بدأت عمل حديثا، وأنا شخص انطوائي بطبعي، وهذا لا أراه مفيدا خاصةً ببيئة العمل، هل يمكن أن أتمكن من تغيير هذه الصفة؟ بماذا تنصحوني؟
أنا شخص انطوائي، كيف يمكنني التغلب على هذا الأمر؟
أن تكون اجتماعيا هي مهارة يمكن تعلمها واكتسابها بالممارسة، كل ما عليك هو أن تحاول الاختلاط ولو بعدد بسيط من الاشخاص، ابدأ التحدث ولو حتى لشخص واحد، تعامل معهم بشكل عادي، ناقشهم فيما يهتمون به، اسألهم عن أرائهم في شيء ما فالناس يحبون دوما إبداء الأراء، كن شخصية محايدة بمعنى ألا تختلف أو تتصادم مع الاشخاص بشكل مباشر، الامر يحتاج الممارسة، ولكن لا تتصنع فقط كن على طبيعتك ومع الوقت ستتعامل مع الجميع بشكل طبيعي تماما.
بإختصار، نعم يمكنك تغيير هذه الصفة، فامتلاك شخصية انطوائية هو بالتأكيد شيء طبيعي وإيجابي. ولكن ماذا لو أصبح خجل الشخص أو تفضيله للعزلة أو ميله إلى القلق بشأن أفكاره ومشاعره أمرًا منهكًا؟ قدر من الخجل أو التجنب أمر طبيعي تمامًا ،ولكن عندما يصبح الانطواء والتجنب مشكلة تتعارض مع حياتك ، فقد يشير ذلك إلى حالة أكثر خطورة تُعرف باسم اضطراب الشخصية الانعزالية.
العديد من الانطوائيين قادرون تمامًا - وحتى ماهرون - في التنشئة الاجتماعية ؛ إنهم يفضلون في كثير من الأحيان عدم القيام بذلك. بدلاً من ذلك ، يختارون ببساطة أن يكونوا وحدهم للاستمتاع بأفكارهم واستبطانهم. وفي نفس الوقت فإن الشخص ذو الشخصية الانطوائية لا يشعر بالقلق عندما يكون ذلك ضروريًا للحفاظ على التواصل الاجتماعي.
من هنا يمكننا فهم كيفية خروج الشخص الانطوائي من عزلته والتفاعل مع محيطه وبل الابداع في التواصل مع بيئته وفي عمله وداخل المجتمع.
الانطوائية صفة شخصية، ليست سلبية كما يصفها البعض ربما تكون وليدة ظروف خاصة او مشاكل قد مر بها، ولكن بإمكان الفرد ان يقضي عليها وذلك من خلال الثقة بالنفس والتعود على مشاركة الاشخاص حواراتهم ولو كنت تعبر بعبارات بسيطة، المهم ان تنخرط في الاستماع لحواراتهم.
بما انك في بيئة العمل التي تتطلب العمل في جماعة ومناقشة المهام، فأنصحك بمرافقة صديق في العمل ترتاح له نفسيا، تتحدث معه في مواضيع شتى خارج العمل، وتدريجيا تتأقلم مع الحديث مع بقية العمال الذي يشتغلون معك.
اربِط قلبَك بالله، واجعل أهمَّ أهدافك متعلِّقًا بِمُناجاتك له، واستمدادِ الثِّقة منه؛ انتقل للتواصل الفِعلي مع الناس، بالاستفادة مما اكتسبتِه من الإنترنت وركِّز على الاهتمام بِمَن أمامك، عِوَضًا عن تركيزك على نفسك ومشاعرك، أخذ كورسات تطوير الذات وأكثر من قراءة كتب التنمية البشرية.
