نصادف أشخاص يبدعون في أفكارهم ويأتون بأفكار جديدة وخارج الصندوق مثلما يقال، وأشخاص آخرين لا، وتساءلت ميزة التفكير خارج الصندوق هل يمكن تطويرها أم هي هبة من الله، وإذا يمكن تطويرها كيف يكون ذلك؟
ميزة التفكير خارج الصندوق هل يمكن تطويرها؟
أعتقد أن جملة: التفكير خارج الصندوق. تأتي عندنا في سياقها العربي في مقابل جملة: الإبداع.
الإبداع ليس حكراً على قلّة من الأشخاص القادرين دائماً على إيجاد ما لم يُوجد، هذه صنعة بشريّة إنسانية، أن نخترع ونتكيّف ونأتي بما هو خارج المألوف والصندوق دائماً، إذاً كيف يكون ويتكوّن الخلاف في أذهاننا؟
عبر عدم فهمنا لآلية الإبداع ذاتها وما الذي تعنيه هذه الكلمة فعلياً: ما هو الإبداع؟ نُخطأ مُعظمنا حين نظن أنّ الإبداع هو الإتيان بشيء من الفراغ، حضرت منذ فترة قصيرة كورس تدريبي عن الإبداع في التعامل مع مشكلات الحياة، بعنوان:
"Creative Thinking: Techniques and Tools for Success"
الكورس كان على منصّة كورسيرا coursera وكان يتحدث في أن التفكير الإبداعي بحد ذاته هو أن تعقل الأمور، أي أن تربطها، حين تأتي بموضوعين وتربط واحد بالآخر (تعقله) ينتج معك أمر ثالث (هذا ما تبتدعه) أي تُبدعه، بهذا المفهوم الكُل مبدعين، كل من نُصادف في مجتمعنا، جميعنا يومياً نتعرّض لمواقف ونكون في مهن ومهمّات تتطلّب الملاحظة وربط الأمور واستخلاص نتيجة، حل خارج الصندوق (بمرات كثيرة)، أي حل إبداعي.
حين نظن أنّ الإبداع هو الإتيان بشيء من الفراغ
صحيح هذه هي المشكلة عندي ربما فكرت أن الإبداع يأتي من لا شيء لكن حسب تعريفك الإبداع هو ربط مجموعة من المعلومات للخروج بحل للمشكلة بحيث الحل يكون غير واضح وتم إيضاحه بالربط بين مختلف المعلومات التي نملكها مسبقا،
لكن ما قولك في الإبداع في الفن والرسومات أو الإبداع في الإنتاج السينمائي هل هو نفسه الإبداع في حل المشاكل؟
الفكر الخارج الصندوق او الابداع يتأتي في الحقيقة من اشخاص ربما تعمقو كثيرا في مجالهم ناهيك عن شغفه به واعتقد شرط الابداع لمن كان شغوف فمجاله ايا كان فلم اري يوما شخصا مبدعا لا يحب ما يبدع فيه، والابداع ليس حكرا علي احد انما هو مهارة تكتسب واسلوب يمكن التدرب عليه.
لا أتفق معك يا مصطفى من هذه الناحية، التفكير خارج الصندوق ميزة قد نجدها عند الأغلبية وليس له علاقة بالمستوى المعرفي للإنسان، قد نجد طفل صغير يفكر يأتي بأفكار إبداعية، فماذا عاشه هذا الطفل ليفكر بهذه الطريقة؟ لا يمكن أن أجزم بأن التفكير خارج الصندوق تأتي من الفطرة ولكن البيئة المحيطة بالإنسان لها دور كبير في ذلك، قد تسمح للأفكار الفرد أن تسبح بحرية ويمكن أن يتم تقيدها وكبتها داخله.
البيئة المحيطة بالإنسان لها دور كبير في ذلك
البيئة المحيطة بالطفل وحتى الألعاب التي يلعبها والألوان المحيطة به مع الأسرة الداعمة والمحفزة والمضحية، كل هذه العوامل تساهم في تطوير ميزة التفكير الإبداعي عن الطفل حتى يصبح شاب، بعدها ممكن أن تنطفئ هذه الميزة بقلة التعرض إلى المواقف التي تحتاج تفكير والألعاب الإلكترونية، والصداقات وعدم تحمل المسؤولية.
هذه الميزة يمكن تطويرها من الصغر لكن شخص كبير مع المعرفة والخبرات التي عاشها يمكن أن يعود ويطورها إذا كان مركز لما يحدث معه ومتحمل للمسؤولية وليس ممكن يلقي المسؤولية عمن بجانبه.
أعتقد أن ميزة كهذه يمكن تطويرها عن طريق توسيع صندوقنا بحيث يكون أكبر من الصناديق الأخرى فيكون كل قول لنا خارج صندوقهم حتى لو كان معتادًا لنا. وكيف ذلك؟
- الاطلاع والقراءة: هذه النقطة الأولى وأعدها الأهم، إن أردت أن تكون مبدعًا في مجال ما فعليك أن تعرف حدوده، ولا أعني هنا القراءة العشوائية في مختلف المجالات رغم أن لها فائدة لكن القراءة المركزة في المجال الذي تريد الابداع فيه ستغنيك عن الكثير.
