لماذا ينظر المجتمع للمرأة المطلقة على إنها درجة ثانية؟

صحيح حمزة، أنا شخصيا لا أحب تلك المعاني أو المفاهيم المستوردة وتُطبع على العربي رغما عنه ويتحملها ويتخلق بها.

بدايةً أنا لم أنسب أصلها لأحد، لكن تحدثت عن الوضع الحالي، وكيف ينظر المجتمع العربي للمرأة المطلقة، أين ذهبت عادة أن العرب كانوا يتزوجون الأرامل والمطلقات لا أدري، ما هو سبب هذا التغير للنقيض برأيك؟

لدينا مثل وأظن أن لكم ما يشبهه هو "الرجل لا يعيبه إلا جيبه" بمعنى أن جيب الرجل هو المعيار, ولكن بعصرنا اليوم تلعب المكانة الاجتماعية دورا محوريا في تعيير الرجل أكبر من المال حتى, فلن يتقبل المجتمع زواج أستاذة جامعية من حارس باب الكلية أو رجل بدبلوم حرفي بغض النظر عن الجانب المادي.

كيف يمكننا تغييره إذن؟!

أظن أن الزمن كفيل بتغييره, لأن قيم المجتمع تتغير يوما بعد يوم, فبالماضي كان الطلاق خطأ فادحا وعيبا كبيرا, أما اليوم فنسب الطلاق مرتفعة بشكل مهول وصار بوسط عدد كبير من العائلات يوجد مطلقة أو اثنتان, وبالتالي المجتمع مع مرور الزمن لن ينظر إلى المطلقة كاستثناء, لأن عددا من الأجيال الصاعدة أمهاتهم مطلقات أو أخواتهم. نظرتهم للمطلقة كنظرتهم للأم والأخت.

هناك صعود لقيم أخرى, كمعيار المستوى التعليمي في تقييم الرجل مثلا, والذي لم يكن له وجود بالماضي القريب, حيث كما ذكرت بالمثال السابق هناك رفض من طرف النساء الزواج من رجال بمستوى تعليمي أقل منهن, وأظن أن الأمر سيتطور ليطال النساء أيضا فيرفض الرجال الزواج من نساء بمستوى تعليمي أقل منهم.

تخيل أن يكون سبب الطلاق هو أن المطلقة قد خانت زوجها مع رجل آخر لذلك قرر أن يطلقها هل في هذه الحالة هل سترضى ببداية حياة جديدة كما تقول؟ أترى؟ الأمر نسبي ويعتمد على السبب.

أختي المحترمة،أسلوب نقاشك فيه إشكاليات و مصادرات عديدة على الواقع،و بديهيات عليكي أن تأخذيها في عين الاعتبار دون أن أخبرك بها لكن الأمر الغريب جدا أنك لا تأخذينها في عين الاعتبار

حضرتك تقولين أنه في بلدك يحق للرجل ذو السبعين عاما و الذي على وشك الموت أن يتزوج بفتاة بكر،طيب و في بلدي نفس الأمر،و في أمريكا و أوروبا و في كل بلدان العالم و دساتيره و قوانينه يحق له ذلك،و أيضا نفس الشيء بالنسبة للمرأة المطلقة و التي عمرها تسعين عاما يحق لها الزواج بشاب بكر،في بلدي و بلدك و كل بلدان العالم لا يوجد قانون يجرم ذلك

أرجوكي ركزي معي،أنا ليس نقاشي حول ما يحق له و ما لا يحق له في الدستور و القانون و الأعراف،أنا نقاشي هل هذه الفتاة البكر التي تقدم لها هذا الرجل المطلق أو هذا العجوز السبعيني ستقبل به أم لا،هنا مربط الفرس،أكيد لو تقدم رجل مطلق أو سبعيني لفتاة بكر لن تقبض عليه الشرطة و لن يلاحقه القضاء و لن يصبح في عداد المحكومين إعدام،فلديه الحق الكامل في التقدم،لكن بالتأكيد لن تقبل به هذه الفتاة في الأحوال الطبيعية العادية

الآن ستقولين لدي أمثلة عن مطلقين و عواجيز تزوجوا بأبكار،الفكرة هنا ليست فكرة أن هؤلاء عواجيز و مطلقين و هؤلاء فتيات أبكار،هذا تفكير سطحي جدا،الفكرة ما هي صفات هؤلاء العواجيز و هؤلاء الفتيات الأبكار حتى تم هكذا زواج غير متكافئ،قد يكون هؤلاء العواجيز و المطلقين أغنياء جدا و من أعلى السلم الاجتماعي و الفتاة البكر من خلفية فقيرة جدا و من أدنى السلم الاجتماعي و قبيحة لا يطرق بابها أحد و لا يرغب بها أحد،عندها بالتأكيد أن مثل هكذا زيجة ستحصل،لكنها حصلت بسبب ظروف خاصة جدا و نادرة و ليست ضمن حالات الزواج الطبيعية العادية التي تحصل كل يوم،فهذا احتمال نادر جدا لا يقاس عليه،هل تريدين أن تقنعيني أنه لو تقدم عجوز عادي عمره سبعين سنة لفتاة عادية ستقبله بكل سرور،بالتأكيد لا لماذا تقبله و هناك عشرات الشباب العاديين الذين يتقدمون لها و هم على الأقل أصغر منه في العمر و لم يتزوجوا،بالتأكيد لن تقبل به و ستختار الشباب،هذا أمر شديد الوضوح لا يحتاج للكلام فيه