في انتظارِ أن تُبشِّرنا بأولى إنجازاتك، وانطلاقتك وفَّقَك الله، ونفع بك
نعم بالتأكيد. عندما كنت في المدرسة الثانوية كنت انطوائية لحد كبير، وكنت اكتفي بمجموعة قليلة من الأصدقاء والأشخاص الذين يمكنني أن أكون على طبيعتي معهم، وكنتُ نادرًا ما أشارك في الأنشطة الجماعية، ومجرد فكرة الحديث أمام عدد كبير من الأشخاص كانت تسبب لي الكثير من التوتر. ولكن عندما جاء الوقت لألتحق بالجامعة كنت مضطرة لأن أترك عائلتي وأصدقائي وأعود إلى بلدي مصر وحدي لأنني عشت أغلب طفولتي بالخارج، وبما أن كل شيء متعلق بتلك التجربة كان خارج منطقة راحتي كان عليّ تغيير شخصيتي لأخرى اجتماعية حتى أتمكن من التأقلم مع الوضع وخلق حياة جديدة لنفسي.
وبالفعل مع الوقت شخصيتي تغيرت 180 درجة، فخلال سنوات الجامعة اشتركت في العديد من الأنشطة الطلابية، وتطوعت في الكثير من الأماكن، وكنت متحدثة ومقدمة للعديد من الفعاليات في الجامعة أمام المئات من الأشخاص؛ لذا أشعر أنه بإمكاني تقديم بعض النصائح حول هذا الأمر.
- فأولًا وقبل كل شيء لتصبح واثقًا من نفسك وقادرًا على التغيّر عليك أن تصدق وتشعر أنك بالفعل كذلك وثق في قدراتك.
- وأيضًا عليك أن تعرف أنه ليس هناك كشافات تقوم بتسليط الضوء عليك كلما دخلت إلى مكان ما. فكثيرًا ما كنت أشعر بالخوف عند دخول مكان جديد وأشعر أن الجميع يراقبونني ويعرفون بمجرد النظر إليّ كما أنا متوترة ومحرجة، ولكن هذا ليس صحيح، فأغلب الناس يكونون مشغولون بالتفكير في أنفسهم ومحاولة التغلب على مخاوفهم التي تشبه مخاوفك إلى حد كبير.
- افعل الأشياء التي تخاف من القيام بها، فالمجازفة مع الوقت سيجعلك أكثر ثقة. خذ شيئا واحدًا في كل مرة وركز عليه وعلى رغبتك في التغلب على ذلك الخوف.
- التزم بأفكارك ومبادئك. لا تقاتل إذا كان شخص ما لا يتفق معك، فقط اعط رأيك وناقش بهدوء. أيضًا اطرح الأسئلة وشارك الناس شيء عن نفسك.
- والاهم، كن على طبيعتك. تقبل من أنت وبدلًا من محاولة أن تكون مثاليًا، تقبل فكرة أن الجميع يمتلك عيوب وفي حد ذاته هذا ليس عيبًا إنما طبيعة بشرية خالصة.
إجمالًا لتغيير أي طريقة تعامل، نصيحتي دائمًا أن يكون الذهن حاضرًا، بمعنى أن لا يترك المرء نفسه ينساق بطريقة التعامل التي ينقاد لها دون رغبة منه، بل أن يكون يقظ لتصرفاته ويحلل شعوره ليستطيع التغلب عليه، وبالنسبة للشخص الانطوائي دائمًا علينا أن نسأل هل أنا انطوائي لأنني أحبذ هذا؟ أم هناك أسباب ترغمني أن أكون انطوائي، مثل الخجل، أو قلة الثقة بالنفس، أو التفكير دائمًا بطريقة سلبية تجاه الآخرين فأفضّل عدم التعامل معهم؟
تحديد سبب المشكلة يعطي نصف الحل، إذا كنت تفضل الانطوائية فعليك أن تتخلى عن جزء منها في بيئة العمل وفق ما يقتضيه عملك، وذلك من خلال الذهن الحاضر الذي يمنحك القدرة على تقدير المواقف والتصرف المناسب الذي يجب فعله، وبذلك ستصبح أكثر اجتماعية في بيئة عملك، أما إن كان هنالك مشكلة أخرى خلف الانطوائية فيجب حلها أولًا ثم التركيز على التصرفات لتصبح أكثر اجتماعية .
التعليقات