يقول جبران: "المعروف عن الحب أنه لا يبلغ أقصى ما فيه من عمق إلا ساعة الفراق" لماذا لا يقدر كثير من الناس بعضهم، ولا يشعرون بأهمية بعضهم البعض إلا عند الفراق؟
لماذا لا يقدر كثير من الناس بعضهم، ولا يشعرون بأهمية بعضهم البعض إلا عند الفراق؟
أذكر أنّ صديقة لي قالت لي مرّة: لطالما يهجرني أولئك الذين أحبهم، رغم أنني لم أقم يوماً بالهجر!
أتعلمين يا إيناس أين المصيبة؟ أنهم دائماً بعد هجرهم يطلبون العودة مجدداً!!.
قلت لها حينها: يا سلام، ألأنك مقطوعة الوصف؟
فأجابت: ربما نعم وربما لا، ولكنني أثق أنني حين أحبّ أحدهم أجعله يرى نفسه ملكاً، إنني امرأة التفاصيل الصغيرة، تلك التي تكترث بكلّ شئ وأيّ شئ، وهو ما يدركون قيمته حين يبتعدون.
الشاهد من الحديث أنّ أغلب من يدركون أهمية وقيمة أحبتهم عند الفراق، كانوا في العلاقة يرون لكنهم لا يبصرون، لحتى ظنّوا أنّ ما يمنحهم إياه الآخر من اهتمام هو الوضع الطبيعي في العلاقات، حتى إذا ما ابتعدوا أدركوا أنهم كانوا في علاقاتهم مميزين فافتقدوا الامتياز الذي كانوا يحصلون عليه.
وأما الفئة الأخرى من أولئك الذين لا يشعرون باهمية بعضهم إلا عند الفراق، فربما لأنهم فقدوا أمراً/ شخصاً ألفوه واعتادوا وجوده بحياتهم..
أعتقد أن المبالغة في العطاء يفقد العطاء قيمته، ولذا فيصيب الشخص المقابل بالجحود في كثير من الأحيان ولكن حين يفقد الشخص الذي كان يعطي الكثير والقليل في العلاقة يشعر بحجم الفراغ الذي خلفه وبالتالي يندم على عدم تقدير هذا الشخص
تماماً هذا ما قلته سابقاً ولكن في أمر آخر له علاقة بالعمل..
أنّ المسئول ينتظر منك إنجاز مهامك..
أحياناً حين تقدّم ما هو فوق المتوقع وليس من صميم مهامك -رغبة منك في العمل وتميزاً منك- تصبح هذه الزيادات وكأنها فرض، وتصبح القاعدة التي يتم قياس أداءك وفقاً لها، ولا ينظر لها على أنها أمور إضافية قدمتها أنت حباً وكرامة.
ذات الأمر في العلاقات.. واجباتنا معروفة وحقوقنا معروفة.. أي تنازل عن حق من حقوقنا.. أو قيام بأمر إضافي على واجباتنا يصبح وكأنه فرض واجب علينا نحاسب إن قصرنا فيه أو أوقفناه..
التعقل في العطاء يعني ديمومة العلاقات.. لأنّ ما يزيد عن الحد المطلوب يصبح نقطة ضعف ذلك الأمر وليس نقطة قوة له.
أتعلمين يا إيناس أين المصيبة؟ أنهم دائماً بعد هجرهم يطلبون العودة مجدداً!!.
من أكثر الأشياء التي تستفزني هي هؤلاء الناس، الذين يأخذون عطاءنا وكأنه شيء مضمون ولا يقدرونه، وإن ابتعدوا يعودون لكن ليس ندما وإنما طمعا فيما فقدوا، وهنا نصيحة من غادرك دون خطأ منك لا عودة له إلا بإذن منك.
فأجابت: ربما نعم وربما لا، ولكنني أثق أنني حين أحبّ أحدهم أجعله يرى نفسه ملكاً، إنني امرأة التفاصيل الصغيرة، تلك التي تكترث بكلّ شئ وأيّ شئ، وهو ما يدركون قيمته حين يبتعدون.
لأنه يا إيناس ليس المهم أن تحب شخصا، وإنما الأهم هو أن تجعله يحب نفسه، وليس أن تجعله يراك عظيما وإنما تجعله يشعر كم هو عظيم، لكن المؤسف هو أن البعض بدل أن ينتفع من هذه المشاعر الطيبة يصاب بالغرور والتكبر.