فكلامك أساسا ليس حجة و تعميمي جدا لأنه يأخذ حالة نادرة خاصة جدا و يفترض أن هذه الحالة هي الأعم الأغلب و ما يحصل يوميا في حالات الزواج لكن هذا ليس صحيحا،الفتاة العادية التي عمرها مثلا عشرين سنة ستجد أن الذي عمره 32 سنة كبير جدا عليها و شايب،تريدين تقنعيني أنها ستقبل بالمطلق و اللي عمره سبعين سنة الله يرضى عليكي أين تعيشين حدثي العاقل بما يعقل

كما قلت لكي لو حصل زواج بين مطلق و فتاة بكر عليكي أن تأخذي بعين الاعتبار أن مواصفات هذه الفتاة ليست مرغوبة و ضعيفة و لذلك قبلت به،نعم قد تكون أعلى منه اجتماعيا و علميا و بنت عائلة لكنها قد تكون فقيرة جدا و قبيحة

و للمعلومية كثيرات من النساء المتقدمات في السن في أواخر الثلاثينات و في الأربعينات و الخمسينات و أكثر تزوجن بشباب عشرينيين،رغم أنهن مطلقات و أرامل و كبيرات و هذا يحصل كثيرا جدا لأنهن ميسورات ماديا و في وضع اجتماعي ممتاز و هؤلاء الشباب فقراء و في وضع سيئ و استغللن هذا الأمر و يحق لهن ذلك و القصص على ذلك كثيرة جدا،و يكون هؤلاء الشباب سعداء و لم يعترض أحد،و لم تأتي الشرطة لتقبض على هؤلاء النساء و لم تقم محكمة من المحاكم بتجريم فعلتهن،لكن لا تتوقعي أن شاب عادي تسير حياته على ما يرام سيقبل مثل هذا الخيار

الآن فكرة أن كل الفتيات أو كل الشباب صاحبوا في المدرسة و الجامعة فكرة خاطئة كليا،أنا من الذين لم يصاحبوا و أعرف شباب و فتيات كثر يخافون الله و يضعون حدود للطرف الآخر و حتى لو حصلت مصاحبة قد تكون بمعنى الزمالة من أجل شؤون الدراسة و ليس أن تخرج معه و يخرج معها ،أعرف فتاة في الجامعة رغم أنها ليست متدينة في حياتها و طريقة لباسها لا تقبل أن يمشي زميلها معها فقط تكون معه من أجل شؤون دراسية بحتة،أنا لا أقصد عندما أقول تعرف رجلا آخر أو تعاشره بمعنى المعاشرة و المعرفة التعارفية فقط،بل أقصد أيضا من الناحية "الجنسية" حتى لو كان زواجا بالحلال معظم الشباب يفضلون أن يكونوا هم الرجال الأوائل في حياة زوجاتهم و يرون هذا من حقهم و لا يستسيغون أن يسبق لزوجاتهم التعاطي مع رجال آخرين من هذه الناحية

أنا يحق لي أن أبدي رأيي في فعل هذا الطبيب الشاب بالنقد أو التأييد له أو لأمه طالما أنكي طرحتي الموضوع للنقاش و لا أسقط شرعية ما يفعله بل ما يفعله شرعي تماما و يحق له ذلك،و أنا أقيس قراره من وجهة نظر العقل و المنطق المحايد المجرد عن تأثير العواطف،لم أتهم صديقتك بإغرائه،لكن مجرد قيامه بالحديث مع فتاة و رؤيتها بشكل متكرر عادي حتى لو لم تفعل أي شيء فإن هذا سيفتنه و سيؤثر عليه و هذه طبيعة الرجل فلفتنة المرأة تأثير قوي جدا عليه و عندما يتعرض لها و يكون تحت وقع تأثيرها سيحاكم الأمور و القرارات التي يتخذها بشكل مختلف تماما و سيقبل بأمور لن يقبلها في حال كان ذهنه صافيا خارج حدود هذا التأثير،لا سيما إن كان في عمر الشباب و ليس متزوجا و طيب القلب،لذلك وصفته بالمغفل ليس من ناحية أنه مغفل بل لأنه داخل وضع لو أبعد نفسه عنه قليلا لقال ماذا أفعل و ما هذا القرار الذي أتخذه و كيف أصبحت أقبل بذلك،ربما تجدين شابا لا يقبل الزواج إلا بفتاة جميلة لكنه لو كان كل يوم يلتقي بفتاة عادية و ليست جميلة يتكلم معها لنسي ما كان يفكر فيه و لفكر بها فللمرأة فتنة حتى لو لم تكن جميلة،و حتى لو كانت مطلقة أو كبيرة و أيا كان وضعها،و والدته تدرك كل هذه الأمور و هي ترى الأمر خارج حدود هذا التأثير الذي هو واقع ضمنه ولذلك تعمل على إيقاظه و برأيي أن ما تفعله صحيح و قد يكون لغيري رأي مختلف،أنا يحق أن أبدي رأيي و غيري يحق له لا مشكلة،مع اعترافي أنه لو تم الزواج بينهما و وافقت والدته ربما يعيشان سعادة لا حدود لها،لكن أنا أقيس الأمور بالمقياس العام و الطبيعي و لا أحكم على ما يفعله هذا الطبيب بالخطأ المطلق فهو مخطئ من ناحية السير الاعتيادي و الطبيعي للأمور لمن هم في مثل حالته و ليس خطأ بالمطلق أن يقوم هو بالتنازل عن وضعه الطبيعي و يخالف المعتاد بل هو خكأ في المقياس الطبيعي و العام و المحايد الذي يأخذ بالاعتبار كافة العوامل و يوالف بينها