لم تكن تحمل من الدنيا سوى ضحكتها، ولا من الطفولة إلا عبثها البريء بين ذرات الرمل… كانت "غيثة" ابنة الأربع سنوات، ترسم على شاطئ سيدي رحال فصلاً من براءة الصيف، حين باغتتها سيارة رباعية الدفع تجر دراجة مائية، تخترق المكان الذي يفترض أن يكون ملاذًا للهدوء، وتدهسها أمام أنظار والدَيها… كأن الحياة لا قيمة لها حين تُهدَر في وطنٍ تعلو فيه أصوات المحسوبية على صوت الإنسان. سقط الجسد الصغير أرضًا، وانطفأ كل شيء. نُقلت غيثة وهي بين الحياة والموت، إلى
الردود الجاهزة… حين تتحوّل المحادثات إلى نشرات جوية
في البدء، كانت الكلمات تُقال من القلب، بكل صدق وعاطفة، تتدفق من النفوس إلى الأرواح. كانت المحادثات حوارًا حيًا ينبض بالأحاسيس والتفاصيل الدقيقة، لا مجال فيها للجمود أو الروتين. ثم تطورت الأمور، وأصبح الحديث يُكتب بعناية أكبر، تُصاغ الكلمات بشكل مدروس، وتختار الألفاظ لتناسب الموقف والظرف، فصار العقل هو سيد الموقف، والتفكير يعقبه التعبير. لكن في يومنا هذا، دخلنا حقبة جديدة، قد لا تخطر على بال كثيرين، وهي حقبة الردود الجاهزة، التي جعلت من التواصل شبيهًا بالنشرات الجوية التي تُذاع
أنا لا أُحب باعتدال… ولا أشرب قهوتي بارد
أنا فتاة لا تصلح للوسط. إما أن أحبّ بجنون، أو أختفي دون أثر. إما أن أضحك بصوت عالٍ، أو أضع السماعات وأتجاهل العالم كما لو لم أولد فيه أصلًا. هل أبدو هادئة؟ كذبة محترفة! في داخلي إعصار من الأفكار، وزوبعة من الشوق، وأغنية قديمة تجعلني أرقص في المطبخ وأنا أحمل ملعقة بدل الميكروفون. أنا لا أعيش… بل أفتعل الحياة كل يوم من جديد. أشتاق؟ نعم، أشتاق بشدة. لكنني لا أقول ذلك، بل أشرب قهوتي بنكهة الغياب، وأتناول قطعة حلوى تعوّض
"بين يديّ الدهشة الأولى"
كنت أطلُّ من نافذتي صباحًا، حين رأيت طيور الحب الصغيرة تتمايل فوق السلك كأنها تتهامس بأسرار لا تُقال، وتضحك على قلبٍ وقع في شِراك الحب ذات يوم… تذكّرت فجأة. بل لم أُرد أن أتذكّر. لكنه هو، الذاكرة التي لا تطلب الإذن لتعود. ذاك اليوم... لا زلت أشعر بدفئه في أطراف أصابعي. كنتُ خارجةً من البيت في رحلة بطول خمس دقائق إلى الدكّان، مرتدية ملابس عادية جدًا. في الواقع، كنت أشبه ببطلة كرتونية ضاعت من فيلمها فجأة. لا شيء مميّز، سوى
"اعتراف أنيق بالحماقة (مع قليل من الجنون كثير مني!)"
لستُ متّزنة كما يتوقّع البعض، ولا رزينة كما يليق بصورة فتاة تشرب القهوة ببطء وتبتسم بهدوء في زوايا الصور. أنا فوضى ناعمة تمشي على قدمين، يسابقني قلبي إلى كل شيء، ثم أركض خلفه وأنا أصرخ: "تمهّل يا أخي!" أسقط في الحب كما يسقط الناس على قشور الموز… فجأة، وبطريقة محرجة. أحبّ المجازفة، لا لشيء، فقط لأن الحياة بدون قليل من "خليني نشوف آش غادي يوقع" تصبح بلا نكهة. أتّخذ قرارات عظيمة، ثم أغيّر رأيي بثلاث ثوانٍ وكأن شيئًا لم يكن.
