لماذا تكثر المشكلات بين الطرفين بعد الطلاق؟" مسلسل رقم سري

للأسف  الطلاق لم يعد مجرد إنهاء لعلاقة، بل تحول إلى معركة إثبات من المخطئ ومن الضحية، وكأن الكرامة لا تُستعاد إلا بهدم صورة الآخر. المشكلة أن هذا الصراع لا يؤذي الطرفين فقط، بل ينعكس على الأبناء والمحيط الاجتماعي بأكمله. ربما السبب الأساسي هو أن كثيرًا من العلاقات تُبنى على التملك لا على الشراكة، لذلك حين تنتهي، لا يُنظر إليها كفصل طبيعي من الحياة، بل كخسارة يجب تعويضها بأي ثمن

مقالك يلامس واقعًا نشاهده يوميًا، حيث يتحول الطلاق من "نهاية علاقة" إلى "بداية معركة"، وكأن هناك جائزة كبرى لمن يخرج بأقل خسائر ظاهرية وأكثر مكاسب نفسية! أعجبني تسليطك الضوء على شخصية الطليق في "رقم سري" كمثال على التلاعب، لأننا نرى هذا السيناريو يُعاد مرارًا في الحياة الواقعية: أحد الطرفين يتفنن في إظهار نفسه كضحية نقيّة، بينما يُحرك الخيوط في الخفاء لخلق الفوضى.

لكن بصراحة، المشكلة ليست في الطلاق بحد ذاته، بل في عدم تقبّل الخسارة. البعض يتعامل مع الانفصال وكأنه مباراة لا يجوز الخروج منها خاسرًا، فيبدأ بجمع "نقاط الانتقام" عبر تشويه السمعة، استغلال الأبناء، أو حتى اختلاق دراما لا تنتهي. وكأن الهدوء والتعايش بعد الطلاق خيار غير متاح!

طرحك لسؤال "لماذا أصبح الانتقام هو الخيار الأول بعد الطلاق؟" جذاب جدًا، وأرى أن الإجابة ببساطة: لأننا لم نتعلم كيفية إنهاء العلاقات بنضج. في مجتمعنا، لا يزال الطلاق يُعامل كعار أو فشل، وليس كقرار قد يكون صحيًا لكلا الطرفين. ماذا لو رأينا الطلاق كفرصة لإعادة ترتيب الحياة بدلًا من كونه معركة لا تنتهي؟ ربما لو تمت مناقشة حلول مثل التثقيف العاطفي، الوساطة الأسرية، وحتى تغيير الصورة النمطية في الإعلام، لكان المقال أكثر تكاملًا.

بالمجمل، مقالك يضع يده على جرح اجتماعي حقيقي.

بعد الطلاق، من الطبيعي أن يمر أحد الطرفين – أو كلاهما – بمرحلة من التخبط، خاصة إذا كانت الحياة كلها قد بُنيت حول الشريك والأسرة. البعض يجد صعوبة في إعادة ترتيب أولوياته، لأنه اعتاد أن يكون الشريك محور يومه وقراراته.

لكن الأهم هو كيفية التعامل مع هذه المرحلة. إذا كان هناك أطفال، فلا بد أن تكون العلاقة قائمة على التفاهم والاحترام، لأنهم المتضرر الأكبر في أي صراع بين الوالدين. أما إذا لم يكن هناك أطفال، فمن الأفضل أن يسير كل طرف في طريقه دون نزاعات أو محاولات انتقام، فكل شيء قسمة ونصيب، والاستمرار في المعارك لن يغير شيئًا من الواقع.

الأفضل دائمًا هو تقبّل أن هذه مرحلة انتهت، والتركيز على بناء حياة جديدة، لأن التمسك بالماضي لن يجلب سوى مزيد من الألم.

منذ متى أصبح الانتقام جزءًا من المعادلة بعد الطلاق بدلاً من التفاهم والتعايش؟

اعتقد أن ذلك حدث منذ اعتماد الزواج على التوقعات الشخصية والمادية أكثر من اعتماده على التفاهم والاحترام المتبادل، في الماضي كان الزواج يعتبر شراكة حقيقية قائمة على الحب والرغبة في بناء حياة مشتركة، ولكن مع تغير المفاهيم وتدخل المصالح الشخصية، أصبح البعض يركزون على تحقيق مكاسب فردية حتى بعد الطلاق، وهذا التوجه أحيانًا يؤدي إلى تحول العلاقة إلى صراع بدلاً من إيجاد حلول مشتركة تضمن الحقوق وتخفف من الآثار النفسية، مما يساهم في تعميق الفجوة بين الطرفين بدلاً من التفاهم والتعايش.

لماذا تكثر المشكلات بين الطرفين بعد الطلاق؟

لأن الكثيرين يرون الطلاق كنهاية معركة وليس كنهاية علاقة، فيصبح الأمر محاولة لإثبات من كان على حق، بدلاً من التركيز على التعايش والتفاهم. الأذى العاطفي المتراكم، سواء خلال الزواج أو أثناء الطلاق، يجعل بعض الأشخاص غير قادرين على تقبل الخسارة أو المضي قدماً بسلام، فيلجؤون للانتقام أو إثبات براءتهم بأي وسيلة. أضف إلى ذلك الضغوط الاجتماعية التي تجعل البعض يشعر بأنه بحاجة لتبرير الطلاق، حتى لو كان ذلك على حساب تشويه صورة الطرف الآخر. المشكلة ليست في الطلاق نفسه، بل في طريقة تعامل الناس معه وكأنه معركة يجب الفوز بها

المجتمع في كثير من الأحيان لا ينظر إلى الطلاق كقرار طبيعي لإنهاء علاقة غير ناجحة، بل يراه فشلًا يجب تعويضه أو تبريره. في بعض الثقافات، يُتوقع من الطرفين، خاصة المرأة، أن تتحمل مسؤولية نجاح أو فشل الزواج، مما يدفع بعض الأزواج إلى محاولة تبرئة أنفسهم عبر تشويه صورة الطرف الآخر. كما أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تضخم هذه النزاعات، حيث يلجأ البعض لاستخدامها كمنصة لتصفية الحسابات بدلاً من حل المشكلات في الإطار القانوني والاجتماعي المناسب.

رأيت حالات طلاق تعامل فيها الطرفان بنضج واحترام، وحالات أخرى تحولت إلى معارك بسبب تدخلات الأهل أو الأصدقاء، مما جعل الأمور أكثر تعقيدًا. في إحدى التجارب التي شهدتها، بدأ الطلاق بهدوء، لكن مع مرور الوقت، تحول إلى صراع بسبب تضخيم الأحداث من قبل المحيطين بالطرفين، مما جعل العلاقة أسوأ بعد الانفصال مما كانت عليه أثناء الزواج.