هناك أسباب عدة , أعطيك إحداها
لربما نفقد شخصاً ما فننظر للجانب الفارغ الذي تركه وراءه , وننسى النظر للجانب الممتلىء
نفقد ذلك الشخص بشدة ونعتقد أن حياتنا بدونه باتت سيئة بينما ننسى أن الحياة قد عوضتنا بشخصٍ آخر فلا ننظر اليه
باختصار ننظر لنصف الكأس الفارغ وننسى أن نشكر وننظر للجانب الممتلىء فاذا ما بات الكأس فارغاً تماماً افقتدنا نصفه ..
ولكن إنه لمن المؤلم أن لا نشعر بأهمية بعضنا البعض , ومن المؤلم أن لا يحبونا من نحن نحبهم , أتساءل كثيرا كيف نعطي أحدهم امتيازات عدة بينما لا يقوم بتمييزنا ولا يفتقدنا في حال أحاط به الآخرون , فيكون هذا الشخص الذي نحبه كثيراً يحب شخصاً آخر وهذا الشخص لا يحبه كما نفعل نحن.. غريبةٌٌ هي الحياة .
نفقد ذلك الشخص بشدة ونعتقد أن حياتنا بدونه باتت سيئة بينما ننسى أن الحياة قد عوضتنا بشخصٍ آخر فلا ننظر اليه
إن الشخص الذي يمكننا تعويضه بسهولة ونسيانه لم يكن شخصًا مهمًا في المقام الأول.
ولا أعتقد أن الموضوع مجرد نظر للجزء الفارغ من الكأس، بل هو جحود للنعم فالأهل والأصدقاء هم نعم، ولكن كثير منا حين يضمن وجود شخص يتخلى عنه ويهمله، فكم نرى من الأبناء الذين يهملون آباءهم وأمهاتهم وإذا ما فقدوه بدؤوا بالتباكي والتحسر.
معك حق ولكن
- " إن الشخص الذي يمكننا تعويضه بسهولة ونسيانه لم يكن شخصًا مهمًا في المقام الأول."
ماذا لو فقدنا شخصاََ ما مهماََ ولكن كان لابد من أن نكف النظر عن غيابه لأنه ومهما حاولنا لن نستعيد وجوده , لذا كل ما علينا هو أن ننظر أن الحياة عوضتنا بشخص آخر بدلاََ منه , رغم أن لكل شخص ما قد ذهب مكان فارغ لا يعوض , لكل شخص مكانه , ولكن أحيانا يجب النظر أن هذا الجانب قد امتلأ , كي لا نظل نتحسر على فراغه وغيابه , أو يجب أن نتقبل فكرة غيابه بدل الاقتناع بان تم تعويضنا والاثنان يجعلانا نتأقلم .. لذا هذا كان وجهة نظري ..
اختي زينة
المشاعر تتدفق عند الفراق او الغياب ولا يمكن ان تتدفق بدون ان تكون مهيئة ذلك، فالتدفق العاطفي له علاقة بالتأثير النفسي والتعلق السابق ولا يمكن ان يكون وليدة اللحظة.
ولكن سؤالك جوهري ومنطقي، لماذا بالفعل بعض البشر لا يشعرون بأهمية من هم حواليهم وبجانبهم الا في لحظة الفراق؟ هل هو الاهمال ام عدم الاكتراث ام عدم وجود ترجمة للعاطفة بحيث تؤدي دورها الاجتماعي.
عدم وجود ترجمة للعاطفة بحيث تؤدي دورها الاجتماعي.
لقد أشرت لنقطة مهمة فأنا أرى أن الكثير من الأشخاص رجالًا وإناثًا يرون عبئًا في التعبير عن امتنانهم لأشخاص مهمين في حياتهم، وقد سمعت هذا الأمر عدة مرات من صديقات لي، حيث يقولون أننا لا نقول لأمنا أننا نحبها ولا نقبلها إطلاقًا، حيث أنني رأيت هذا الأمر مستهجنًا ففي بيتنا الكثير من الحب والعطف على بعضنا البعض، أعتقد أن مجتمعاتنا بالرغم من الانفتاح الذي تعيشه إلا أن هذا بدأ يقابله انغلاق عاطفي أو شعوري إن لم يخني الوصف، فأنا أتساءل كم شخص أخبر عائلته أنه ممتن من لوجودهم أو أخبر شريكه أو صديقه المقرب؟!
