قبل سبعة أيام إتصلت بي طالبة تدرس الماجستير من أجل عرض عمل كنت قد وضعته منذ شهر ،أخبرتها بأنني أخذت كفايتي من موظفين و لا أستطيع أن أجد لها مكانا فأخبرتني بأن وضعيتها المادية صعبة جدا و يجب أن تعمل لتعيل نفسها ،كلفتها بعمل بسيط فطلبت أن أدفع لها كل عشرة أيام ،اليوم إتصلت بي تريد أن أدفع لها ،أخبرتها بأن اليوم هو السابع و ليست على جدول الأجور فأدفع بأوقات مختلفة لعدد من الموظفين ،كنت قد طلبت منها أن تفتح حسابا بنكيا أو في البريد حتى حول لها الأجر بدون التنقل ،لكنها لم تفعل ...حين كنت أنتظر دوري لأرسل حوالة ويسترن يونيون ،فكرت بأن أقول لها بأن تتوقف عن العمل فهي زائدة و لا تنتج و الوقت الذي ضيعته في الإنتظار كثير جدا ،لدي أربع موظفين وظفتهم لأنهم طلبوا العمل بسبب ضروفهم القاهرة ،حين أتناقش مع الشركاء يخبرونني بأنهم عبء على المؤسسة فهي ليست مؤسسة خيرية ،مبدئي أن يكون هناك هناك نوع من الإنسانية في العمل ،فكتلة الأجور في المؤسسة صغيرة جدا ولا يضرها إضافة أو تبني عدد من الموظفين كما أنهم يخففون العبء على زملائهم فيمكن تكليفهم بمهام جانبية ...المهم ،ما رأيك في هذه الطريقة في التوظيف في زمن يتم إستغلال فرصة الكورونا لطرد الموظفين و تسريحهم ؟
ما رأيك في معاملة موظفيك بطريقة إنسانية في زمن يتم تسريحهم بدعوى الكورونا؟
لا تعطني سمكة ، علمني كيف أصطاد
أتفق معك في أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ننتزع الإنسانية من قلوبنا وعقولنا بحثا عن تحقيق المزيد من الأرباح ، ولكني أنظر للأمر بنظرة مختلفة بعض الشئ ..
عندما نتحدث عن طالبة تدرس الماجستير ، فبالتأكيد هي تمتلك من الخبرات الأكاديمية ما يمكنها من كسب الرزق وربما تمتلك من المهارات كثير ، ولكنها تحتاج لمن ينير لها الطريق ..
أعتقد أننا بقليل من المناقشة يمكننا أن نتعرف على أهم ما يميزها ، ويمكننا بخبراتنا توجيهها لتوظيف مهاراتها بالطريقة الأمثل ..
لا أمانع أبدا من تقديم الدعم المادي لها في البداية ، لكن أيضا الدعم المهني والفكري أمر مهم لا ينبغي أن نتغافل عنه .
ألا تتفق معي أننا بهذه الطريقة نكون قد قدمنا لها عونا حقيقيا وفي نفس الوقت لن تكون عبئا على الشركة أبدا ؟
قرات عن برامج لشركات تقوم بتوظيف مجموعة من الطلبة أو الباحثين للتفكير في حلول لمشاكل مستعصية أو مجرد تقديم الدعم أو الأفكار لخبراء الشركة ،ما أفكر فيه هو تدريبهم على مساندة الشركة في أنشطتها من خلال المشاركة في إنجاز الدراسات أو أي أفكار تدعم عمل فرق العمل ...سأفكر في جعلهم منتجين ،أو إلحاقهم ببرامج إعادة تأهيل مكثفة ،تجعلنا نستفيد منهم في النهاية
أقدر ما قُمت به وأحييك على الإنسانية التي تملكها:(
سأضع نفسي مكانك ، لو كُنت في شركة مثلك وكان لدي عدد من الموظفين بشكل كافِ ، وأتاني شخص يحتاج فعلًا أجرًا لإعالة نفسه وعائلته ، لن أقف مكتوفة الأيدي في ذلك الموقف بشرط أن يكون هذا الشخص قد يلتزم بعمله وربما يأتي بفكرة جيدة على العمل ، أي يُحدث شيئًا فارقًا في عمله لا أن يكون ثقلًا عليّ وعلى شركتي ، فإذن لِمَ لا أوظفه!
وفي نفس الوقت عند توظيفي لهذا الشخص المجتهد والفقير في نفس الوقت قد يبارك الله هذا العمل .
لكن سأقول لك شيئًا ، ربما أن سأتحرى عن هذا الشخص ، بأنه هل هو فعلًا يحتاج إلى أجر ما ، فما حصل معك عندما طلبتك الفتاة في اليوم السابع لهو أمر غريب ، أتفق معها بأن تدفع في اليوم العاشر وهي تطلبك في اليوم السابع وأنت لم تاخذ في حسبانك في الدفع أو توفير لها المبلغ !ربما هي محتاجة فعلًا وربما لا .
