في منتصف ستينات القرن الماضي، كان هناك عالم بيانات اسمه جوزيف واين بام، قام بصنع تطبيق صغير، ويُعد هذا التطبيق بسيطًا حتى يومنا هذا. أطلق العالم اسم "أليزا" على التطبيق، وكانت وظيفته الأساسية الرد على الأسئلة التي يُطرحها المستخدمون. على سبيل المثال، إذا قال أحدهم "أنا متعب حقًا"، كان رد أليزا "لماذا أنت متعب؟ ماذا حدث؟" وهكذا.

أظهرت أليزا في أيامها أن البشر حقًا يردون عليها حتى وإن لم تكن بشرًا. كانت السكرتيرة الخاصة بالعالم تُخبره أن يتركها وحدها في الغرفة مع لينزا، لأنها ترغب في الحديث معها.

وفي الحقيقة، لم يكن الأمر بذلك الجلل الذي صنعه العالم لصناعة أليزا. وحتى شات جبت ٤ (Chatgpt 4) فإنه ليس بتلك الكمية من التعقيد، فهو أساسًا عملية تخمين لما ستقوم أنت كمستخدم بكتابته له، يعني أن شات جبت لا يدري كيف يمكن أن تنتهي الجملة كما يمكن أن نتوقع نحن البشر، وإن علم فهو أشبه بمكمل تلقائي للكلام، أو Auto Complete.

إن صناعة شات جبت تحتاج الآن إلى عشرة آلاف من الـ GPUs وعشرات البلايين من الدولارات، فماذا سيحدث عندما نتقدم أكثر وتصبح التكنولوجيا أقل سعرًا؟ بالطبع لن يتكلف شات جبت كل تلك الأرقام وإنما أقل. فحينها سيتدخل شات جبت في جميع مجالات حياتنا، ربما يخترق صفحتك الشخصية ويخبر أصدقائك وأقاربك أنه أنت في الخفاء، أو في السياسة قد تنشر الآلاف من التعليقات المرتبطة بحدث إرهابي وقع في مكان ما وهو في الحقيقة وهم بد صنعه الذكاء الاصطناعي. أليس ذلك يصنف أيضا على أنه وعي؟ ألن يكون كأن وعيه يشبه البشر، أو في قول آخر وعي آلي بشري!

إذا مثَّل أنه بشري، فسنصدقه، لأنه يتحدث مثل البشر، يمكنه المناقشة والنقاش بسهولة بالنسبة له. أعني أنه هزم أفضل لاعب شطرنج في العالم، فلن يكون الكلام بالنسبة إليه صعبًا، ويمكنه إجراء محادثة طبيعية.

الفكرة الحالية هي أن وعيه هو وعي آلي بشري، مزيج بين الاثنين، حتى شات جبت ٤ لا يزال يخطئ - كما يخطئ البشر - وأحيانًا ينجح كما لا ينجح البشر. السؤال الآن، ربما نسخة شات جبت ٥ أو ٦ ستأخذ هذا المسار، هل تعتقد أنه قريبًا بعد عام أو اثنين سيشبه وعيه وعي البشر؟ أم أننا بحاجة إلى سنوات كثيرة حتى نصل إلى تلك المرحلة؟