هل أستطيع أن أكون أمًّا… دون أن أضيع نفسي؟ 🌒🕊
كلما اقتربتُ من فكرة الأمومة، يهمس في داخلي سؤال لا يهدأ: هل يمكن أن أكون أمًّا… دون أن أفقد نفسي؟ دون أن تنطفئ الأحلام التي زرعتها في طريقي؟ دون أن أتنازل عن ذاتي شيئًا فشيئًا، حتى أصبح مجرد ظلّ؟ أحبّ الأمومة من أعماقي، لا لأنها واجبٌ اجتماعي، ولا لأنها مرحلة لا بدّ منها… بل لأنها نداء دفين يسكن قلبي، لأنني أشتاق لصوت صغير يناديني "أمي"، ويدين صغيرتين تبحثان عن أماني، ونظرات بريئة تجد في وجهي الوطن. لكن في الوقت نفسه…
مساء الخير… حين يأتي الحزن مع الليل 🌒🖤
مساء الخير… حين يأتي الحزن مع الليل 🌒🖤 مساء الخير… لكن أي خير هذا، حين يغزو الحزن القلب كلما حلّ المساء؟ حين تُطفأ أضواء النهار، ويعمّ السكون… يبدأ ضجيج الروح. في الليل، كل شيء يصبح أوضح… الأفكار، الذكريات، الخيبات التي خبأناها طيلة اليوم تحت ضحكةٍ متعبة. في الليل، لا مفرّ من القلب، لا مهرب من الذات. كم من مساء مرّ علينا ونحن نحاول أن نقنع أنفسنا أننا بخير… لكن الحقيقة أن صدورنا تضيق بشيء لا يُروى، وعيوننا تلمع بنعاسٍ ثقيل
"إلى من يمرّ من هنا..."
"إلى من يمرّ من هنا..." أعلم أنّ كلماتي الأخيرة حملت شيئًا من الحزن، وربما مسّت قلوبكم بطاقة لم تكن دافئة بما يكفي. أعتذر. لم تكن نيّتي أبدًا أن أنقل وجعي إليكم، ولا أن أجعل من هذه الزاوية مساحة للثقل أو الانكسار. كلّ ما في الأمر أنني كنت أبحث عن متنفس، عن مكان أضع فيه قلبي قليلًا، حتى لا يضيع مني في الزحام. أنا لا أكتب كي أرهق أحدًا، بل أكتب لأُرمّم نفسي، لأتوازن من جديد. ربما مررتم من هنا وأنتم
صباح الخير... وإن غبت
صباح الخير... وإن غبت. أنا هنا، أُحادث صمتك كل صباح، كأنني ما زلت أراك بين التفاصيل، أسمعك في اللاشيء، وأنتظر شيئًا لن يأتي. لقد غبت، ولا زلت أبحث عنك في الأماكن التي مررنا بها، في الكلمات التي قلتها، في الرسائل التي لم تكتمل... في كل ما تركته خلفك. لا أعلم لماذا اختفيت هكذا، دون وداع، دون حتى كلمة تبرر الغياب. تركتني أرتب الفوضى التي أحدثتها في داخلي، وأحمل وحدي كل علامات الاستفهام. كنت أظنّ أن ما بيننا يعني شيئًا، أن
بين قلبي وقلبي...
بين قلبي وقلبي... يا نفسي، ما زلتِ تحبين... رغم ما جرى، ورغم كل ما كُسر، ما زال في قلبك مساحة لذكرى، ونبض يهمس باسمه كلما خفَتَ ضجيج العالم. أشتاق إليه، لكنني أشتاق إليّ أكثر، إلى تلك الفتاة التي كانت تضحك بصدق، وتؤمن بأن الحب دفء لا يذوي. أعاتبك يا أنا، لأنكِ أنصتِّ له أكثر مما أنصتِّ لاحتياجك، ولأنكِ غفرتِ بينما كنتِ تضعفين... لأنكِ أحببتِ بحجم السماء، بينما لم تُحتَضَني حين ضاقت الأرض. رحل، وترك خلفه سؤالًا لا إجابة له، ووجعًا
بين قلبي وقلبي...
بين قلبي وقلبي... يا نفسي، ما زلتِ تحبين... رغم ما جرى، ورغم كل ما كُسر، ما زال في قلبك مساحة لذكرى، ونبض يهمس باسمه كلما خفَتَ ضجيج العالم. أشتاق إليه، لكنني أشتاق إليّ أكثر، إلى تلك الفتاة التي كانت تضحك بصدق، وتؤمن بأن الحب دفء لا يذوي. أعاتبك يا أنا، لأنكِ أنصتِّ له أكثر مما أنصتِّ لاحتياجك، ولأنكِ غفرتِ بينما كنتِ تضعفين... لأنكِ أحببتِ بحجم السماء، بينما لم تُحتَضَني حين ضاقت الأرض. رحل، وترك خلفه سؤالًا لا إجابة له، ووجعًا
أنا... كما لا يعرفني أحد
أنا... كما لا يعرفني أحد لا أكتب لأنني أريد أن أُعرَف، بل أكتب لأن شيئًا بداخلي لا يهدأ إلا حين يسيل على الورق. هذه الصفحة، ليست عني كما يراني الآخرون، ولا كما أريد أن أبدو… بل كما أكون، بيني وبيني. كل حرف هنا هو صدى لحظة، كل جملة محاولة لفهم إحساس عابر، وكل سطر هو حديث داخلي قرر أن يُكتب لا ليُقرأ، بل ليُشفى. لن تجدوا اسمي، ولا صورتي، ولن أخبركم من أكون. لكن ربما، بين السطور، تجدون أنفسكم… كما