سؤالك محير جدًا جدًا، فكرت في وضع الشركة أنه توظيف أشخاص غير أكفاء هو بالتأكيد عبأ عليها، إلا إذا كنت وضعتهم من أجل المهام الجانبية كما قلت وهم يعرفون ما يريدونه وما يفعلونه تحديدًا وبذلك لا يكونون عبأ حقيقيًا، وفكرت في وضعهم كونهم محتاجين فعلًا للمال، لكن وجودهم في المكان الخطأ سيجعلهم عرضة للرحيل في أي وقت كما سيشعرهم هذا بجودة ما يقومون به ولا يطورون من أنفسهم أبدًا لأنهم بالفعل يدركون أنهم في المكان الصحيح
نعم ،فكرتي غير منطقية للشركاء ففي النهاية يجب أن يربحوا أكثر ما يمكن من الشركة ،كما أنني أعرف أن توظيفهم في المكان الخطأ قد يجعلهم يضيعون سنة أو أكثر بدون إكتساب خبرة أو عمل شيء ذو فائدة،أعرف أنه بمجرد غيابي أو فقداني لسلطة القرار سيتم التخلص منهم لكن تفكيري هو مساعدتهم على تحمل أعباء الحياة في هذا الضرف ...من ناحية رأسمالية يأكل من يعمل لكن يجب أن يكون هناك جانب إجتماعي للشركة أو المشروع...
التعامل بإنسانية لا يعني ان يكون الأمر خارج عن قواعد العمل الأساسية.
ما معنى ان يتم توظيف اشخاص دون حاجة لهم؟
ما هي المهام التي تُسند اليهم او الدور الرئيسي لهم؟
ما هو الشيء الذي يُمكنهم الاستفادة به او تعلمه من تلك الفترة ؟
ما حدث قد يُسبب ضرر لمكان العمل والموظفين ايضًا، قد يعتادوا على العمل والتوظيف بتلك الطريقة، ويتغاضوا عن اهمية مهاراتهم وقدراتهم العملية ويعتمدون فقط على الجانب الإنساني.
وبالمناسبة في احد المرات طُلب مني نشر اعلان وظيفي لمكان كنت اعمل به، وتقدمت لي احدى الفتيات بدون خبرة ولكنها حاولت ان تقنعني انها تحتاج الوظيفة وستحاول، اعطيتها فرصة مبدئية لكتابة نموذج تجريبي من المحتوى المطلوب، ولكنها ظلت اسبوع تخبرني كل يوم غدا ثم غابت يومين وعادت تقول انها مرت بظروف قاهرة، وطلبت فرصة ثانية ولكني لم استطع ان اضيع وقتي ووقت من وثق بي لأؤتي له بشخص مناسب لوظيفة ما!
ولكن انسانيًا حاولت مساعدتها وبحثت لها عن فرصة عمل اداري وساعدتني احدى صديقاتي ووفرنا لها فرصة عمل، ولكنها لم تستمر بسبب عدم التزامها بعد ان حصلت على راتب الشهر الأول، تغيبت وعادت بعد فترة تطلب العودة للعمل، ولكن المسئولين عن عملها لم يقبلوا!
لوهلة تخيلت ان ماحدث مع تلك الفتاة هو الاعتماد على التوظيف بدون خبرة، والاعتماد على الجانب العاطفي والإنساني..
اتفهم وجوب مرونة في العمل، واحيانًا تتطلب بعض الحالات مراعاة الجانب الانساني، ولكن لابد ان تكون الأمور واضحة من البداية .. بمعنى ان يوضح المتقدم للعمل ظروفه بشكل واضح، وعلى مسئول التوظيف اقرار ان كانت تلك الظروف تتناسب مع العمل ام لا، وان وجدت المرونة في الوظيفة التي تحتمل تلك الظروف لابد ان توضع قواعد لها، وكيف سيتم تنظيم العمل مع هذه الظروف..
عندما ذكرتِ انها لم تفتح حساب بنكي للراتب، التمست لها العذر وتوقعت ان ذلك بسبب ارتفاع تكاليف انشاء حساب بنكي بالنسبة لظروفها الحالية، او لكونها لا تملك دليل انها موظفة وغالبا ما تحتاج البنوك اثبات دخل، اما حساب البريد فبحسب ما اعرف في بلدي وفي اكثر من دولة عربية هو ليس مكلف اطلاقًا، وانشائه سهل.
ولذلك تعجبت من عدم تحركها لانشاء حساب بريدي حتى تأخذ راتبها، فهي لا تسعى لنفسها في شيء .
