في بعض الأحيان يمر الإنسان بصعوبات وهاذه في حد ذاتها ليست المشكلة ولكن عندما لا تجد أحد يساندك في هذا الأمر فهل تكتفي في أن تبقى وحدك لتواجه هذه الصعوبات أم تبحث عن أشخاص أخرين؟، بالنسبة لي عندما أواجه أي أمر اشاركة على حسوب وأرى ردة فعل الناس فأعي أني لست الوحيد الذي مر بهذه المشكلة ولكن ماذا عن الحياة الواقعية هل فعلا يجب على الإنسان أن يحيط أشخاص أخرين حوله لكي يمر من صعوبات الحياة بهم وإن لم يجد اولائك الأشخاص ماذا يفعل؟؟
هل تحتاج أحد؟
أرى يا محمد أنك قد ضمّنتَ إجابتك بين السطور دون أن تدري، حيث أنني أجد في الأمر استنتاجًا منطقيًا للغاية، متمثّلًا في أنك (تشارك المشكلة). ومن هنا يمكننا أن نخلص إلى أن وجود أشخاص حولنا يدعموننا ويقدّمون لنا يد العون ما هو إلّا أمر يعتمد علينا نحن في المقام الأول، وعلى قدرتنا أولًا على البحث عن العلاقات والسعي وراءها وتكوينها، وثانيًا قدرتنا على تصفية هذه العلاقات والعمل على استخلاص الصالح منها، والإطاحة بالطالح الذي لا يسبّب لنا الضرر أكثر من النفع.
في هذا السياق، أجد أن العديد من المشكلات يمكن خطّيها من خلال تشجّعنا على المشاركة، وعملنا الدؤوب على التواصل مع الآخرين بالطريقة المناسبة لهم ولنا، للخروج بالمزيد من التجارب التفاعلية معهم.
لا أتفق مع أصدقائي أبداً في ما ذكروا وفي ما ذكرت حضرتك، أنا لا أعتقد أننا بحاجة إلى أي أصدقاء مهما ضاقت علينا الحياة وازدادت مشاكلنا قسوة، أنا مثلاً، من أوّل هذه السنة وأنا لوحدي تماماً في بلد غير بلدي، لم أشعر أنني بحاجة إلّا إلى أهلي، أمي وخطيبتي، عدا ذلك نهائياً، وربما على العكس تماماً، مع كل ضغط جديد بالحياة أشعر بأن حالتي هذه قد تناسب مشاكلي، فكل ما زادت العزلة أكثر كلما استطعت التحكّم بحياتي أكثر.
لكن للأمانة لا أعتقد أنّ ما ينطبق عليك قد ينطبق عليّ بسهولة، لإنني ما أشعر بهِ بالضبط هو العزلة والعزلة دائماً إرادية، أما الوحدة هي الصعبة وهذه التي لم أعانيها بعد ولا أتوقّع أن أقع بها.
بكل تأكيد نحن بحاجة لغيرنا فهذه طبيعة الإنسان وفطرتة، ومن نعم الله علينا هذه الشدائد والصعاب التي نمر بها فهي تنقي من يقف معك فيها ومن يتخلي ومن يكمل الطريق، ورغم هذا يجب أن يتحلي الإنسان بالصلابة والتماسك لتجاوز الصعاب نعم نحتاج الدعم والمساندة ممن حولنا، ولكن الأمر لا يمنع كون الإنسان من الأساس متماسكاً في ظل الظروف التي يمر بها.
كما قال غسان كنفاني :
عليك أن تصنع من نفسك شخصاً لا يحتاج في الأيام الصعاب إلى ملجأ.
الإنسان كائن اجتماعي، ووجود أشخاص داعمين حوله يفرق معه نفسياً بصورة كبيرة جداً، ولكن الإعتماد على الآخرين أمارة ضعف، فإذا وجدت أن سبب سعادتك يتوقف على الآخرين لا بد أن تعيد النظر في نفسك فهؤلاء الآخرين لن يدوموا، فالإنسان رغم احتياجاته الإجتماعية يبتئس إن لم تكن لديه الإستطاعة لأن يحتوى نفسه ويتقرَّب منها، ويكون سنداً لها في الأوقات الصعبة.