" لماذا لا يقدر كثير من الناس بعضهم، ولا يشعرون بأهمية بعضهم البعض إلا عند الفراق؟
هذا ينطبق على فراق "الأشياء" أيضاً، أو بالأحرى فراق "النعم". ومفارق النعمة أيضاً يستميت لاستعادتها بعد أن كان بطراناً حين كانت بحوزته، والنعمة تتصرف مثل الإنسان الذي تعرض للهجران ظلماً فتأبى أن تعود، لذلك يوصى الإنسان بحسن جوار النعم. الأمر له علاقة بالذاكرة أيضاً. حين نفارق الإنسان، أو المكان، أو الزمان، يصيبنا الحنين، والحنين يستدعي الجميل في هذا المُفارَق فيراه كبيراً، وينسى القبيح أو يراه صغيراً، ذلك أنّ لُطف تصميم النفس والذهن يجعل الإنسان يستدعي الإيجابي من التجارب التي يخوضها أكثر مما يستدعي السلبي، وذلك لتحفيزه على عدم الخوف من ذكرياته، والعمل على استدعائها عند الحاجة إليها!
عندما يرحل شخص ما ، فإن أول ما يحدث هو افتقاده هو وكل الأشياء الصغيرة التي كان يفعلها من اجلنا وكنا نظنها أمرًا مفروغًا منه. فقد اعتاد هذا الشخص على القيام بأشياء معينة ربما لم نقدرها أو نشكره عليها صراحة بما فيه الكفاية. الآن لم نعد نتلقى تلك الأشياء، وندرك فجأة أنها كانت ذات أهمية كبيرة لنا هب ومن كان يقدمها. فعادة نحن لا نعرف أبًدا مدى احتياجنا لشخص ما حتى يرحل ويكون قد فات الأوان لإخباره بمدى حبنا وتقديرنا له.
تشبيه بسيط جدًا هو الهاتف وشاحنه. نستخدمهم كل يوم ولا نفكر كثيرًا في أهمية هذا الشاحن القصوى إلا عندما نسافر مع بطارية هاتف تحتضر، فإننا نبدأ في البحث كالمجانين عن هذا الشاحن، ويكون السيناريو الأسوأ هو أننا لا نجده معنا، وهذا ما يحدث عندما نظل نبحث عن شخص تشاركنا معه العيدي من الذكريات ولكنه لم يعد موجود.
يوجد شئ اسمه (إلف العادة)، عندما يدخل الشخص في علاقة، يصبح الأمر جديد بالنسبة له، ثم تمرّ الأيام ويعتاد الشخص على وجود هذه العلاقة، حتى اذا خسر هذه العلاقة، يشعر أنه نقص شئ كان موجودًا في حياته. ومن الطبيعي أن الناس مختلفين في الطبائع، فالأمر يختلف من شخص لشخص آخر.
أي أنك تسند الأمر لاعتياد وجود الأشخاص والنعم لنقل، حتى أننا نغفل الاهتمام بها وتقديرها، وهو سبب وجيه ولكن يا إسلام ألا تظن أن من فطانة المرء أن يسعه إدراكه ليشكر النعم ويقدرها لا أن يجرجر الحسرات بعد فقدانها؟
ولذا فأعتقد أن السبب أعمق من مجرد الاعتياد
لماذا لا يقدر كثير من الناس بعضهم، ولا يشعرون بأهمية بعضهم البعض إلا عند الفراق؟
الإعتياد هو السبب .
عندما يكون الأمر في متناول اليد ليس كما هو بعيداً، فطبيعتنا نحن البشر هكذا، عندما نألف وجود الشخص أو الشيء لا نعطيه القيمة التي يستحقها، بل نعامله ك"عادة" في حياتنا، أما عندما نفقده ونشعر بحجم الفراغ الذي خلفه في حياتنا، ندرك حينها بقيمة ما فقدنا .
مثلاً أنا الآن أشرب كوباً من الماء كنشاط عادي جداً، ولكن إن قمت غداً ولم أجد ماءاً لأشربه سأشعر حينها بأهمية الماء في حياتي، الأمر عينه مع الأشخاص ويمكننا إسقاطه على أي شيء آخر .
التعليقات