعة الحياة ترينا منها وجهها القبيح المرزول ولكن كما قلت ما الحيلة؟ هل تريدين أو أريد أنا أن لا أتعرض لموقف الرفض من أقرب الأقربين؟! أنا هنا لا أتحدث عن العقل، بل عن الشعور؟! كل شيئ في الحياة قابل و ممكن التحقق يا نورهان حتى الخيبة التي نتلقاها كخنجر من المقربين ممكنة وتكون و ستكون ما دمنا في هذه الدنيا.
ولكن السؤال الجدير هنا هو: هل لنا من عزاء؟
نعم لنا وهو اننا نعيش الحياة حتى ثمالتها فنجرب كل شعور و كل خيبة و كل تعاسة ( لا قدر الله) إلى جانب كل فوز و كل فرح و كل سعادة فنخرج من كل ذلك بخبرة حياتية وبزادٍ في الشعور وفير يفتقده من لم يجربه. ولو لم نمر بتلك الخيبات يا نورهان لم يكن لدينا ذلك الزاد الهائل من المشاعر ( السلبية) التي نحكي عنها و نتعلم منها و ننضج بها و نورثًها لغيرنا بالقصص عنها. ولو اختفت كل الخيبات من حياتنا لما تذوقنا طعم الظفر و القبول فكما يُقال: بأضدادها تتعارف الأشياء.
فيما يتعلق بالرفض في بيئة العمل فهي من رأيي تصير حافزًا لي أكثر في التقدم والتطور حتى أصل لمستوى أفضل لا يجعلني مؤهلة للمكان الذي رفضت منه وفقط، بل وأفضل من هذا أيضًا. هكذا تعاملت مع كل مرة رفضت فيها للعمل في مكان ما، حتى صرت أقنع وأؤمن بأن الرفض يعني أن هناك شيء ناقص احتاج إلى تطويره.
أما فيما يخص العلاقات فأنا للاسف فاشلة في هذا الشيء، فما إن يأتيني رفض أو ابعاد في علاقة ما حتى انهار واسقط في بئر الاكتئاب والحزن العميق. أجد نفسي غير قادرة على الخروج إلا بمشاعر الانتقام ممن رفضني، بالطبع ليس أن أقتله أو أن افعل به الأفاعيل، ولكن أن أجعله يندم على اليوم الذي خسرني فيه
أثارني التباين الشديد بين تعبيرك عم الرفض في الحالتين يا سارّة ..
كان شعوري وأنا أقرأ الشِق الأول من كلامك بنبرة أشبه بـ : عظيمٌ أن يجعل المرء من الأشياء التي رفضته دافعًا للاستمرارية والنجاح ، والأهم أنكِ قد تصالحتِ مع قابلية وجود قصور ما قد تسعي لإصلاحه.
أما عن شِق العلاقات الاجتماعية : فحقيقةً انتابني شعور بالتناقض، لماذا نثور غضبًا لأمر كهذا ونجعل الناس يندمون؟ أجيدرون نحنُ بكلّ قَبول ؟ أم منزهين من النواقص التي تجعلهم يقبلوننا في كل وقت وفي كل حال ؟
هل تعرضتم للرفض من قبل ؟ ، وكيف تعاملتم مع هذا الشعور و ما السبل التي تتخذونها دومًا لتتقبلوا شعورًا كهذا وتتجاوزه ؟
بكل تأكيد تعرضتُ للرفض يا نورهان. إننا جميعًا معرّضين لمثل هذه المواقف من حينٍ إلى آخر. إنه أمر مفهوم ومنطقي وطبيعي ومحقوق، مهما كان حجم رغبتنا في التقرّب من الآخر.
أمّا بالنسبة لما يحدث الآن، فهو المضاد أو النقيض الكامل، وهو ما يمثّل درجة الجهل التي وصل إليها المجتمع بمختلف المعايير الأسياسية الخاصة بمساحة الآخرين الشخصية، وحقّهم في الرفض والقبول، وبالتحديد حق المرأة في الرفض، الحق الذي لا يعترف به في المجتمع مطلقًا.
لقد استوقفتني عند نقطة هامة جدًا يا عليّ ولها صدد كبير ومُفجع الآن ، ألا وهو رفضُ المرأة لمن لا تشعرُ فيه قَبولًا كافيًا لاقتسام دائرة الحياة .
أمس وبكلّ فجيعة، قُتلت فتاة غدرًا على يد من رفضته فقط لتعرضه للرفض! أيجعل الأمر من الناس بشاعةً كهذه ؟!
ومن وجهة نظرك السديدة، كيف نحاول تعميم فكرة القَبول لمنطقٍ يُدعى ( الرفض ) ، أو أنني ( إنسان جيد وجميل ) لكن حُسني وجمالي لا يُكمل شخصًا آخرًا ببساطة ؟
التعليقات