أقول لك ذلك فيما يخص الحياة الإجتماعية على وجه الخصوص، لأن هذا سبب رئيسي من أسباب الإنتحار في وقتنا الحالي.
سمعت عن فتاة من قريتنا حين تركها خطيبها انتحرت، وكذلك شاب حكى لي قصته أحد الأصدقاء أنهى حياته بنفسه لأن زوجته توفاها الله وكان يحبها حباً شديداً، وشاب صغير لم يتجاوز الثمانية عشر عاماً انتحر لأنه لم يلتحق بالكلية التي ذهب إليها كل أصحابه.
لا أتفق مع فكرة ( أنا أحيا بالآخرين)
إن كان هذا يحدث في عالم الحيوان، فهذا لأن ذلك العالم تسوقه الغريزة، وهذا من الصعب أن يحدث في بني البشر نظراً للتعقيدات المرهقة للدارسين أنفسهم والتي تخص النفس البشرية والعقل البشري، هذه التعقيدات تجعل مشكلات الإنسان الحقيقية مخبئة بداخله، من الصعب أن يقتلعها من جذورها صديق أو قريب (إلا بنسبة معينة)، لذا ورغم أهمية وجود الآخرين في حياتنا، إلا ان الدور الرئيسي لكسب السعادة لا بد أن يكون هو دورنا نحن تجاه أنفسنا.
سمعت عن فتاة من قريتنا حين تركها خطيبها انتحرت، وكذلك شاب حكى لي قصته أحد الأصدقاء أنهى حياته بنفسه لأن زوجته توفاها الله وكان يحبها حباً شديداً، وشاب صغير لم يتجاوز الثمانية عشر عاماً انتحر لأنه لم يلتحق بالكلية التي ذهب إليها كل أصحابه.
هذا ليس سببه شعور الوحدة والعزلة، إنما كان ناتج عن عدم تحملها لهول الصدمة التي وقعت عليها الفتاة، وهذا الشاب شعر بأن عدم الالتحاق بالكلية التي يريدها يعني نهاية مصيره.
لا يمكن للإنسان أن يعيش منعزلاً، ولكن في الكثير من الأحيان أفضل مواجهة التحديات بصمت ودون مشاركة أحد فأقول لنفسي يكفيهم مشاكلهم فلا داعي لأن أزيد همومهم أو قلقهم... وبالتالي تقلص تدريجيًا دور الآخرين في حياتي واكتفي بأنني على يقين أنهم موجودين حين تقتضي الحاجة.
أفضل مواجهة التحديات بصمت ودون مشاركة أحد فأقول لنفسي يكفيهم مشاكلهم فلا داعي لأن أزيد همومهم أو قلقهم
أفعل ذلك ولكن هناك أشياء أشعر بأنني يجب أن أشاركها مع أشخاص أثق به، سواء مع أمي أو زميلتي وصديقتي وهكذا لكن لا يمكنني أن أثق في الاخرين حتى لو كانوا مقربين لي.
عموما عندما نسمع بأن هنالك 47 % من الناس يموتون بسبب أمراض القلب نتيجة الضغوط والنفسية التي يتعرضون لها على اثر كبت مشاعرهم وعدم البوم بما يعانون مه، قد يجعلنا نفكر كثيرا قبل أن نمتنع عن اخبار الاخرين بما نتعرض له وخلافه
كما قال روبرت غرين مؤلف كتاب (قوانين القوة ال ٤٨) أنه من الصحيح أن الوحدة تحميك من المشاكل ولكنها تعرضك لعدد أكبر مما تحميك لذلك يجب عليك على الدوام أن تحيط نفسك بأشخاص تكون واثقا فيهم قادرا على الاستفادة منهم لتتخطى الأزمات
ولكن مع ذلك فهذا لا يعني أنه من المستحيل عليك أن تتخطى الأزمة بمفردك ولكن يجب عليك التركيز والتفكير الصحيح وبعد أن تتخطاها عليك أن تحيط نفسك بدائرة من حولك فهذا يحعل من السهل تخطي الصعوبات...
التعليقات