- التعود على الخروج بالأفكار مهما كانت حمقاء: يمكنك هذا عن طريق ال brain Storming مثلاً أو محاولة الخروج بأكبر عدد من الأفكار في أقل وقت ثم محاولة نقدها والخروج بأفكار أفضل وهكذا، مثلاً حضرت مرة دورة تدريبية حيث طلب منا المحاضر أن نقول شيئًا واحدًا لا يمكننا استخدام المنديل فيه، وخرجنا بأفكار كثيرة ثم طلب منا في المرحلة التالية أن ن طريقة لدحض فكرتنا الأولى وحلها باستخدام المنديل!
- مصاحبة المبدعين: كيف يفكرون، ماذا يقرأون أو يشاهدون، كيف يحللون ما أمامهم والأهم من ذلك كيف يجدون الفرص في الأشياء التي لا تبدو فرصة من الوهلة الأولى، هذه نقطة مهمة!
الاطلاع والقراءة
صحيح القراءة تساعدنا في رؤية الأمر من منظور الكاتب ومن منظورنا، من خلالها يمكننا عيش خبرات الآخرين والتعلم منها دون عيشها فعليا، تتبع مساراتهم وتحليل المواقف التي وقعوا فيها والحلول التي استخدموها.
التعود على الخروج بالأفكار مهما كانت حمقا
غالبا الأفكار الغير منطقية تأتي في أوقات لا ننتظرها فيها ويكون علينا تجاهلها، في النوم أو الحمام أو الصلاة وغيرها من الأوقات التي لا نكن مستعدين فيها للتعامل مع هذه الأفكار وحتى تسجيلها.
ليس تسجيلها بالطبع لكن الحكم على فكرة غير منطقية قد يجعلنا نترك العديد من الفرص، بشكل عام أعتقد أن للإنسان حدسًا يخبره إن كانت الفكرة تستحق مجهوده أم لا ولكن ما قصدته في موضوعي أنه إن عانى شخص ما من صعوبة الخروج بفكرة فهذا ربما لأنه يخاف أن لا تكون الفكرة ممتازة، وللتغلب على ذلك عليه مواجهة الأمر والخروج بأفكار كثيرة جديدة وتقبل أن بعضها سيكون عاديًا ولكن قد تخرج من بينهما فلتات أحيانًا وحينها سيتخطى هذا الخوف
تبقى مقولة "التفكير خارج الصندوق" مجرد مقولة يتم تداولها بشكل عفوي بين الناس ولكن لو نبحث عن تفسيرها في إطارها العملي نجدها بأنها قريبة لتفكير الإبداعي، بحيث يصبح الفرد يفكر في الأشياء والمشاكل نظرة ملهمة لتوليد الأفكار والبدائل لحلول معينة.
لذلك لا التفكير الإبداعي برأي يحتاج الى:
- الإنفتاح عن الثقافات الأخرى.
- الإطلاع الدائم والقراءات في مجالات مختلفة.
- المرونة في التعامل بدون التشدد في الرأي.
- السعي لتعلم الدائم .
- تكوين شبكة علاقات واسعة مع الأفراد.
الانفتاح عن الثقافات الأخرى.
تكوين شبكة علاقات واسعة مع الأفراد.
أتفق معك في كل ما ذكرته وخاصة في نقطة الاطلاع على الثقافات المختلفة، الأمر يفتح مداركنا للعديد من الأمور والسلوكات الجديدة التي يمكن أن تنفعنا في مرحلة التفكير في موقف معين.
القراءة كذلك مثلما ذكرت الزميلة Omnya Ahmed، من خلال الثقافات المختلة والاطلاع الدائم ومصاحبة المبدعين يمكن أن تتعلم منهم طريقة التفكير التي يستخدمونها في الحصول على أفكار إبداعية وخارج الصندوق.
معك حق ولكن أرى أن أفكار خارج الصندوق قد يكون مصدرها إلهام. نعم، فأنا و أنت و غيرنا قد تواتينا أفكار غربية شيقة مثيرة وقد أطفأنا سراجنا و التحفنا غطاءنا لننام. ثم يلمع لنا شعاع الفكرة. إن لم ندونها سريعا، طارت وربما إلى غير رجعة ولذلك أضع نوتة وقلم إلى جانبي.
هل يمكن تطويرها أم هي هبة من الله، وإذا يمكن تطويرها كيف يكون ذلك؟
كما قلت هي قد تكون إلهاما. أم المصدر الآخر فيما أعتقد فهو كثرة التفكر أو مانسميه التأمل. نعم، يعني نيوتن أتى بقانون الجاذبية وهو يتأمل تحت شجرة التفاح ( بغض النظر صحتها من عدمه ولكني أحسبها صحيحة) ففكر و تأمل لما تسقط التفاحة لأعلى بدلا من أسفل؟ كذلك أينشتاين جاء بمعظم أفكاره بالتأمل العميق حتى وهو في سن الرابعة ولم يكن يتحدث كان يفكر في صمت.
المصدر الثالث هو دمج فكرتين ببعض قد يؤتي بفكرة ثالثة شيقة جداً.
نعم أستاذ خالد ولكن هذا الإلهام لا يأتي من السماء أو بدون سبب معين، فعلى الإنسان في رأيي أن يدرك كيف جاءته هذه الفكرة؟
فمثلًا قد تكون الفكرة عبارة عن ربط من مواقف مررت بها أو أفكار تعرضت لها.
لا ينبغي أن نترك الآلة كما هي مادامت تعمل، بل علينا تحليلها وتفصيصها لنتمكن من استخدامها فيما نريده.
فمثلًا إن كان عملك يعتمد على الإبداع فعليك أن تخلقه، وربما عليك أن تخلقه كل يوم! لا يمكن أن نتنظر الإلهام الذي قد يأتي أو لا يأتي!
التعليقات