لا يحق لي ان اطلب منك الاستغناء عنها مع توضيح الأسباب التي تبرز لها الجوانب التي قصرت فيها، ولكن على الأقل حاولي انذارها بوجوب حل مشكلة استلام الراتب، والزميها بمهام تبرز كفائتها وجديتها في العمل، وان لم تفلح في الاثنين فما عليك سوى الاستغناء لأجلها ولأجل ان تعرف قيمة العمل وادابه وتفعل لنفسها شيئًا.
وان كنتِ تبحثين عن طريقة توظيف تتناسب مع الظروف وكورونا وترغبين في توظيف عدد اكبر من الموظفين، يمكنك تطبيق نظام العمل الجزئي، فبدلًا من توظيف موظف ل ٨ ساعات، يمكنك توظيف اثنين ل ٤ ساعات لكل منهما بنصف الراتب، علر ان تكون المهام متوازنة وتناسب القيمة التي يتقاضونها.
نعم أستعمل إستراتيجية التوظيف الجزئي ،أقوم بقسمة راتب موظف على أربع و أوظف أربع موظفين بعقود قصيرة الأمد قابلة للتجديد ثم أحتفظ بالأكفأ ،نحاول الصمود و التأقلم مع الوضع.
حساب البريد مجاني هنا ،كما أنه لو طلبوا منعا عقد عمل لأرسلت لها واحدا حتى تفتح به الحساب كما أن بطاقة فيزا البريد بخمسة دولارات تقريبا و تغني عن حساب البريد .كما أنني بعد أن أتفق مع الموظف الجديد بيومين أو ثلاث أرسل له مصروفا حتى يستطيع شراء إشتراك الأنترنت و أساله إن كان يحتاج حاسوبا أو إشتراك في coworking space
أرجو أن انجح في هذه الطرق من التوظيف في النهاية
اعتقد أن عليك النظر من جديد في المهام الموكلة لها، بمعنى آخر، لما لا توكل لها مهاما مُحددة أكثر وتُلزمها بمواعيد تسليم.
(حاول الاستفادة من توظيفها)، إن كنت تجد أنها ليست خبرة، أو لا تُنجز الأعمال كما هو مطلوب، فأبلغها بذلك.
وضح لها الأمر، الوضوح يُغني عن كل الأوقات التي ستضيع في الطريق، وستلجأ له في النهاية.
أخبرها أن عندها قصور في كذا وكذا، وأطلب منها الاهتمام بالعمل.
ومن ناحيتك ركز على توكيل مهام محددة لها، تتناسب مع الأجر التي تحصل عليه من خلال شركتكم.
في الأخير، عليك التأكد أن الأجر التي تحصل عليه يتناسب مع المهمة التي تؤديها.
وتصرفك أخلاقي، وإنساني، ولا تُلام عليه، بل أشكر الله أنه أنعم عليك بالتفكير في غيرك في ظل هذه المحنة.
ولا أرى أن علينا أن ننزع إنسانيتنا لنكون ضمن لائحة العمل الدولية، العمل في النهاية جزء من الحياة بأكملها، وإلم نساعد بعضنا البعض لن تسير الحياة على كل.
مدير أبي المباشر يتبع النظرية نفسها مع العمال في المصنع، وكثيرا ما يترك موظفين فقط لأنه يعرف جيدا أنهم بحاجة كبيرة للأموال، وصدّقني ولا مرة ندم على هذا، والله يرزقه من أوسع أبوابه يوما بعد يوم.
أفهم أن للعمل قوانين، لكنك قررت أن تتعامل بإنسانيتك من البداية، لذا فأنت تُعامل الله هُنا، وانتظر نتيجة ذلك منه أيضا.
خذ بالأسباب ولا تتراجع، زاد الله من أمثالك.
موقفك نبيل على المستوى الإنساني لكن لو نظرنا له نظرة عملية فهو ضار للطرفين سواء كانت الشركة وتحملها لنفقات ليست بحاجة لها ولا تحصل على فائدة منها، وأيضا للشخص نفسه فهو يقضي وقت ولا يتعلم شيئا وقد يكون رفضك له بطريقة إيجابية دون إشعاره بالإهانة وتوجيه لاستثمار مهاراته بالطريق الصحيح هو الأفضل له على المستوى البعيد.
أما عن التسريح في زمن الكورونا فالأمر مختلفا بعض الشيء فبالأساس الموظفون الذين تم تسريحهم ليسوا عبئا بالأساس ولكن نظرا لظروف الوباء أصبحوا عبئا على الشركة وهذا ظرف طارىء، والأفضل هنا هو دعم الموظف وعدم التخلي عنه كخفض الراتب مثلا فهو بالنهاية ساهم في تطوير هذه الشركة في فترة ما.
التعليقات